أرصفة التطرف وبازارات الاعتدال..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : اذا كان الفراغ الذي خلفته مناهج الثقافة الاسلامية المتواضعة في مدارسنا وجامعاتنا(لك ان تتصور بأن للثقافة الاسلامية مساقا اختياريا واحدا في الجامعات)وجد ما يملؤه،سواء في الحوزات التي يعقدها بعض الوعاظ،او في الارصفة التي تزدحم بالكتب الدينية التي يرخص بعضها مسألة التكفير،لا ضد المسلمين البسطاء فقط وانما ضد ائمة وفقهاء لا نشك ابدا في علمهم واجتهاداتهم...فإن دعاة الاعتدال والسماحة والوسطية ظلوا بعيدين عن الجماهير ،ومشغولين بإقامة حوارات بينية يتداولونها بينهم،ولا تكاد اصواتها وآثارها تخرج من داخل الصالات المغلقة ،او الندوات والمؤتمرات التي حرم الشباب المتدين من المشاركة فيها او حضورها على الاقل.
ليس ذلك فقط،فالمشكلة امتدت الى تغييب كثير من الدعاة المحسوبين على خط الاعتدال وثقافته،وتحجيم دورهم مقابل بروز طبقة جديدة من المستفيدين من هذه’’ الفزعة’’،ومعظم هؤلاء للاسف لا يمتلكون أي قاعدة شعبية ولا يحوزون على ثقة الشباب المتدين،ولا يرون في ترويج ثقافة الاعتدال الا نوعا من ‘’البضاعة’’التي يحتاجها بازار المنافسات المعروفة..ولهذا لم نجد في مقابل تصاعد ثقافة التعصب والتشدد والغلو وحرمان دعاتها الحقيقيين من المنابر والحوارات من يتحمل اعباء الانخراط في مواجهة هذه الظاهرة او تفكيكها والرد عليها بعيدا عن الحلول الامنية ،او عن الاضواء التي انشغل بها التيار العريض من المتنورين المعتدلين على حساب الاقناع والوصول الى ارضيات مشتركة تدفع الشباب الذين جرفتهم مقولات التطرف ومبرراته الى جادة الصواب ..او الطريق الصحيح.
والى جانب المناهج والارصفة المكتظة بادبيات التكفير والغلو ،وغياب دور العلماء والفقهاء المخلصين اضافت المناخات السياسية وما حملته من بؤرللتوتر واشكاليات والتباسات في قضايا المشاركة وحسم الولاء وغيرها من دعوات الاخراج من الملة الوطنية التي سبقت كل دعوات الاخراج من الملة الدينية ابعادا اخرى للمسألة،فرأينا شبابنا موزعين بين العزوف عن العمل العام وبين الاحباط والجنوح الى الصمت،وسمعنا بعض الفتاوى الدينية تأتي في سياق مطرد للرد على الفتاوى السياسية ،ولم نعدم رصد كثيرين دفعتهم ظروفهم الاقتصادية الى الانحياز لتيار الناقمين على المجتمع ،المسارعين الى تكفيره واباحة الانتقام منه!!.
باختصار، بمقدورنا ان نحسب نصيب ما نخصصه من وقت وجهد لترشيد ظاهرة التدين في بلادنا ،وهي ظاهرة متصاعدة ،في كل مناحي حياتنا ومنابرنا التعليمية والاعلامية(عدد ساعات ما تخصصه وسائل الاعلام للبرامج الدينية لا يتجاوز 5%من مساحات البث)لنصل الى حقيقة ما نتوقعه على صعيد مواجهة ثقافة التطرف،وهي نتيجة مؤسفة ..فما فعلناه لا يمكن ان يجعلنا مطمئنين الى اندحار هذه الثقافة كما لا يخولنا محاسبة ابنائنا الشباب على انحرافاتهم ،فقد كان من واجبنا -قبل ذلك- ان نحشد طاقاتنا لتطويق المشكلة ومنع اشواكها واحساكها من الظهور وتعهد تربة التدين التي خرج منها هؤلاء الشباب بمزيد من العناية والاهتمام..وان نسأل انفسنا عما قدمناه لهم من مناهج وتوجيه سياسي واعلامي قبل ان نسألهم عما ارتكبوه بحق انفسهم ومجتمعاتهم من جرائم وآثام وانحرافات.
نعم..لقد اخطأ هؤلاء الذين اختاروا طريق الغلو والتنطع ،ولا يمكن لاحد ان يدافع عن اخطائهم ولا ان يبررها مهما كانت اسبابها،ولكننا نتحدث عن اخرين يمكن ان يسيروا وراءهم ويتورطوا في افكارهم ولهذا ندعو الى فهم ما يفكرون به ويعتقدونه وندعو الى الاقتراب منهم ومحاورتهم بالتي هي احسن..بالكلمة وبالاقناع والدليل،فهم ضحايا قبل ان يكونوا مجرمين،ومن واجب مجتمعنا -بكل اطيافه-ان يأخذ على ايديهم وان يمنع جراثيم التطرف والكراهية من تدمير عقولهم ونقل عدواها الى الاخرين ..تماما كما نفعل مع الذين ابتلوا بالامراض المعدية القاتلة التي يحتاج المصابون بها الى الوقاية والحجر...والشفقة ايضا.
(الدستور)
ليس ذلك فقط،فالمشكلة امتدت الى تغييب كثير من الدعاة المحسوبين على خط الاعتدال وثقافته،وتحجيم دورهم مقابل بروز طبقة جديدة من المستفيدين من هذه’’ الفزعة’’،ومعظم هؤلاء للاسف لا يمتلكون أي قاعدة شعبية ولا يحوزون على ثقة الشباب المتدين،ولا يرون في ترويج ثقافة الاعتدال الا نوعا من ‘’البضاعة’’التي يحتاجها بازار المنافسات المعروفة..ولهذا لم نجد في مقابل تصاعد ثقافة التعصب والتشدد والغلو وحرمان دعاتها الحقيقيين من المنابر والحوارات من يتحمل اعباء الانخراط في مواجهة هذه الظاهرة او تفكيكها والرد عليها بعيدا عن الحلول الامنية ،او عن الاضواء التي انشغل بها التيار العريض من المتنورين المعتدلين على حساب الاقناع والوصول الى ارضيات مشتركة تدفع الشباب الذين جرفتهم مقولات التطرف ومبرراته الى جادة الصواب ..او الطريق الصحيح.
والى جانب المناهج والارصفة المكتظة بادبيات التكفير والغلو ،وغياب دور العلماء والفقهاء المخلصين اضافت المناخات السياسية وما حملته من بؤرللتوتر واشكاليات والتباسات في قضايا المشاركة وحسم الولاء وغيرها من دعوات الاخراج من الملة الوطنية التي سبقت كل دعوات الاخراج من الملة الدينية ابعادا اخرى للمسألة،فرأينا شبابنا موزعين بين العزوف عن العمل العام وبين الاحباط والجنوح الى الصمت،وسمعنا بعض الفتاوى الدينية تأتي في سياق مطرد للرد على الفتاوى السياسية ،ولم نعدم رصد كثيرين دفعتهم ظروفهم الاقتصادية الى الانحياز لتيار الناقمين على المجتمع ،المسارعين الى تكفيره واباحة الانتقام منه!!.
باختصار، بمقدورنا ان نحسب نصيب ما نخصصه من وقت وجهد لترشيد ظاهرة التدين في بلادنا ،وهي ظاهرة متصاعدة ،في كل مناحي حياتنا ومنابرنا التعليمية والاعلامية(عدد ساعات ما تخصصه وسائل الاعلام للبرامج الدينية لا يتجاوز 5%من مساحات البث)لنصل الى حقيقة ما نتوقعه على صعيد مواجهة ثقافة التطرف،وهي نتيجة مؤسفة ..فما فعلناه لا يمكن ان يجعلنا مطمئنين الى اندحار هذه الثقافة كما لا يخولنا محاسبة ابنائنا الشباب على انحرافاتهم ،فقد كان من واجبنا -قبل ذلك- ان نحشد طاقاتنا لتطويق المشكلة ومنع اشواكها واحساكها من الظهور وتعهد تربة التدين التي خرج منها هؤلاء الشباب بمزيد من العناية والاهتمام..وان نسأل انفسنا عما قدمناه لهم من مناهج وتوجيه سياسي واعلامي قبل ان نسألهم عما ارتكبوه بحق انفسهم ومجتمعاتهم من جرائم وآثام وانحرافات.
نعم..لقد اخطأ هؤلاء الذين اختاروا طريق الغلو والتنطع ،ولا يمكن لاحد ان يدافع عن اخطائهم ولا ان يبررها مهما كانت اسبابها،ولكننا نتحدث عن اخرين يمكن ان يسيروا وراءهم ويتورطوا في افكارهم ولهذا ندعو الى فهم ما يفكرون به ويعتقدونه وندعو الى الاقتراب منهم ومحاورتهم بالتي هي احسن..بالكلمة وبالاقناع والدليل،فهم ضحايا قبل ان يكونوا مجرمين،ومن واجب مجتمعنا -بكل اطيافه-ان يأخذ على ايديهم وان يمنع جراثيم التطرف والكراهية من تدمير عقولهم ونقل عدواها الى الاخرين ..تماما كما نفعل مع الذين ابتلوا بالامراض المعدية القاتلة التي يحتاج المصابون بها الى الوقاية والحجر...والشفقة ايضا.
(الدستور)