2024-12-24 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

أضاعوني، وأي «صوت» أضاعوا..!!

حسين الرواشدة
جو 24 : الصراحة احيانا جارحة، لكن الدولة – للاسف – لم تترك لنا مجالا للصبر على «المأساة» او للتغطية على الوجع الذي نستشعره نحن في جريدة الدستور، عمالا وصحفيين، فقد مضت نحو سبعة شهور دون ان يتكلف اي مسؤول ليسألنا عن معاناة ثلاثمئة عائلة لم تتقاض رواتبها حتى الان . اي عقوق ونكران للجميل واي تهميش واهمال هذا الذي تمارسه ضد مواطنيها – لكي لا اقول صحفييها – حكومة وضعت في احدى اذنيها طينا و في الاخرى عجينا، حتى انها افتقدت الحس الانساني الذي كان يفترض ان يحركها للاطمئنان على احوال «رعاياها» الذين يكفل الدستور والقوانين حقهم «الانساني» في الحصول على المساعدة، اية مساعدة.

نحن في الدستور لا نتسول، و لكننا نصارح اخواننا القراء الاعزاء باننا قدمنا على مدى الشهور الماضية نموذجا فريدا عز نظيرة، للصبر والاحتمال وانتظار الفرج، لكن في كل يوم نكتشف بان هذه الحكومة غير معنية بصمتنا ولا بصبرنا ولا حتى بصراخنا، وفي الوقت الذي ترفع فيه لافتة « التقشف « فان ما دفعته من الموازنة لاقامة الموائد الرمضانية الرسمية، واستقبال الضيوف وبدل السفريات يكفي وزيادة لانقاذ مؤسسة عريقة كالدستور، علما بانها من خلال مؤسسة الضمان اكبر شريك فيها، وفي الوقت الذي ترفع فيه شعار مواجهة « التطرف « فانها مارست تطرفا من نوع لم نألفه تجاه معاناة العاملين في الدستور الذي اصبحوا ضحايا لهذا التطرف الحكومي الغريب.

ومن المفارقات ايضا ان ازمة الدستور الانسانية - لكي لا نقول الوطنية - لم تحظ دون غيرها من الازمات باي اهتمام جدي على المستوى الرسمي، فيما لا تتردد الحكومات كلها عن الذهاب لابعد حس انساني لمساعدة الاصدقاء والاشقاء الابعدين والاقربين، سواء من خلال الاغاثات او المساعدات الطبية او غيرها، وكأن «الدستور» مستثناه في نظر الحكومة من هذا « الاطار « الانساني الذي يجعلها تفتح لواقطها لاستقبال اية صرخة اغاثة، او دعوة انقاذ، او اشارة طلب مساعدة .

كل صرخات العالم من حولنا نسمعها ونتسابق للرد عليها، وتزيين صورتنا امام اصحابها الا صرخة « الدستور « التي خدمت الدولة لمدة نصف قرن، انطلقت بكل ما حملته من مرارة لكن لم تجد من يسمعها، هل بوسعنا نحن الصحفيين الذين نشعر بالخيبة ان نقول الان باننا « فهمنا» المطلوب، وبان القضية ليست ملايين قليلة تسعف الصحيفة لتجاوز عثراتها وانما ابعد من ذلك، وكأن البعض يريد ان ينتقم من اصواتنا ( وعلى ماذا ينتقم ؟) او يريد ان نعرض حريتنا واستقلالنا للبيع في اسواق الوشايات والتضليل و الكذب .

كل الاعتذارات التي تساق لاقناعنا ان «نقلع» اشواكنا بايدينا لا تسمن ولاتغني من جوع، فنحن ندرك ان الصحيفة تتحدث باسم الدولة وان الحكومات هي التي تحركها وتستفيد منها، لكننا - يشهد الله – لم نبع ضمائرنا ولم نتاجر بقرائنا ولم نتنكر للناس في مجتمعنا، وها نحن ندفع الثمن عن رضا وطيب خاطر، وما يؤسفنا اننا لن نكون الضحية الاخيرة فما واجهناه من عقوق هو مجرد « بروفة « ستتكرر لمؤسسات اخرى اعلامية وغير اعلامية، ولاشخاص اخرين راهنوا على الحكومات فباعتهم في اول مزاد، واكلتهم كما تأكل الدولة ابناءها.

قد يخسر مئة صحفي في الدستور وظائفهم، كما خسرها زملاؤهم الذين غادروها، لكن خسارة الدستور لا تتعلق بالوظائف والموظفين ولا بالمباني والمطابع، وانما هي خسارة مجتمع ودولة، لان ازمة الدستور في الاصل ليست ازمة صحيفة وانما ازمة دولة، وهؤلاء الصحفيون لن يكسروا اقلامهم فلديهم اكثرمن منبر وفرصة للبوح والكلام، ولديهم بالطبع ما يقولونه، ومن يستعرض ما تنشره المواقع الاخبارية في الداخل والخارج، وما تعرضه الشاشات، يعرف تماما ان لكتّاب الدستور وصحفييها حضورهم اللافت وجولاتهم وحواراتهم، كما ان لهم ضمائرهم التي لا تنام.

اي موقف «اسود» سيسجله التاريخ لهؤلاء الذين تركوا «الدستور» تتقلب على جمر الصبر والخيبة والاسى، ولم يكلفوا خواطرهم بالسؤال عن محنة مئات « الاسر « الخادمة في بلاطها النبيل، و اي لعنة ستلاحق الشامتين العابرين بصحيفة لم تكذب اهلها، ولم تتسول على الارصفة كغيرها، ولم ترفع في وطنها الا آذان الخير و المحبة، ولم تكن في اي يوم الا صوتا للحق و سيفا للدولة يذب عنها الاعداء و يذود عن حياضها العاديات.. لكن لسان حال «الدستور» يكرر ما قاله «العرجي « حفيد عثمان بن عفان رضي الله عنهم، ذات محنة : اضاعوني واي «فتى» اضاعوا / ليوم كريهة وسداد ثغر ...يا خسارة!


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير