انتفاضة الاكاديميين ضد الوزير ..!
حسين الرواشدة
جو 24 : لا ادري اذا كانت انتفاضة “الاكاديميين” ضد وزير التعليم العالي ستمر هكذا دون ان ينتبه اليها احد، لكن حتى وإنْ حدث ذلك في ظل حالة الصمت والعبث الاداري التي استشرت في مجتمعنا، و تحت سطوة “التخويف” التي يجري توظيفها باسم الحفاظ على الامن و الاستقرار، فان “ الملف” لن يغلق، و سيأتي اليوم الذي تنتصر فيه موازين العدالة لضحايا المقررات المغشوشة و السياسات “ العمياء” و العبث المقصود في نواميسنا الوطنية والتعليمية ايضا.
على خلفية حل مجلس التعليم العالي صدمتنا الحقائق التي تضمنها بيان الاعضاء المفصولين، كما ادهشتنا التفاصيل التي رواها اساتذة نثق بهم و نعتز بمواقفهم حول ما جرى في الجلسات المفتوحة و المغلقة، وما اخفاه وزير التعليم العالي وما صرح به، كنا نتوقع حينها ان يكون لرئيس الوزراء موقف واضح، وان يبادر الوزير الى تقديم استقالته بعدما فشل في الدفاع عن خططه وا جراءاته، لكن ذلك للاسف لم يحدث، وكأننا امام لعبة تقاسم ادوار ابطالها معروفون، و ضحيتها “ النزاهة “ و الاستقامة التي ذبحت على” بوابة التعليم العالي” و دفع مجتمعنا و جامعاتنا ثمنها بالصاع الوافي.
لا نتحدث فقط هنا عن قضية الغاء “الاستثناءات” التي خرجت فجأة من جيب الوزير دون ان تخضع لنقاش العام، ودون ان تدرج في سياق خطة متكاملة للنهوض بالتعليم ووضع ما يلزم من معايير واسس عادلة للقبول في الجامعات، وانما اتحدث ايضا عن ملفين اخرين : احداهما انهاء خدمات رئيس جامعة اليرموك السابق د.عبد الله الموسى الذي حظي باعلى تقدير لمساهمته في سد مديونية الجامعة و انجازاته الاخرى فيها، و بعدها تعيين رئيس جديد بمعاير غير مفهومة و في مناخات ملتبسة، علما بانه امضى السنوات الثماني الاخيرة خارج البلاد، اما الملف الثاني فهو حل مجلس التعليم العالي بذريعة “الصراع على المصالح“ الشخصية، والصراع هنا يتعلق بالتصويت على اختيار رؤساء لبعض الجامعات، وترشح احد اعضاء المجلس لمنصب الرئاسة في احداها، وهو عرف تكرر فيما سبق، ولم ينتقده احد.
لمعرفة التفاصيل، يمكن للقارىء العزيز ان يعود لما كتبه الاكاديميون (د. صلاح جرار و د. هند ابو الشعر د. عبد الكريم القضاة اضافة لبيان الاعضاء الذين تم اقالتهم من المجلس ) لكني استأذن في تسجيل عدة ملاحظاتةعلى هامش ما جرى، الاولى شكلية و تتعلق بشخصية الوزير الذي تم اختياره في التعديل الوزاري الاخير، و بغض النظر عما اذا كانت يمتلك المؤهلات الادارية لادارة ملف هام كملف التعليم العالي ام لا، فان ما فعله بعد شهور من توليه للمنصب، ابتداء من طرح قضية الاستثناءات ثم رفع معدلات القبول بالجامعات وصولا لحل مجلس التعليم العالي يعكس نوعا من الاستعجال غير المفهوم، ناهيك عن غياب القراءة الحصيفة لواقع التعليم في الاردن، واذا اضفنا لذلك “سجل “ الوزير الذي يتمضن بعض التجاوزات اثناء توليه للمواقع الادارية فان ثمة علامات استفهام عديدة يمكن ادراجها لفهم اسباب اختيار الرجل (هل نتذكر موظفي ليلة القدر) وطريقته في الارادة، وحظوظه وامكانياته في التعامل مع ملفات التعليم العالي المعقدة.
اما الملاحظة الثانية فتتعلق بالعنوان الذي اختاره الوزير لتمرير مقرراته واجراءاته و هو “اصلاح التعليم”، واعتقد انه كان يمكن ان يقنعنا بذلك حتى لو كانت هذه الاصلاحات جراحية و مؤلمة، لكن ما حدث انه لم يستطع اولا الدفاع عنها امام اجتماع لجنة التربية النيابية، ثم اننا اكتشفنا لاحقا ان هذا العنوان مضلل و غير صحيح، خاصة بعد ان تنصل رئيس الوزراء مما قام به الوزير، و الاغرب من ذلك ان التفاصيل التي اوردها اعضاء المجلس و غيرهم من الاكاديمين حول ما دار في الجلسات، وحول سلوكيات الوزير ومعاييره في الاختيار، جاءت في سياق معاكس تماما لفكرة “الاصلاح” بل انها تؤكد نوعا من العبث الذي يستحق المساءلة والمحاسبة.
الملاحظة الثالثة : اذا تجاوزنا المسألة القانونية، على اهميتها، فان ما قام به الوزير يتعارض مع “اخلاقيات” الادراة ومع اخلاقيات مهنة التعليم ايضا، ذلك ان التعامل مع اسس اختيار و ترشيح رؤساء الجامعات او اقصاء وتعيين اعضاء في مجلس التعليم العالي او ملئ مقاعد الرئاسات الشاغرة في الجامعات يحتاج الى معايير اخلاقية، لكن ما حصل يتنافى للاسف مع ابسط ابجديات قيم العدالة و النزاهة، ناهيك عن قواعد الانصاف عند الخصومة والالتزام بالسرية وغيرها مما تقتضيه الوظيفة العامة من اخلاقيات.
الملاحظة الاخيرة هي ان اجراءات الوزير لم تصدم فقط الجمهور المحافظ الذي قيل انه تضرر من قضية تعديل اسس القبول والغاءالاستثناءات و رفع معدلات القبول، وانما صدمت الاكاديمين الذين تعاملوا مع الوزير مباشرة، او الاخرين الذين سجلوا تحفظاتهم على ادائه ومواقفه، و بالتالي فانه لا يجوز ان تفهم الانتقادات التي وجهت للوزير في سياق الدفاع عن الحقوق المكتسبة، او الامتيازات و المواقع، وانما في طار اعم و هو الدفاع عن “التعليم العالي “ حاضرا و مستقبلا، وعن العدالة وحقوق المواطنة وعن مبادئ واخلاقيات الموظف العام التي يفترض ان تحترم.
(الدستور)
على خلفية حل مجلس التعليم العالي صدمتنا الحقائق التي تضمنها بيان الاعضاء المفصولين، كما ادهشتنا التفاصيل التي رواها اساتذة نثق بهم و نعتز بمواقفهم حول ما جرى في الجلسات المفتوحة و المغلقة، وما اخفاه وزير التعليم العالي وما صرح به، كنا نتوقع حينها ان يكون لرئيس الوزراء موقف واضح، وان يبادر الوزير الى تقديم استقالته بعدما فشل في الدفاع عن خططه وا جراءاته، لكن ذلك للاسف لم يحدث، وكأننا امام لعبة تقاسم ادوار ابطالها معروفون، و ضحيتها “ النزاهة “ و الاستقامة التي ذبحت على” بوابة التعليم العالي” و دفع مجتمعنا و جامعاتنا ثمنها بالصاع الوافي.
لا نتحدث فقط هنا عن قضية الغاء “الاستثناءات” التي خرجت فجأة من جيب الوزير دون ان تخضع لنقاش العام، ودون ان تدرج في سياق خطة متكاملة للنهوض بالتعليم ووضع ما يلزم من معايير واسس عادلة للقبول في الجامعات، وانما اتحدث ايضا عن ملفين اخرين : احداهما انهاء خدمات رئيس جامعة اليرموك السابق د.عبد الله الموسى الذي حظي باعلى تقدير لمساهمته في سد مديونية الجامعة و انجازاته الاخرى فيها، و بعدها تعيين رئيس جديد بمعاير غير مفهومة و في مناخات ملتبسة، علما بانه امضى السنوات الثماني الاخيرة خارج البلاد، اما الملف الثاني فهو حل مجلس التعليم العالي بذريعة “الصراع على المصالح“ الشخصية، والصراع هنا يتعلق بالتصويت على اختيار رؤساء لبعض الجامعات، وترشح احد اعضاء المجلس لمنصب الرئاسة في احداها، وهو عرف تكرر فيما سبق، ولم ينتقده احد.
