2024-11-13 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

النظام في الأردن يواجه ريحاً شرقية بقبضات أمنية !

النظام في الأردن يواجه ريحاً شرقية بقبضات أمنية !
جو 24 : معاذ ابو الهيجاء - أصبحت قضايا الفساد في الأردن على كل لسان، بحيث شكلت مادة يومية، تتناولها الصحف اليومية، والمواقع الالكترونية المحلية، والعالمية على حد سواء، ولكنها لم تعد تقتصر على الحديث الإعلامي، بل بدأت تأخذ منحنى خطيرا في "فسيفساء الشارع الأردني" الذي تفجر وأخرج حممه، كـبركان ثائر لم يكن أحد يظن أنه سيثور في يوم من الأيام، وبقي خارج عقلية المسيطرين على الحكم .

النظام السياسي الأردني- ووسطه السياسي -الذي يدور في فلكه- وقواه الأمنية كانت تتخوف من الرياح الغربية، أن تهب في وجها مرة أخرى كما فعلت في حقبات سابقة، بيد أن الرياح التي هبت على خيمة النظام ، كانت شرقية هذه المرة ومن مناطق عرفت في ما سبق أنها أحد أقوى أوتاد تلك الخيمة.

كانت ذيبان حجر " الدومينو" الذي سقط، وأسقط معه بقايا الحجارة! اشتعلت الطفيلية، والكرك، وعَمان، وجرش وعجلون وانطلقت النخب السياسية والفكرية والحزبية تؤيد حراك الشباب المثقل بالفقر والبطالة، وارتفاع الأسعار المستمر، وتدني مستوى العيش تحت مطرقة الضرائب، وهو يرى مقدرات بلده تباع أمامه، من قبل الفاسدين. وأصبح المشهد واضحا أمامهم أكثر من أي وقت مضى جسده المثل القائل" حاميها حرميها" في إشارة إلى تورط شخصيات اعتبرت في لحظة ما شخصيات وطنية !!!.

الحراك الشبابي ازداد قوة وعنفوانا، فأصبح أكثر تنظيما وقدرة على الانتشار، وبات بمقدوره جمع قواه الشعبية بغضون ساعات قليلة، كثر عدده وانطوى تحت جناحه العديد من الفئات، المترددة، اليائسة، والمحبطة ، ساعده في ذلك أجواء المنطقة الساخنة في ظل ربيع عربي، وعجز الحكومات "الفاضح" عن تقديم حلول جذرية، ومجلس نواب أصبح في نظر العديد منهم بأنه " مسيطر عليه أمنيا".

ثرثرة فوق الدوار الرابع: الضرب بيد من حديد

أدرك النظام السياسي النظام السياسي الأردني بكل مكوناته، سخونة الموقف، وأنه لابد من العمل على احتواء غضب الشارع في أسرع وقت ممكن، خوفا أن يصل لمرحلة " كسر العظم".

كان بداية الأمر الإعلان عن حزمة من الإصلاحات، وركوب موجتها أمام الناس فأعلن عن محاربة الفساد، وعن وضع تشريعات ناظمة للعمل السياسي، فتم وضع قانون للمحكمة الدستورية، وقانون أحزاب، وقانون انتخابات، وهيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات البرلمانية.

بيد أن هذه الحلول وغيرها لم تفلح في إيقاف مد الشارع، والذي صار يرى أن الحكومة متلكئة في وضع الحلول، خصوصا في ظل ما يشهده من ارتفاع مذهل لأسعار وغلاء للمعيشة.

سارع النظام بالكشف "الاستعراضي" عن العديد من ملفات الفساد، وتقديم بعض أكباش الفداء لعله بهذا العمل يستطيع أن يفرغ مشاعر الغضب، وأن يقدم نتائج محسوسة للناس، إلا أن عدم رؤية ملفات حقيقة تعالج من قبل الحكومة، واستمرار مجلس النواب بتبرئة المسؤولين في العديد من القضايا الضخمة والإستراتيجية التي رفعت له، جعلت الشارع مصمما على الاستمرار بالحراك الذي بدا أكثر ثقة بنفسه، بعد أن أصبح قادرا على التحرك بسرعة، وتجميع صفوفه خلال ساعات قليلة لمواجهة السلطة بكل شجاعة وبسالة، والضغط عليها للسير في تحقيق مطالبه.

استقر أخيرا في عقل النظام استخدام الخيار الأمني في قمع الناس، وعدم الرحمة في التعامل معهم.

بدأ النظام باستخدام القوة المفرطة في حق المتظاهرين، فكانت أول الضربات الموجعة في اعتصام دور الداخلية بشهر 3 من عام 2011 ولكن الحراك بقي مستمرا، وجاءت أحداث ساحة النخيل لتؤكد إصرار النظام على الحل الأمني.

