الأحباش في الاردن : من هم ..؟!
حسين الرواشدة
جو 24 : الصعود اللافت لجماعة الاحباش في الاردن ، سواء من خلال تقديم برامج في وسائل الاعلام ( وبعضها رسمية) او من خلال فرقة الاناشيد التي تشارك في الاحتفالات الدينية، او القاء خطب الجمعة ..وغيرها من صور الحضور ، دفع الجماعة مجددا الى واجهة الاسئلة والاستفاهمات ، ومع الفوضى التي يشهدها المجال الديني ودخول شبح التطرف على الخط اصبح من حق الجميع ان يعرف هوية هذه الجماعات الدينية التي تعمل ، صحيح ان بعضها كالاخوان والسلفية والصوفية يبدو معروفا الى حد ما لكن الصحيح ايضا ان الاحباش مازالوا يمثلون لغزا يحتاج الى مزيد من التوضيح والتعريف.
قبل نحو ثمانية عشر عاما التقيت الشيخ عبدالله الهرري هنا في عمان،وكانت مناسبة-بالطبع-لمحاورة الرجل والاستفسار منه عن منهج الاحباش في الدعوة والتكفير ،وموقفهم من الحركات والمذاهب الاسلامية الاخرى ،وقد خرجت بعد اكثر من ساعتين من الحوار بانطباعات كثيرة، فالرجل الذي قيل لنا انه يحفظ اكثر من عشرة الاف حديث شريف ،وبانه افضل العلماء المعاصرين فكرا وعلما واعتدالا،لا يبدو كذلك على الاطلاق،انه رجل بسيط ومتواضع وهادئ وودود،هذا صحيح،ولكنه لم يقل ما يدهشني، ولا يختلف عن غيره من المشايخ الاخرين الذين نعرفهم ونسمعهم،فأهم ما يشغله في مسألة الفتوى هو استذكار انحرافات ابن تيمية او سيد قطب ،وفي مسألة الاسلام الحركي هو الدعوة الى السلام ونبذ العنف ،وفي مسألة الفقه تفاصيل الاحوال الشخصية من مصافحة المرأة الاجنبية الى زيارة قبور الصالحين.
لا يحب الرجل الخوض في السياسة ولا يرغب في الاجابة عن اي من اسئلتها الكثيرة ،انه يقدم نفسه بوصفه اماما وفقيها وداعية فقط ،وعلى مذهب اهل السنة والجماعة،لكنه لا يخفي رفضه للمحسوبين على خط الاخوان او السلفية ،ولا يتردد في تكفير بعضهم ،وحين تسأله عن الفتاوى التي صدرت في تكفير الاحباش يقول:اؤلئك لا يعرفون منهج هذه الجماعة ،وهم يتعمدون الاساءة اليها ،وليس لديهم اي دليل شرعي يستندون اليه ،وان كتبه التي تتضمن منهج الجماعة-وهي بالعشرات- تؤكد لمن يريد ان يقرأها بأن دعوته اسلامية خالصة ولا يوجد فيها اي انحرافات او تجاوزات ،لا في مسألة العقيدة ولا في غيرها من امور المعاملات والممارسات.
اثبت هنا بعض ما ذكره الشيخ الهرري-زعيم الاحباش- لأصل الى مسألتين:احداهما ان هذه الجماعة التي ما نزال نجهل نسبها ومنشأها(الشيخ عبدالله من بلدة هرر الحبشية) كانت حاضرة بشكل واضح في لبنان،ثم امتدت الى بعض البلدان العربية والاجنبية،ومع ان اتباعها لا يشكلون تيارا قويا ،لكن نشاطاتها السياسية والفكرية ظلت في تصاعد(لا تسأل عن السبب)،كما ان قدرتها على اختراق النخب واستقطاب النساء تحديدا تفوق قدرة غيرها من الحركات المعروفة على الساحة الاسلامية.
اما الملاحظة الاخرى فهي ان تركيز فكر الاحباش على تكفير غيرهم افقدهم بلاشك- ميزة الاعتدال والسماحة الموجودة لدى غيرهم من الحركات الاسلامية(الاخوان مثلا) ومع انهم يرفضون الانشغال بالمسائل السياسية الا ان تجربتهم في لبنان مثلا(كان لديهم نواب في البرلمان)تشير الى ان هدفهم كغيرهم هو الوصول الى السلطة او المشاركة فيها على الاقل،وهذا بالطبع يحتاج الى نفوذ ودعم وتحالفات ،وقبل ذلك الى رؤية سياسية واضحة ،ولان المنهج غير واضح فان التحالفات تظل محفوفة بالشبهات ،وهو ما يؤخذ عليهم ويجعل الكثيرين يتخوفون من امتداداتهم الخارجية..
باختصار، فتح ملف الاحباش هذه المرة سيدفع الكثيرين الى السؤال مجددا عن هوية الاحباش ،وبماذا يفكرون ،ومن اين جاءوا،وهو ما يحتاج لقراءات اكثر واجابات اوضح..اتمنى ان اضعها بين يدي القارئ العزيز في الايام القادمة ان شاء الله.
(الدستور)
قبل نحو ثمانية عشر عاما التقيت الشيخ عبدالله الهرري هنا في عمان،وكانت مناسبة-بالطبع-لمحاورة الرجل والاستفسار منه عن منهج الاحباش في الدعوة والتكفير ،وموقفهم من الحركات والمذاهب الاسلامية الاخرى ،وقد خرجت بعد اكثر من ساعتين من الحوار بانطباعات كثيرة، فالرجل الذي قيل لنا انه يحفظ اكثر من عشرة الاف حديث شريف ،وبانه افضل العلماء المعاصرين فكرا وعلما واعتدالا،لا يبدو كذلك على الاطلاق،انه رجل بسيط ومتواضع وهادئ وودود،هذا صحيح،ولكنه لم يقل ما يدهشني، ولا يختلف عن غيره من المشايخ الاخرين الذين نعرفهم ونسمعهم،فأهم ما يشغله في مسألة الفتوى هو استذكار انحرافات ابن تيمية او سيد قطب ،وفي مسألة الاسلام الحركي هو الدعوة الى السلام ونبذ العنف ،وفي مسألة الفقه تفاصيل الاحوال الشخصية من مصافحة المرأة الاجنبية الى زيارة قبور الصالحين.
لا يحب الرجل الخوض في السياسة ولا يرغب في الاجابة عن اي من اسئلتها الكثيرة ،انه يقدم نفسه بوصفه اماما وفقيها وداعية فقط ،وعلى مذهب اهل السنة والجماعة،لكنه لا يخفي رفضه للمحسوبين على خط الاخوان او السلفية ،ولا يتردد في تكفير بعضهم ،وحين تسأله عن الفتاوى التي صدرت في تكفير الاحباش يقول:اؤلئك لا يعرفون منهج هذه الجماعة ،وهم يتعمدون الاساءة اليها ،وليس لديهم اي دليل شرعي يستندون اليه ،وان كتبه التي تتضمن منهج الجماعة-وهي بالعشرات- تؤكد لمن يريد ان يقرأها بأن دعوته اسلامية خالصة ولا يوجد فيها اي انحرافات او تجاوزات ،لا في مسألة العقيدة ولا في غيرها من امور المعاملات والممارسات.
اثبت هنا بعض ما ذكره الشيخ الهرري-زعيم الاحباش- لأصل الى مسألتين:احداهما ان هذه الجماعة التي ما نزال نجهل نسبها ومنشأها(الشيخ عبدالله من بلدة هرر الحبشية) كانت حاضرة بشكل واضح في لبنان،ثم امتدت الى بعض البلدان العربية والاجنبية،ومع ان اتباعها لا يشكلون تيارا قويا ،لكن نشاطاتها السياسية والفكرية ظلت في تصاعد(لا تسأل عن السبب)،كما ان قدرتها على اختراق النخب واستقطاب النساء تحديدا تفوق قدرة غيرها من الحركات المعروفة على الساحة الاسلامية.
اما الملاحظة الاخرى فهي ان تركيز فكر الاحباش على تكفير غيرهم افقدهم بلاشك- ميزة الاعتدال والسماحة الموجودة لدى غيرهم من الحركات الاسلامية(الاخوان مثلا) ومع انهم يرفضون الانشغال بالمسائل السياسية الا ان تجربتهم في لبنان مثلا(كان لديهم نواب في البرلمان)تشير الى ان هدفهم كغيرهم هو الوصول الى السلطة او المشاركة فيها على الاقل،وهذا بالطبع يحتاج الى نفوذ ودعم وتحالفات ،وقبل ذلك الى رؤية سياسية واضحة ،ولان المنهج غير واضح فان التحالفات تظل محفوفة بالشبهات ،وهو ما يؤخذ عليهم ويجعل الكثيرين يتخوفون من امتداداتهم الخارجية..
باختصار، فتح ملف الاحباش هذه المرة سيدفع الكثيرين الى السؤال مجددا عن هوية الاحباش ،وبماذا يفكرون ،ومن اين جاءوا،وهو ما يحتاج لقراءات اكثر واجابات اوضح..اتمنى ان اضعها بين يدي القارئ العزيز في الايام القادمة ان شاء الله.
(الدستور)