2024-11-26 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

قصص من (مأوى العجزة)..

حسين الرواشدة
جو 24 :

لا شيء اقسى على الاباء من عقوق ابنائهم ، ولا يوجد في الدنيا ما يعوض اما او ابا عن لحظة يشعران فيها بافتقاد ابنائهم - وهم احياء - او بنكرانهم وعدم رعايتهم لهم واهتمامهم بهم ، وما اكثر القصص التي نتداولها في مجتمعنا حول ابناء طردوا آباءهم الكبار من بيوتهم واودعوهم دور المسنين ، او اخرين اذعنوا لطلبات زوجاتهم فساموا آباءهم صنوف القهر والعذاب.

لا يمكن ، بالطبع ، اختزال قصص العقوق فيما يصلنا من دور المسنين فقط ، فالمسكوت عنه داخل البيوت التي انسحب فيها الابناء من قيمهم ودورهم في رعاية آبائهم اكبر بكثير من هذه الاعترافات الحزينة والمؤلمة التي يعبر عنها اباؤنا وامهاتنا المقيمون في مآوي العجزة ، اما لماذا يحدث ذلك في مجتمعنا الذي ما يزال يتمتع بدرجة ما من العافية الاجتماعية والدينية ، فالاسباب كثيرة ، بعضها يتعلق بالتربية وبعضها بضعف الوازع الديني. واخرى بعجز وسائل التوجيه واختلاف مصادرها ، او بانشغال الاباء وتقصيرهم بحق ابنائهم او بما طرأ على مجتمعنا من تحولات في مجال القيم والاخلاق واستيراد الافكار والحلول.. وغيرها.

ليس ثمة مبرر للعقوق اطلاقا ، فقد ربط الله تعالى بين توحيده وبين الاحسان للوالدين ، والى درجة انه لا يجوز ان نتوجه اليهما بأي كلمة مؤذية ، حتى لو كانت أُفْ ، لكن ذلك لا يعفي الاباء مما قد يقترفه ابناؤهم بحقهم ، فقد روى الاصمعي عن رجل من الاعراب قال: خرجت من الحي اطلب اعق الناس وابرهم ، حتى انتهيت الى شيخ في عنقه حبل يستقي بدلو لا تطيقه الابل في الهاجرة ، وخلفه شاب في يده رشاء اي حبل ملوي يضربه به ، قد شق ظهره بذلك الحبل ، فقلت: اما تتقي الله في هذا الشيخ الضعيف؟ اما يكفيه ما هو فيه من هذا الحبل حتى تضربه؟ قال: انه مع هذا ابي ، فقلت: فلا جزاك الله خيرا. قال: اسكت ، فهكذا كان هو يصنع بأبيه.

اعرف انه لا يوجد لدينا تشريعات رادعة تحاسب الاباء على تقصيرهم بحق ابنائهم ، او تعاقب الابناء على عقوقهم وجحودهم ، وتمنعهم من ادخال ابائهم الى مأوى العجزة ولكن ثمة سلطة اخلاقية لا بد ان تفعل في مجتمعنا لرعاية هؤلاء المسنين على الاقل وتوفير ما يحتاجونه من اهتمام ورعاية ، وقد سمعت قبل ايام ان سيدة في مصر رفعت قضية تطالب فيها الحكومة بتخصيص راتب شهري يكفل لها الحياة الكريمة بعد ان عجز ابناؤها عن اعالتها ، وحكم لها بمبلغ (500) جنيه من الخزينة بيت مال المسلمين ، فهل يمكن لهذه السابقة القضائية ان تطمئن المسنين المعوزين في بلادنا على مستقبلهم؟

قبل ان اختم ، اذكر بقصتين مؤلمتين حدثتا في احدى دور المسنين الموجودة في بلادنا ، احداهما حول ابناء اودعوا والدهم الدار ، وحين توفي تم ابلاغهم لاستلام جثمانه ، لكنهم رفضوا ، مما دفع المشرفين على الدار على تولي اجراءات الدفن على نفقة الدار بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية وامانة عمان ، والاخرى حول امرأة احضرتها بناتها الى احدى دور المسنين ، على اساس انها سيدة وجدت تحت شجرة ، وكانت ملقاة في سيارة بكب اب بملابس قذرة كأنها لم تستحم منذ عشر سنوات ، وتبين لاحقا ان هذه المرأة هي امهن ، وقد بقيت في الدار فترة وجيزة ثم ماتت.


(الدستور)

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير