لماذ أزمة المطلوبين في معان فقط..؟!
حسين الرواشدة
جو 24 : لا نعرف بالضبط ماذا يحدث في معان ؟ وزارة الداخلية ذكرت في بيان اصدرته ان قوة امنية قامت بمداهمات بحثا عن مطلوبين خطرين جدا ، وفيما توزعت المداهمات على ثلاث مناطق مأهولة بالسكان ذكر البيان ان القوة الامنية تراجعت بعد ان قام المطلوبون باستخدام النساء والاطفال كدروع بشرية ، اما اهل معان فقد اتهموا الحكومة في بيان صدر باسم البلدية وعدد من الفعاليات الشعبية انها تفتعل الاحداث والازمات في المدينة للتغطية على امور تخص الوطن والاقليم ، كما نفوا صحة التصريحات التي صدرت عن الداخلية فيما يتعلق باستخدام الدروع البشرية ، واكدوا ان عدد المطلوبين اثنان فقط ( كانوا قد اتهموا بحرق سيارة رسمية ) ، وان القوة الامنية التي استخدمت لم تتمكن من القبض عليهم . ازمة معان ما زالت مفتوحة منذ 25 عاما ، وهي كما نعرف ازمة معقدة لا تتعلق “بمطلوبين” او خارجين عن القانون, فهؤلاء موجودون في كل مدننا ومناطقنا كما لا تتعلق بسياسات التهميش و الافقار وغياب التنمية فهذه “معاناة” تجمع معظم الاردنيين , ولكنها تختزل الصورة النمطية التي تشكلت من خلال الحلول الامنية لترسم العلاقة بين معان كمجتمع ، والحكومات والطرف الرسمي ,كاصحاب القرار وهذه الصورة التي تعمقت في وعي الطرفين وممارساتهما افرزت حالة من “التحدي” وفقدان الثقة والاصرار على التنافر ، ومن اسف ان الحكومات المتعاقبة فشلت في تفكيك هذه الصورة واعادة تركيبها من جديد ، بل ان بعضها “استثمر” في ترسيخها وتسويقها وكأنها جزء من اللزوميات السياسية التي يتم استدعاؤها وقت الحاجة. في العام الماضي قامت الحكومة بحملة امنية في معان لالقاء القبض على نحو “19” مطلوبا لكنها لم تتمكن من ذلك الا من خلال تدخل النواب لابرام “تفاهم “ مع بعض وجهاء المدينة انتهى الى تسليم المطلوبين بموجب تعهدات خاصة ، لم يتم الالتزام بها رسميا ،وهذا يعني بوضوح ان هؤلاء المطلوبين يحظون بحماية اجتماعية, وان وراء توفر مثل هذه الحماية اسباب لا يجوز تجاهلها , وهي لا تعالج بالحل الامني , وانما تحتاج الى حلول اخرى اصبحت معروفة للجميع, لكن –للاسف- يجري تجاهلها ، ولهذا تتكرر “الازمة” ونجد انفسنا امام السيناريوهات ذاتها, وكأننا نصر على ان تبقى الازمة مفتوحة حتى لو اخذتنا الى المجهول. هل يوجد في معان خلية ارهابية؟ لا نعرف، لكن لو افترضنا ذلك فان من حقنا على وزارة الداخلية ان تصارحنا بالحقيقة وان تضعنا في صورة الاجراءات التي تتخذها لا سيما وان ذاكرتنا ما زالت تحمل صورا لمسيرات و مظاهرات رفعت فيها الاعلام السوداء وهتفت باسم داعش، فيما لا ندري من كان يقف وراءها ولا كيف تعاملنا مع المشاركين فيها علما ان وزارة الداخلية انذاك لم تتحرك للقبض على هؤلاء ولم نسمع ان احدا يصفهم بالمطلوبين الخطرين . اذا، مهما يكن تصنيف المطلوبين في هذه الحملة الجديدة فانه لا يجوز ان نعاقب اهل معان او ان نشكك في مواقفهم الاصيلة تجاه وطنهم ودولتهم ، كما لا يجوز ان نتعمد باختطاف مدينة كاملة من اجل القبض على مجرمين او خارجين عن القانون مهما كان عددهم والتهم المسندة اليهم ،فقد شهدنا في مدننا ومناطقنا الاخرى عمليات امنية معدة باتقان نجحت في مهمتها ووجدت من السكان ما يلزمها من مساعدة ، وما تستحقه من احتفاء ،فلماذا تبدو الحالة مختلفة في معان ، ولماذا تقابل مثل هذه الحملات في معان دون غيرها بالرفض والاستنكار . لا احد ضد تطبيق القانون ولا ضد القبض على المطلوبين للعدالة ، لكن ألم نسأل انفسنا : لماذا لا يوجد لدينا ازمة مطلوبين سوى في معان ، ولماذا تمدد البلطجية في شوارعنا يقتلون ويسرقون دون ان نضعهم عنوانا لحملات جادة كتلك التي نشهدها في معان , لا اقصد بالطبع التهوين من انجازات اخواننا في جهازي الامن والدرك , ولكنني اعتقد ان تفعيل مسطرة القانون على الجميع ستبعث برسالة لكل مواطن, وخاصة في معان , تطمئنه على ان القانون يشمل الجميع، ولا يستثني احدا مهما كان. لا نريد ان نفتح جراحاتنا من جديد ، لكن لا بد ان نصارح انفسنا بان عقدة معان ما زالت تطاردنا واننا فشلنا في حلها ،وان لا مصلحة لبلدنا في هذا التوقيت بالذات بالذهاب الى عناوين مغشوشة تشغلنا عن خيارنا الاصلي وهو الحفاظ على وحدة مجتعمنا وتماسكه وامنه . الدستور