طريق باتجاهين
د. حسن البراري
جو 24 :
سألني أحد الخبراء الأمريكان قبل عقد من زمان عن رأيي فيما يتعلق بالسبب وراء إخفاق الجانب العربي في المساهمة في صياغة سياسة واشنطن بشكل يخدم القضية العربية ولماذا يكون التأثير دائما باتجاه واحد، ومع معرفتي الأكيدة بأن "المسؤول ليس بأعلم من السائل" فقد كانت اجابتي العفوية هي أن الطرف العربي لم ينجح في أن يكون صديقا موثوقا لواشنطن أو مصدرا لتهديد المصالح الأمريكية يؤخذ على محمل الجد. وكنت دائما أعتقد بأن الطرف العربي هو من يسترضي الجانب الأمريكي وبخاصة في ظل دعم أمريكا لمقاربة الاستقرار وما يستلزمه ذلك من دعم للطغاة على حساب التحول الديمقراطي. إلا أن رؤيتي للموضوع برمته تطورت في خضم ما يجري وبت أكثر ميلا للقول أن هناك امكانية بأن يكون التأثير باتجاهين وهو ما سأناقشه في مقال اليوم.
فعلى وقع التطورات الأخيرة في سوريا والحديث عن تحول دمشق إلى منطقة غير آمنة للنظام واحتمال نقل مقر النظام إلى طرطوس، يمكن القول إن المشهد الإقليمي أصبح ملبدا بالغيوم وأن المنطقة باتت مفتوحة على سيناريوهات جديدة.. فقد كشفت سلسلة الهزائم العسكرية التي منيت بها قوات الأسد تصدعا كبيرا في شبكة تحالفات الأسد الداخلية والخارجية والتي باتت توصف بأنها أوهن من بيت العنكبوت في وقت قام الداعمون الإقليميون للثورة السورية بتصليب تحالفاتهم التي أحدثت فرقا داخل سوريا وأقنعت إدارة أوباما بأنه لا يمكن أن تنتصر بلاده في الحرب على داعش من دون التخلص من الأسد، فالواقع يشير إلى أن بقاء الأسد هو نقطة الجذب التي مكنت داعش من تجنيد المتطوعين.. وفي ذات السياق أكدت قبل أيام قليلة سفيرة واشنطن إلى الأمم المتحدة السيدة سامنتا باور في مقابلة لها مع شبكة إل بي بي أس بأن المقاتلين الأجانب يتدفقون إلى سوريا لقتال الأسد الذي تستخدم قواته البراميل المتفجرة والكلور وأن نظام الأسد لم يعد يتمتع بأي شرعية.
لا يبدو أن استغاثة النظام السوري بإيران ستغير من واقع الحال، فزيارة وزير الدفاع السوري فهد جاسم الفريج إلى إيران بعد سلسلة من الانتكاسات العسكرية لم تفض إلى تحول في الوضع الميداني، فالمعادلة الميدانية في شمال سوريا تغيرت وتحول النظام (الذي فشل في استغلال انتصاراته العسكرية السابقة للتقدم في مبادرة سياسية مقبولة) إلى موقف دفاعي. فقادة إيران باتوا يدركون اليوم أكثر من أي وقت مضى بأنهم لم وربما لن يتمكنوا من تسويق نظام بشار الأسد أو إعادة تأهيله حتى في سياق الحرب على داعش.. واللافت أن روسيا بدأت تبعث بإشارات تفيد بأن دموية ووحشية النظام لا يمكن الدفاع عنها.
التحول جاء من الخليج الذي أعادة ترتيب أولوياته الإقليمية وأخذ زمام المبادرة ليقود الدول السنية خلف مقاربة إستراتيجية واضحة بمعايير لم يسبق أن تم الإفصاح عنها. وبالفعل تمكن التحالف السعودي القطري التركي من التأثير على الموقف الأمريكي بشكل واضح، فلم يعد أوباما في موقف يمكن له الدفاع عن إستراتيجيته الفاشلة في سوريا، فالحسم الخليجي التركي وفشل إيران في الدفاع عن حلفائها شكل استفاقة من نوع جديد في المنطقة ودفع إلى السطح بشراكة مع الولايات المتحدة على قاعدة واضحة تفيد بأن الانتصار على داعش يستلزم التخلص من الأسد.
