لماذا يصر الطراونة على معاداة الشعب الأردني ؟!
تامر خرمه- خلافا لدبلوماسية الخصاونة، التي كان يحاول من خلالها إزالة الاحتقان الشعبي عبر إنجاز تسوية تاريخية بين السلطة وقوى المعارضة الرئيسية، ليضمن استقرار الليبراليين بعيدا عن تقلبات الطقس السياسي الذي يجتاح المنطقة برمتها، وبعيدا عن محاولة استدعاء حلفاء النظام التاريخيين للمشاركة في السلطة، بهدف القضاء على الحراك الشعبي عبر إعادة توزيع أوراق اللعبة السياسية، جاءت حكومة الطراونة لتعيد إنتاج سياسات الحرس القديم التي أوصلت الليبراليين إلى مراكز صنع القرار، قبل أن يمعنوا في سياساتهم المتناقضة مع مصلحة الفئات الشعبية والمصلحة الوطنية العليا على حد سواء.
لسنا بصدد الدفاع عن حكومة الخصاونة بقدر ما نود تسليط الضوء على الدرجة التي بلغها خلفه الطراونة في مناهضته للمطالب الشعبية، فالخصاونة كان لديه مشروعه الخاص الذي استوجب بعض الدبلوماسية الطفيفة في التعامل مع الحراك الشعبي، بينما أثبتت كافة القرارات والإجراءات التي اتخذتها حكومة الطراونة منذ بداية عهدها، تجاهل السلطة لكافة المطالب الشعبية، بل وإمعانها في تطبيق السياسات التي اوصلت البلاد إلى ما نشهده من ازمة تفاقمت على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.
الطراونة يمثل "فزعة" ما كان يعرف بـ "الحرس القديم" للنهج الليبرالي الذي انقلب جلاوزته على المرحلة السابقة، فجاء يلوح بالعصا دون الجزرة، متجاهلا كافة الظروف المحلية والإقليمية التي لا تحتمل مثل هذه السياسات.
رفع الأسعار والتلويح بـ "القبضة الأمنية" كان أول رسالة وجهها الطراونة للشعب الأردني، لتستمر القرارات الرسمية بعد ذلك في صدم الشارع الذي لم يتلق حتى الآن أي قرار يتسم بشيء من الإيجابية منذ مجيء هذه الحكومة.
وفي ردها على مطالب الشارع، أصرت الحكومة على التمسك بقانون الصوت الواحد، ليصبح إجراء الانتخابات النيابية ضربا من العبث الذي لا يمكن له تحقيق الرضا الغربي -الذي تسعى إليه السياسات الرسمية- في ظل المقاطعة الشعبية والسياسية الواسعة للانتخابات النيابية المرتقبة، نتيجة إصرار السلطة على إقرار قانون الانتخاب بصيغته الحالية.
وباختصار، باتت الحرية هي اكثر ما تستهدفه السياسات الرسمية، حيث لم تعد السلطة تحتمل تسليط الضوء على قضايا الناس وهمومهم، وكأنها ناصبت الشعب العداء، حتى قامت بإقرار قانون المطبوعات والنشر المعدل من أجل تقييد الحريات الصحفية وحجب الحقيقة عن الرأي العام.
بات من العبث انتظار أية خطوة على طريق الإصلاح السياسي بعد أن أثبتت حكومة الطراونة، ارتداد السلطة التنفيذية عن عملية الإصلاح، فالطراونة يسعى جاهدا على ما يبدو لإرضاء مراكز القوى دون ان يحاول الالتفات إلى المطالب الشعبية المتعلقة بالإصلاح السياسي والاقتصادي، الامر الذي يدفع باتجاه المزيد من التأزيم، ولا يشجع على التفاؤل بأي حال من الاحوال.
وفي هذا الصدد نوهت العين آمنة الزعبي إلى أن الحكومة الحالية لم تخرج عن سنة الحكومات السابقة التي لم تنسجم أبدا في سياساتها مع مطالب الشعب الأردني المتعلقة بالإصلاح الشامل والتأسيس لمرحلة قادمة تمكن من تفعيل الحياة السياسية.
وأشارت إلى أن مجلس النواب يتحمل المسؤولية إلى جانب الحكومة في تشويه قانون الانتخاب الذي قدمته حكومة الخصاونة، حيث ان التعديلات التي تم إجراؤها على هذا القانون زادت من تشوهاته لينحدر من سيء إلى أسوأ.
أما النائب جميل النمري فقد وصف حكومة الطراونة بأنها "حكومة الردة عن الإصلاح" التي اتخذت موقفا معاديا للحركة الشعبية، حيث أن كل ما صدر عن هذه الحكومة من قرارات وإجراءات يمثل توجهات قوى الشد العكسي، على حد تعبيره.
وأشار النمري إلى ان مختلف القوانين والقرارات التي صدرت عن الحكومة تتناقض تماما مع مطالب الإصلاح السياسي، ابتداء من قانون الانتخاب إلى قانون المطبوعات والنشر، ناهيك عن القرارات الاقتصادية التي تتناقض مع مصالح الناس.
ومن جانبه لفت المهندس علي أبو السكر، رئيس مجلس شورى حزب جبهة العمل الإسلامي، إلى ان حكومة الطراونة، كسابقاتها من حكومات متعاقبة، ليست منتخبة من الشعب الأردني، لذا ستكون بالضرورة بعيدة عن إمكانية معالجة استحقاقات المرحلة والاستجابة لمطالب الشعب الأردني.
وأكد أبو السكر ان هذه الحكومة "تمضي منذ مجيئها في خط تصادمي مع الشعب الأردني، حيث لم يتم دفن الصوت الواحد، كما لم يحاول الطراونة الحوار مع الاحزاب السياسية والمكونات المجتمعية فيما يتعلق بتشكيلة الحكومة وبرامجها"، على حد تعبيره.
ونوه إلى ان كل ما يصدر عن حكومة الطراونة من تصريحات ومواقف يدفع باتجاه التأجيج عوضا عن إيجاد حل للازمة القائمة، مشدداً على أنه ليس بمقدور هذه الحكومة الوصول إلى أية حلول من شأنها تحقيق طموح ومطالب الشعب الأردني.