المعتدون.. يقبضون المكافأة !
د. زيد حمزة
جو 24 : الحرب العدوانية التي شنتها اسرائيل في صيف هذا العام على غزة لم تكن الاولى ولن تكون الاخيرة، وهي لا تختلف كثيراً عن كل الاعتداءات التي وقعت على الشعب الفلسطيني منذ قررت الحركة الصهيونية قبل اكثر من مائة عام أن تحتل ارضه وتقصيه عن وطنه لتحل محله، هكذا ظلماً وبغياً وبدون رحمة وأمام جميع دول العالم.. ولا داعي للبحث عن الاسباب المباشرة للاعتداء هذه المرة على (جزء) من شعب تحت الاحتلال يكاد يختنق بحصار لا مثيل له في التاريخ وليس مسموحاً له بموجبه أن يسافر أو يتاجر إلا باذن من محتل لا يخجل من تكرار زعمه بأنه منذ سنوات منح غزة استقلالها، وقد استمر الاعتداء خمسين يوما دون تدخل جدي من الأمم المتحدة أو الدول الكبرى وعلى رأسها أميركا وكانها كانت تتفرج ولا أريد أن اقول تتلذذ على المشهد الأليم رغم انها انتفضت فعلاً لشكوى اسرائيل بأن ثلاثة من مواطنيها خطفوا وقتلوا على يد فلسطينيين ثم غضت الطرف عندما ردت إسرائيل على ذلك بتحريك آلتها الحربية الضخمة لتعاقب كل شعب غزة الذي ليس لديه جيش يدافع عنه، ولم يكن هجومها بهدف الانتقام وتحقيق الانتصار فهذا مفروغ منه بل لكي يدمر كل ما تطاله المدافع والطائرات من بنية تحتية ومصانع ومزارع ومن حياة المدنيين في بيوتهم ومدارسهم وحتى المرضى في المستشفيات ( قتل 2245 فلسطينيا بينهم 538 طفلا ) ولكي يدمر معها معنويات هؤلاء الناس الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ببساطة احفاد من عاشوا على هذه الارض منذ آلاف السنين، سواء كان اسمهم الكنعانيون ثم أصبح الفلسطينيين فقد كان منهم ومعهم وبينهم من دانوا باليهودية كما الوثنية والمسيحية والاسلام، والمبرر الهدف في آن واحد هو تحقيق وعد إلهي توراتي بمنح اليهود وحدهم كل أرض فلسطين !
وليس خافياً كذلك أن وراء هذه الحرب، كأي حرب، أهدافا أخرى ترتبط بتجارة وصناعة الاسلحة محليا في اسرائيل وعالمياً في الدول الصانعة الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة، كما تتصل بتجربة اسلحة جديدة أشد فتكا من سابقاتها فليس أفضل من مثل هذه الساحة مختبراً لتجربة الاختراعات الجهنمية وأصحابها في مأمن ! وترتبط أيضاً بمرحلة ما بعد الحرب التي تحتاج في كل مرة الى من يعيد بناء ما دمرته، لكن التناقض الصارخ هنا أن الذين سكتوا على العدوان وكانوا قادرين على منع المعتدي هم اول من دعوا لاجتماع دولي لتقدير حجم الخسائر واعادة البناء ! ليس هذا فحسب بل حددوا في اجتماعهم الجهات (المستفيدة) من (عطاءات) وعقود البناء الجديد، ولم يعترضوا البتة، بل ربما أكرهوا على ان يكون بين من يقوم بهذه المهمة ويستفيد منها (!) بعض الذين كانوا مشاركين في صنع المأساة فالشركات الاسرائيلية التي ما انفكت تنهب الثروات الطبيعية للشعب الفلسطيني وتساهم في بناء المستوطنات غير الشرعية في اراضيه هي التي تم الاتفاق معها على الحصة الكبيرة في عقود إعادة البناء مثل شركتي نيشر Nesher وريدي مكس Ready Mix، ومع أن المبلغ الذي رصدته الدول المانحة لاعادة بناء غزة وهو 5,4 مليار دولار سوف يذهب 45 % منه لصالح الاقتصاد الاسرائيلي لم يرتفع صوت واحد ليقول إن ذلك بكل المفاهيم (مكافأة) على الاعتداء!
وبعد.. فالمثل الدارج (( يقتل القتيل ويمشي في جنازته )) يعتبر في سخريته وإيلامه متواضعاً جداً إذ ما قورن بوقاحة وقبح الواقع الراهن المتمثل في أن اسرائيل تدمر البيوت على رؤوس الفلسطينيين ثم تقبض ثمن بنائها من جديد وهي تبيّت النية لتدميرها مرة أخرى في عدوان قادم!
Twitter: @drzaidhamzeh
www.zaidhamzeh.blogspot.com
(الرأي)
وليس خافياً كذلك أن وراء هذه الحرب، كأي حرب، أهدافا أخرى ترتبط بتجارة وصناعة الاسلحة محليا في اسرائيل وعالمياً في الدول الصانعة الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة، كما تتصل بتجربة اسلحة جديدة أشد فتكا من سابقاتها فليس أفضل من مثل هذه الساحة مختبراً لتجربة الاختراعات الجهنمية وأصحابها في مأمن ! وترتبط أيضاً بمرحلة ما بعد الحرب التي تحتاج في كل مرة الى من يعيد بناء ما دمرته، لكن التناقض الصارخ هنا أن الذين سكتوا على العدوان وكانوا قادرين على منع المعتدي هم اول من دعوا لاجتماع دولي لتقدير حجم الخسائر واعادة البناء ! ليس هذا فحسب بل حددوا في اجتماعهم الجهات (المستفيدة) من (عطاءات) وعقود البناء الجديد، ولم يعترضوا البتة، بل ربما أكرهوا على ان يكون بين من يقوم بهذه المهمة ويستفيد منها (!) بعض الذين كانوا مشاركين في صنع المأساة فالشركات الاسرائيلية التي ما انفكت تنهب الثروات الطبيعية للشعب الفلسطيني وتساهم في بناء المستوطنات غير الشرعية في اراضيه هي التي تم الاتفاق معها على الحصة الكبيرة في عقود إعادة البناء مثل شركتي نيشر Nesher وريدي مكس Ready Mix، ومع أن المبلغ الذي رصدته الدول المانحة لاعادة بناء غزة وهو 5,4 مليار دولار سوف يذهب 45 % منه لصالح الاقتصاد الاسرائيلي لم يرتفع صوت واحد ليقول إن ذلك بكل المفاهيم (مكافأة) على الاعتداء!
وبعد.. فالمثل الدارج (( يقتل القتيل ويمشي في جنازته )) يعتبر في سخريته وإيلامه متواضعاً جداً إذ ما قورن بوقاحة وقبح الواقع الراهن المتمثل في أن اسرائيل تدمر البيوت على رؤوس الفلسطينيين ثم تقبض ثمن بنائها من جديد وهي تبيّت النية لتدميرها مرة أخرى في عدوان قادم!
Twitter: @drzaidhamzeh
www.zaidhamzeh.blogspot.com
(الرأي)