إلا أن الحراكات الشعبية بقيت مستمرة، وتزداد عددا، وإصراراً على المضي في طريق الإصلاح، كان آخرها حراك أهل الطفيلة الذي أسفر عن حملة اعتقالات لناشطين وتحويلهم للمحاكم.

انتفض الشارع الاردني مرة أخرى على الاجراءات التصعيدية من قبل الحكومة في اعتقال الناشطين في الطفيلة، وقرروا الزحف نحو الدوار الرابع، وبدأوا اعتصامهم " السلمي" الذي لم يخلوا من عبارات فهم منها أنها تدعوا لإسقاط النظام !

وجدت العقلية الأمنية فرصة في إثبات ولائها للملك، والعصف بالقوى الحراكية لعلها في هذه المرة" تئد" هذا الفئة التي باتت مصدر إزعاج دائم لها ولمن يحركها.

فشنت هجومها على الشباب السلمي، وبدأت بالاعتقالات الواسعة والضرب لكل من تناله يدهم، لم يفرقوا أبدا بين صحفي أو ناشط، أو صغير أو كبير، بل كان الهدف منصب على أمر واحد وهو توجيه رسالة لكل الناشطين "أننا لا نرحم في نهاية المطاف" وللصبر حدود.

استعاد الحراك أنفاسه بسرعة، بعد ضربة " الرابع" وأدرك أنه خسر المعركة ولكنه لم يخسر الحرب، فتحرك مرة أخرى وبذات اليوم أمام شرطة شرق عمان، بهدف معرفة أمكان المعتقلين، والضغط على النظام لإخراجهم، ولكن العقلية الأمنية استمرت بالقمع و التعذيب الرهيب، وظهرت سوابق خطيرة لم يشهدها الأردن من قبل وهي التعذيب في أماكن التوقيف، وتوجيه التهم للمعتصمين بالعمل على تقويض نظام الحكم لعلهم يبررون قمع الناس، وإخافة الشارع من توجيه ذات التهم لكل معتصم أو ناشط إن فكر في التحرك مرة أخرة.

فشل النظام لحد الآن في إخماد الحراك وامتصاص نقمة الشعب، ولم تنجح القبضة الأمنية، ولا قوتها في ايقاف موجات الغضب الشعبية، والتي بقيت مستمرة حتى الآن في الطفيلة، والتي قررت الاستمرار في الاعتصام بشكل يومي.

فهل يستمر النظام السياسي بالتفكير بالعقلية العرفية الأمنية التي سادت في حقبات مضت أم يعيد التفكير مرة أخرى في حلول جذرية تبدأ بإطلاق سراح المعتقلين، وإعادة فتح ملفات الفساد، ومحاكمة المسؤولين، وإيجاد خطط اقتصادية من شانها إنعاش المواطن الاردني، وجعله يلمس نتائج حقيقة على أرض الواقع.

محاربة الفساد في الأردن بين الحقيقة والخيال :

تدعي كل حكومة بذل الوسع في محاربته الفساد، وليس كل ذلك لأن الفساد طارئ، أو اكتشاف حديث، أو أن الحملة على الفساد حقيقة وعمل ذاتي من أجل إنهائه، فالمطروح هو مكافحة الفساد، وهو عمل اُلزِمت به الحكومات المتعاقبة، كبند من بنود برنامج التصحيح الاقتصادي، فكما أن برامج التصحيح تحوي شروطاً نحو تخفيض العملة وبيع مؤسسات القطاع العام، وفرض ضرائب جديدة، ورفع الدعم عن بعض السلع، لتتمكن الحكومة من توفير السيولة اللازمة لتسديد فوائد القروض، فإن برامج التصحيح تشترط أيضا لتوفير هذه السيولة تخفيض الإنفاق الحكومي، وإعادة هيكلة الجهاز الوظيفي للدولة ومعالجة الترهل الإداري، ومن ذلك محاربة الفساد المالي والحدّ من إهدار المال العام.

هذه هي حقيقة الحملة على الفساد، فما هي إلاّ "شهادة حسن سلوك" تتقدم بها كل حكومة جديدة في بيانها الوزاري لصندوق النقد الدولي والدول المانحة للقروض والمساعدات.

أما على أرض الواقع فإن أعمال مكافحة الفساد تأخذ أبعادا تنحصر في الإيقاع ببعض أكباش الفداء، وتصفية بعض الحسابات، وإفساح المجال أمام فاسدين جدد، وحين أوجِدت دائرة مكافحة الفساد جرى ربطها بدائرة المخابرات العامة، حتى يمكن استخدامها في تهديد بعض رجالات الوسط السياسي وحرقهم إذا اقتضى الأمر.

ويبقى الفساد، ويستمر الفاسدون المفسدون في تولي أعلى المناصب في الدولة، بينما تتسلى الصحافة بالقضايا التي يباح الحديث فيها، والأشخاص الذين تهدر سمعتهم.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير