jo24_banner
jo24_banner

ولطلبة الجامعات دور اجتماعي.. في أميركا !

د. زيد حمزة
جو 24 : ليس لعقوبة السجن في الاصل سوى هدف اساسي واحد هو تأديب المذنبين او المجرمين حسب التشريعات التي تسنها الدولة لحماية المجتمع وذلك عن طريق اصلاحهم أو دفع اذاهم عن الآخرين او تقويم المنحرفين منهم حتى لا يعودوا لارتكاب افعالهم مرة أخرى وكذلك لكي يكونوا عبرة للاخرين.. أما حين تنقلب هذه المهمة الاجتماعية الجليلة التي تقوم بها الدولة من خلال سجونها الى استثمار تديره الشركات الكبرى وتصبح عقوبة السجن بحد ذاتها هدفاً لتحقيق الربح ، فان الأمر عندئذ يحتاج الى وقفة، وهذا بالضبط ما يحدث في الولايات المتحدة منذ بدأت بخصخصة السجون واحالتْها الى شركات تجارية.. بعطاءات ! واصبح إنشاؤها صناعة ضخمة كصناعة الفنادق تقوم بالدعاية لنفسها وتستنبط الاساليب الخبيثة لزيادة عدد نزلائها من المساجين وتحاول اجتذاب رؤوس الأموال للاستثمار فيها واقناع متداولي الاسهم بأنها اكثر المشاريع تحقيقاً للمكاسب ! لكن موجة من الاعتراض على هذا الانعطاف الخطير في دور السجون اخذت تقوى وتتنامى مؤخراً فقد جاء على موقع THINK PROGRESS تقرير مؤرخ في 23 /6 /2015 ل Viva Shen أفاد بان اتحاد الطلبة في جامعة كولومبيا نجح بعد لأي في الضغط على مجلس امناء الجامعة لاتخاذ قرار بسحب استثماراته في أسهم اثنتين من شركات السجون الربحية وبالشروع في تبني سياسة جديدة تمنع الاستثمار مستقبلاً في أي شركة تدير او تمتلك سجونا او تسعى لبناء المزيد منها باعتبارها صناعة رابحة ! وبذلك تكون جامعة كولومبيا هي اول جامعة في امريكا تتخذ هذا الموقف الشريف الشجاع استجابة لما يراه طلبتها في ان فلسفة السجن كعقوبة شرعتها القوانين قد تحولت في يد شركات السجون الى هدف آخر هو جلب الارباح بادخال أعداد اكبر من الناس في هذه السجون ولو من دون وجه حق ، وذلك باستخدام لجان الضغط في الكونغرس من اجل تعديل كثير من التشريعات التي تتوسع في إضافة مخالفات جديدة تعاقب بالسجن، والهدف زيادة الزبائن المساجين لتحقيق زيادة في الارباح بزيادة مُدَد استضافتهم في سجونها ما دامت الدولة هي التي تدفع اجور اقامتهم ! ومن هنا ارتفعت مثلاً معدلات احتجاز المهاجرين في تلك السجون !
وبالمناسبة فان طلبة جامعة كولومبيا هم الذين شنوا منذ شباط 2014 حملة واسعة ضد الاستثمار في شركة Corrector Corporate of America وهي اكبر شركة خاصة للسجون في العالم، وفي G4S وهي شركة أمن عالمية تنقل المعتقلين من المهاجرين وكانت حتى العام الماضي المزود الرئيسي للتجهيزات الامنية في غوانتانامو ! وكلا الشركتين لهما سجل مخجل تلطخت صفحاته بالعديد من القضايا المرفوعة في المحاكم ضدهما بتهم اساءة معاملة السجناء وحبسهم في ظروف غير انسانية تؤدي بهم احيانا الى الموت مع ما يحيط ذلك من فساد داخلي مستشرٍ الى حد كبير..
ومن الجدير بالذكر أن جامعات عديدة أخرى في اميركا مثل براون وكورنيل وكاليفورنيا تلاقي نفس الضغط من طلابها من اجل سحب استثماراتها في شركات السجون الخاصة، ويتهم الطلاب الى جانب ذلك بنوكا رئيسية مثل Bank of America و Wells Fargo بأن لهما علاقات وثيقة باستثمارات اساسية في السجون الخاصة.. وقد نجحت تلك الضغوط في اقناع مؤسسات كبرى اخرى مثل Gates Foundation وUnited Methodist Church بالتخلي عن استثمارات مشابهة..
وبعد.. تنهي فيفاشن تقريرها بالقول: قد لا يؤثر سحب هذه الاستثمارات الآن كثيراً على السجون الخاصة من الناحية المالية لكن يكفي تحرك طلبة جامعة كولومبيا فخراً أنه فضح النتائج الاجتماعية المأساوية والاحوال الانسانية المزرية التي تسببت بها خصخصة السجون..


الراي
تابعو الأردن 24 على google news