2024-12-24 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

لماذا هربوا الى الثراء السريع..؟!

حسين الرواشدة
جو 24 : ...الذين انطلت عليهم خدعة الثراء السريع، ووقعوا في مصيدة واوهام الغنى الذي يحط على رؤوس اصحابه بضربة حظ وبلا عمل او تعب..هؤلاء كغيرهم من الذين انحرفت اقدامهم نحو الخطأ او الزلل،هم ضحايانا.. وقد يكونوا مغفلين - كما يحلو للبعض ان يصفهم -لكنهم بالدرجة الاولى حصاد مجتمعنا، بكل ما اصابه من تحولات في القيم، وانقلابات في المفاهيم، وانشطارات اجتماعية ونفسية ،انتجت ما نراه اليوم من اجيال مهووسة بالكسب السريع،لا تغريها الا نماذج الشطارة والعاب الحظ وضربات السوق واوهامه، ولا تفكر الا بمصالحها واحلامها التي لا تخضع لاية قوانين او اخلاق او اعتبارات.

لا يهمنا ان نعرف التفاصيل،فقصة هؤلاء الذين انبهروا بالمال الذي يأتي بمجرد ان تدخل في المغامرة،لا تختلف عن قصص اخرى لاخرين وقعوا في شباك الهجرة الى البلاد الاجنبية بحثا عن فرصة عمر(!)..فضاعوا،او صدقوا مقولات الشطار عن التذاكي على التشريعات والتحايل لتجاوزها او استغلالها تحت شعارات’’اضرب واكسب،انهب واهرب’’فخسروا كل شيء،او غيرهم ممن تصور بأن قيم النظافة والاستقامة من مخلفات التخلف،فطلقوها بالثلاث،وابتدعوا ما يناسب ثقافتهم الجديدة من مفاهيم ومراسيم تبرر لهم فعل أي شيء..ما دام انه يضيف لحساباتهم ارباحا وثروات جديدة.

ونسأل:ما الذي يدفعنا الى ادانة هؤلاء واتهامهم بالغفلة او حتى بالخطأ،وهم-كما نعرف-مجرد افرازات لمجتمع لم ينتبه لما خرج من تربته من اشواك واحساك،ولم يتأمل فيما حدث بداخله من زلازل وانشقاقات،ولم يتحرك لاحاطة قيمه ومقدساته وفضائل تقاليده بالاسيجة والاسلاك..ولو قدر لاحدنا ان يرصد ما حدث على صعيد مهادنا الاجتماعي من تحولات في السنوات العشر الاخيرة الماضية على الاقل لادرك -من غير اندهاش-ان ما نراه اليوم وما نشكو من انحراف شبابنا او تطرفهم او جنوحهم الى اوهام الاثراء غير المشروع او الكسب السريع او حتى التشدد ‘’والانتحار’’ ليس الا نتيجة لقائمة طويلة من المقدمات والظروف التي اغمضنا -وما نزال-عنها عيوننا ،وتصورنا-خطأ-انها يمكن ان تمر دون ان تنتج اشواكا كثيرة،واجيالا استقالوا بالكامل من الحس الاجتماعي ،ومن الوعي الوطني والاحساس بالمسؤلية الاخلاقية ،ومن ابسط ما كان يتصف به اباؤنا واجدادنا من نظافة واستقامة ،ووجاهة اجتماعية تقاس بالعفة والكفاف والاستغناء والقناعة ،لا باورام الثراء ومظهرية الشبع الذي لا يفضي الا لمزيد من النهم والجشع والاغترار.

نعم.. قد نلوم هؤلاء الذين سقطوا في امتحان ‘’الشطارة’’،وقد نسعد بمحاكمة الذين ورطوهم ،ولكن اليس من واجبنا قبل ذلك ان نبحث عن الخلل الذي افرز هذه الظاهرة التي تغلغلت داخل مجتمعنا ،او ان نضع اصبعنا على نماذج القدوة والتشريعات والافكار التي اغرتهم للتمرد على قيمنا ومفاهيمنا وتجريب اخرى لا علاقة لنا بها اطلاقا،..ثم اليس من حقنا ان نلوم ونحاسب نظاما تربويا واجتماعيا ،ومنظومة قيمية واخلاقية ،وشبكات اقتصادية واعلامية ساهمت كلها في انتاج هذا العبث وتسويقه ،واخرجت من رحمها هذا النشئ الذي لا يفكر الا ‘’بالثروة’’ولا تعنيه الا مصالحه الفردية ..حتى لو مرت على جسد مجتمعه ،ومن فوق جثته ايضا..!؟

مشكلتنا اننا نبحث عن الاعراض ونتحمس لادانتها او معالجتها ..اما الامراض فتنخر داخلنا وتتناسل دون ان يلتفت اليها احد..


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير