في بيتنا مسؤول
أحمد حسن الزعبي
جو 24 : برمثاوية صريحة ، حاولت قبل أيام أنا والأسرة السعيدة ان نتبع التقاليد الانجليزية في شرب الشاي فطبخنا إبريقا من الشاي الأحمر بعد العصر مباشرة .. وكالعادة ترأستُ الجلسة واضطجعتُ على وسادتين وراقبت مراحل «النّقُع» للشاي... وكلما مرّت دقيقة أو دقيقتين سألت ام العيال «نقع»؟ ..»بعد ما نقعش»!!..»نقع»؟ «قرّب ينقع»؟..أمضينا نصف ساعة ونحن نراقب هلال «النقع» دون فائدة.
المهم بعد ان وصل الى درجة مرضي عنها من الاحمرار وبدأت أراقب بتأمل شديد أعواد الشاي وهي تهوي من القمة الى قاع الكوب.. رفعت الكأس الى الضوء وأخبرت زوجتي بأنني أول مرة أرى في حياتي «طبقة قشطة ع الشاي»، فاستهجنت تعليقي وعندما قربت الكأس من أنفها ..وبعد عملية تذوق سريعة والنظر الى سطح الكوب لاحظنا بقعاً من الزيت تطيش على وجه المشروب، تشبه تلك البقع المسرّبة من ناقلات النفط في عرض البحر، الأمر الذي دعانا لعمل فحص مخبري بطرف اللسان و»التمطّق» والنظر الى السقف لنكتشف النكهة المضافة ..أخيرا اكتشفنا ان الشاي بنكهة زيت الزيتون الأصلي ،وبدون تفكير طويل سألت ام العبد أولادها: مين حاط ع السكر زيت؟ لم يجب أحد.! عادت السؤال بطريقة أخرى: مين سوى سندويشة زيت وسكّر ونقط الزيت ع السكّر؟ رُفعت الأكتاف وجفّت الألسن..
تنهّدتُ طويلاً.. وحاولتُ أن أوصل رسائل طمأنة لهم ..قلت لهم : عادي، اللي حط ع السكر زيت او عمل سندويشة وإحنا نايمين يقول ..... فأحد من الأولاد الأربعة القادرين على النطق لم يعترف.. قلت من جديد: الذي يعترف فقط لمجرد الاعتراف سأعطيه نصف دينار .. قال الكبير :» والله مهو أني».. رد الأوسط : بدريش مين..!!.. البنت الأصغر: كانت ملهية بدفتر الرسم واكتفت بهزّ الأكتاف... البنت الصغرى : لم تفهم السؤال بالأصل.. فاستبعدتها من دائرة الشك هي وشقيقها آخر العنقود النائم في مهده .... باختصار لقد خانتني الفراسة وقتها فكل الوجوه تبدو بريئة ولا استطيع ان التقط زفرة خوف واحدة او ارتباكا بسيطا او علامة ولو طائشة على من قام بالفعل... لم يهمني الشاي وقتها ، كنت فقط أريد ان اختبر «عزّة أنفسهم» و»صدقهم»... لذا لم يعد عندي خيارات كثيرة فقمت بتصغير السؤال وتكبير الجائزة.. فقلت: من يعترف انه قام بوضع الزيت على السكر سأعطيه جائزة خمسة دنانير قطعة واحدة ... قال الكبير : «ولا مليون ليرة».. مش اني !!... ابتسم الأوسط ، عدّلت من جلسته، وقال بصوت منخفض : «آه اني» صفقت له دون ان اشعر فانتبهت بنتي الصغرى: سألتني لماذا صفقت له : قلت لها لأنه اعترف بوضع الزيت على السكر.. قالت: ( أثلاً هاظا كان نايم! قبل شوي ثحي....ثم تابعت قلت لماما : ثاوي لي ثندويشة ما رضيت ثويت لحالي)... نظرت الى الابن الأوسط سحبت الخمسة من بين يديه ثم سجدت لله شاكراً ..
واخيراً سيطلع من بيتنا «مسؤول»!.
(الرأي)
المهم بعد ان وصل الى درجة مرضي عنها من الاحمرار وبدأت أراقب بتأمل شديد أعواد الشاي وهي تهوي من القمة الى قاع الكوب.. رفعت الكأس الى الضوء وأخبرت زوجتي بأنني أول مرة أرى في حياتي «طبقة قشطة ع الشاي»، فاستهجنت تعليقي وعندما قربت الكأس من أنفها ..وبعد عملية تذوق سريعة والنظر الى سطح الكوب لاحظنا بقعاً من الزيت تطيش على وجه المشروب، تشبه تلك البقع المسرّبة من ناقلات النفط في عرض البحر، الأمر الذي دعانا لعمل فحص مخبري بطرف اللسان و»التمطّق» والنظر الى السقف لنكتشف النكهة المضافة ..أخيرا اكتشفنا ان الشاي بنكهة زيت الزيتون الأصلي ،وبدون تفكير طويل سألت ام العبد أولادها: مين حاط ع السكر زيت؟ لم يجب أحد.! عادت السؤال بطريقة أخرى: مين سوى سندويشة زيت وسكّر ونقط الزيت ع السكّر؟ رُفعت الأكتاف وجفّت الألسن..
تنهّدتُ طويلاً.. وحاولتُ أن أوصل رسائل طمأنة لهم ..قلت لهم : عادي، اللي حط ع السكر زيت او عمل سندويشة وإحنا نايمين يقول ..... فأحد من الأولاد الأربعة القادرين على النطق لم يعترف.. قلت من جديد: الذي يعترف فقط لمجرد الاعتراف سأعطيه نصف دينار .. قال الكبير :» والله مهو أني».. رد الأوسط : بدريش مين..!!.. البنت الأصغر: كانت ملهية بدفتر الرسم واكتفت بهزّ الأكتاف... البنت الصغرى : لم تفهم السؤال بالأصل.. فاستبعدتها من دائرة الشك هي وشقيقها آخر العنقود النائم في مهده .... باختصار لقد خانتني الفراسة وقتها فكل الوجوه تبدو بريئة ولا استطيع ان التقط زفرة خوف واحدة او ارتباكا بسيطا او علامة ولو طائشة على من قام بالفعل... لم يهمني الشاي وقتها ، كنت فقط أريد ان اختبر «عزّة أنفسهم» و»صدقهم»... لذا لم يعد عندي خيارات كثيرة فقمت بتصغير السؤال وتكبير الجائزة.. فقلت: من يعترف انه قام بوضع الزيت على السكر سأعطيه جائزة خمسة دنانير قطعة واحدة ... قال الكبير : «ولا مليون ليرة».. مش اني !!... ابتسم الأوسط ، عدّلت من جلسته، وقال بصوت منخفض : «آه اني» صفقت له دون ان اشعر فانتبهت بنتي الصغرى: سألتني لماذا صفقت له : قلت لها لأنه اعترف بوضع الزيت على السكر.. قالت: ( أثلاً هاظا كان نايم! قبل شوي ثحي....ثم تابعت قلت لماما : ثاوي لي ثندويشة ما رضيت ثويت لحالي)... نظرت الى الابن الأوسط سحبت الخمسة من بين يديه ثم سجدت لله شاكراً ..
واخيراً سيطلع من بيتنا «مسؤول»!.
(الرأي)