لمعرفة التفاصيل، يمكن للقارىء العزيز ان يعود لما كتبه الاكاديميون (د. صلاح جرار و د. هند ابو الشعر د. عبد الكريم القضاة اضافة لبيان الاعضاء الذين تم اقالتهم من المجلس ) لكني استأذن في تسجيل عدة ملاحظاتةعلى هامش ما جرى، الاولى شكلية و تتعلق بشخصية الوزير الذي تم اختياره في التعديل الوزاري الاخير، و بغض النظر عما اذا كانت يمتلك المؤهلات الادارية لادارة ملف هام كملف التعليم العالي ام لا، فان ما فعله بعد شهور من توليه للمنصب، ابتداء من طرح قضية الاستثناءات ثم رفع معدلات القبول بالجامعات وصولا لحل مجلس التعليم العالي يعكس نوعا من الاستعجال غير المفهوم، ناهيك عن غياب القراءة الحصيفة لواقع التعليم في الاردن، واذا اضفنا لذلك “سجل “ الوزير الذي يتمضن بعض التجاوزات اثناء توليه للمواقع الادارية فان ثمة علامات استفهام عديدة يمكن ادراجها لفهم اسباب اختيار الرجل (هل نتذكر موظفي ليلة القدر) وطريقته في الارادة، وحظوظه وامكانياته في التعامل مع ملفات التعليم العالي المعقدة.
اما الملاحظة الثانية فتتعلق بالعنوان الذي اختاره الوزير لتمرير مقرراته واجراءاته و هو “اصلاح التعليم”، واعتقد انه كان يمكن ان يقنعنا بذلك حتى لو كانت هذه الاصلاحات جراحية و مؤلمة، لكن ما حدث انه لم يستطع اولا الدفاع عنها امام اجتماع لجنة التربية النيابية، ثم اننا اكتشفنا لاحقا ان هذا العنوان مضلل و غير صحيح، خاصة بعد ان تنصل رئيس الوزراء مما قام به الوزير، و الاغرب من ذلك ان التفاصيل التي اوردها اعضاء المجلس و غيرهم من الاكاديمين حول ما دار في الجلسات، وحول سلوكيات الوزير ومعاييره في الاختيار، جاءت في سياق معاكس تماما لفكرة “الاصلاح” بل انها تؤكد نوعا من العبث الذي يستحق المساءلة والمحاسبة.
الملاحظة الثالثة : اذا تجاوزنا المسألة القانونية، على اهميتها، فان ما قام به الوزير يتعارض مع “اخلاقيات” الادراة ومع اخلاقيات مهنة التعليم ايضا، ذلك ان التعامل مع اسس اختيار و ترشيح رؤساء الجامعات او اقصاء وتعيين اعضاء في مجلس التعليم العالي او ملئ مقاعد الرئاسات الشاغرة في الجامعات يحتاج الى معايير اخلاقية، لكن ما حصل يتنافى للاسف مع ابسط ابجديات قيم العدالة و النزاهة، ناهيك عن قواعد الانصاف عند الخصومة والالتزام بالسرية وغيرها مما تقتضيه الوظيفة العامة من اخلاقيات.
الملاحظة الاخيرة هي ان اجراءات الوزير لم تصدم فقط الجمهور المحافظ الذي قيل انه تضرر من قضية تعديل اسس القبول والغاءالاستثناءات و رفع معدلات القبول، وانما صدمت الاكاديمين الذين تعاملوا مع الوزير مباشرة، او الاخرين الذين سجلوا تحفظاتهم على ادائه ومواقفه، و بالتالي فانه لا يجوز ان تفهم الانتقادات التي وجهت للوزير في سياق الدفاع عن الحقوق المكتسبة، او الامتيازات و المواقع، وانما في طار اعم و هو الدفاع عن “التعليم العالي “ حاضرا و مستقبلا، وعن العدالة وحقوق المواطنة وعن مبادئ واخلاقيات الموظف العام التي يفترض ان تحترم.
(الدستور)