فعلى وقع التطورات الأخيرة في سوريا والحديث عن تحول دمشق إلى منطقة غير آمنة للنظام واحتمال نقل مقر النظام إلى طرطوس، يمكن القول إن المشهد الإقليمي أصبح ملبدا بالغيوم وأن المنطقة باتت مفتوحة على سيناريوهات جديدة.. فقد كشفت سلسلة الهزائم العسكرية التي منيت بها قوات الأسد تصدعا كبيرا في شبكة تحالفات الأسد الداخلية والخارجية والتي باتت توصف بأنها أوهن من بيت العنكبوت في وقت قام الداعمون الإقليميون للثورة السورية بتصليب تحالفاتهم التي أحدثت فرقا داخل سوريا وأقنعت إدارة أوباما بأنه لا يمكن أن تنتصر بلاده في الحرب على داعش من دون التخلص من الأسد، فالواقع يشير إلى أن بقاء الأسد هو نقطة الجذب التي مكنت داعش من تجنيد المتطوعين.. وفي ذات السياق أكدت قبل أيام قليلة سفيرة واشنطن إلى الأمم المتحدة السيدة سامنتا باور في مقابلة لها مع شبكة إل بي بي أس بأن المقاتلين الأجانب يتدفقون إلى سوريا لقتال الأسد الذي تستخدم قواته البراميل المتفجرة والكلور وأن نظام الأسد لم يعد يتمتع بأي شرعية.
لا يبدو أن استغاثة النظام السوري بإيران ستغير من واقع الحال، فزيارة وزير الدفاع السوري فهد جاسم الفريج إلى إيران بعد سلسلة من الانتكاسات العسكرية لم تفض إلى تحول في الوضع الميداني، فالمعادلة الميدانية في شمال سوريا تغيرت وتحول النظام (الذي فشل في استغلال انتصاراته العسكرية السابقة للتقدم في مبادرة سياسية مقبولة) إلى موقف دفاعي. فقادة إيران باتوا يدركون اليوم أكثر من أي وقت مضى بأنهم لم وربما لن يتمكنوا من تسويق نظام بشار الأسد أو إعادة تأهيله حتى في سياق الحرب على داعش.. واللافت أن روسيا بدأت تبعث بإشارات تفيد بأن دموية ووحشية النظام لا يمكن الدفاع عنها.
التحول جاء من الخليج الذي أعادة ترتيب أولوياته الإقليمية وأخذ زمام المبادرة ليقود الدول السنية خلف مقاربة إستراتيجية واضحة بمعايير لم يسبق أن تم الإفصاح عنها. وبالفعل تمكن التحالف السعودي القطري التركي من التأثير على الموقف الأمريكي بشكل واضح، فلم يعد أوباما في موقف يمكن له الدفاع عن إستراتيجيته الفاشلة في سوريا، فالحسم الخليجي التركي وفشل إيران في الدفاع عن حلفائها شكل استفاقة من نوع جديد في المنطقة ودفع إلى السطح بشراكة مع الولايات المتحدة على قاعدة واضحة تفيد بأن الانتصار على داعش يستلزم التخلص من الأسد.
وعلى نحو لافت، طلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما قبل أيام قليلة من فريق الأمن القومي أن يجري مراجعة أخرى على إستراتيجية سوريا بعد أن استبطن بأنه لن يتمكن من إلحاق هزيمة بتنظيم داعش بمعزل عن عملية انتقال سياسي في سوريا وإزاحة بشار من الحكم. وفي هذا اعتراف ضمني بأن إستراتيجيته السابقة فشلت وأن هناك سوء تقدير كبيرا عندما اعتقد بأن هزيمة داعش في العراق عن طريق إقامة تحالف الأمر الواقع مع إيران ممكنة دون التخلص من بشار.
يجب أن تستثمر دول الخليج وتركيا هذا الإنجاز وتبني على حقيقة أنه بالإمكان التأثير في إستراتيجية الولايات المتحدة، بمعنى أن الشراكة والتأثير في العلاقة مع الولايات المتحدة هي طريق ذات اتجاهين، وهكذا يمكن فهم تصريحات رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونجرس الأمريكي أد رويس عندما قال إن الضغط الذي مارسته دول الخليج وتركيا على الولايات المتحدة أثمر وأجبر أوباما على إحداث مراجعة إستراتيجية إدارته المتعلقة بسوريا.
بعد أيام قليلة سيعقد لقاء في كامب ديفيد يستضيف فيه الرئيس أوباما قادة دول الخليج العربي التي أظهرت في الأشهر الأخيرة بأنه أكثر وحدة من أي وقت مضى، وهي قمة ستحدد فيها شروط اللعبة الإقليمية لسنوات قادمة، ويمكن القول إن دول الخليج تمكنت من إعادة التوازن المفقود في المعادلة الإقليمية بشكل يسمح لها بأن تؤثر في موقف واشنطن، فالحزم في اليمن وانتصارات الثوار في سوريا وتقهقر إيران كلها أوراق بيد قادة دول الخليج في العلاقة مع إدارة أوباما. وما من شك أن الدول الخليجية تتوحد خلف موقف مفاده أن الاستقرار الإقليمي لن يتحقق إلا بحل الأزمة السورية وأن الإبقاء على بشار الأسد يعني أن الأزمة ستستمر وأن العنف سيستشري وأن المنطقة ستصبح على فوهة بركان وأن هذه الدول ستقوم بما يلزم لحماية أمنها بصرف النظر عن التفاهمات الأمريكية الإيرانية.
بكلمة، يكمن القول إننا نشهد بداية بزوغ فجر جديد في المنطقة وأن دولا عربية في الإقليم تحولت إلى لاعب إقليمي يمتلك هامشا معقولا من المناورة وقادرا على التأثير في المعادلات السياسية والموازين الإستراتيجية الجديدة، والأهم ربما هو تولد انطباع جديد في الغرب عموما وفي واشنطن بشكل خاص يفيد بأن أطرافا عربية ترتبط بواشنطن بعلاقات إستراتيجية وتحالفات وثيقة لم تعد تنتظر واشنطن وأنها على أتم الاستعداد للتصدي لمصادر التهديد كما تراها هذه الدول وليس كما تراها واشنطن، التحول في الموقف الأمريكي الأخير، وقبول واشنطن بوجهة النظر العربية هي مؤشر لمثل هذا الفجر الجديد..
يجب أن تستثمر دول الخليج وتركيا هذا الإنجاز وتبني على حقيقة أنه بالإمكان التأثير في إستراتيجية الولايات المتحدة، بمعنى أن الشراكة والتأثير في العلاقة مع الولايات المتحدة هي طريق ذات اتجاهين، وهكذا يمكن فهم تصريحات رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونجرس الأمريكي أد رويس عندما قال إن الضغط الذي مارسته دول الخليج وتركيا على الولايات المتحدة أثمر وأجبر أوباما على إحداث مراجعة إستراتيجية إدارته المتعلقة بسوريا.
بعد أيام قليلة سيعقد لقاء في كامب ديفيد يستضيف فيه الرئيس أوباما قادة دول الخليج العربي التي أظهرت في الأشهر الأخيرة بأنه أكثر وحدة من أي وقت مضى، وهي قمة ستحدد فيها شروط اللعبة الإقليمية لسنوات قادمة، ويمكن القول إن دول الخليج تمكنت من إعادة التوازن المفقود في المعادلة الإقليمية بشكل يسمح لها بأن تؤثر في موقف واشنطن، فالحزم في اليمن وانتصارات الثوار في سوريا وتقهقر إيران كلها أوراق بيد قادة دول الخليج في العلاقة مع إدارة أوباما. وما من شك أن الدول الخليجية تتوحد خلف موقف مفاده أن الاستقرار الإقليمي لن يتحقق إلا بحل الأزمة السورية وأن الإبقاء على بشار الأسد يعني أن الأزمة ستستمر وأن العنف سيستشري وأن المنطقة ستصبح على فوهة بركان وأن هذه الدول ستقوم بما يلزم لحماية أمنها بصرف النظر عن التفاهمات الأمريكية الإيرانية.
بكلمة، يكمن القول إننا نشهد بداية بزوغ فجر جديد في المنطقة وأن دولا عربية في الإقليم تحولت إلى لاعب إقليمي يمتلك هامشا معقولا من المناورة وقادرا على التأثير في المعادلات السياسية والموازين الإستراتيجية الجديدة، والأهم ربما هو تولد انطباع جديد في الغرب عموما وفي واشنطن بشكل خاص يفيد بأن أطرافا عربية ترتبط بواشنطن بعلاقات إستراتيجية وتحالفات وثيقة لم تعد تنتظر واشنطن وأنها على أتم الاستعداد للتصدي لمصادر التهديد كما تراها هذه الدول وليس كما تراها واشنطن، التحول في الموقف الأمريكي الأخير، وقبول واشنطن بوجهة النظر العربية هي مؤشر لمثل هذا الفجر الجديد..