jo24_banner
jo24_banner

هل يعيد الربيع العربي للأحزاب دورها في الشارع أو أن الشباب سيرثونه؟

هل يعيد الربيع العربي للأحزاب دورها في الشارع أو أن الشباب سيرثونه؟
جو 24 : كتبت رانية الجعبري - يرى ناشطون أن الأحزاب تآمرت في أحيان على وعي الناس وعلى الشباب, ويستندون في ذلك إلى مواقف عديدة على رأسها سعي الأحزاب لإفشال المسيرة الثالثة في الأردن والأولى أمام الجامع الحسيني مطلع العام 2011, وذلك لغيابهم عنها وإقامتهم نشاط في توقيت مقارب لها في النقابات المهنية.
في ذلك الحين هنأ المعارض الأبرز ليث شبيلات الشباب لغياب الأحزاب عنهم ودعاهم إلى الحفاظ على نقاء حراكهم, لكن وبعد ساعات قليلة من انتهاء تلك المسيرة هرب بن علي. فالتحقت الأحزاب بالشباب في مسيرة الجمعة التالية, ولنرها تثبت حضورها بصورة غير دورية في المسيرات والاعتصامات التالية.
وقبل الربيع العربي شهدت احزاب أردنية خروج وتمرد شباب عليها, بل إن عددا لا يستهان به من الناشطين اليوم كانوا أبناء لتلك الأحزاب في الأمس, وفي مصر وتونس خرج شباب الأحزاب قبل أحزابهم إلى الثورات وهم من جروا الأحزاب للخروج عن صمتها, ولهذا استحقت الثورات مسمى "ثورة الشباب".
فهل ستكون الأحزاب قادرة على العودة إلى الشارع في مطلع ربيعنا العربي أو أن الشباب سيرثون الشارع؟

الأنظمة العربية والأحزاب.. هَمّ التجديد

أثناء الحديث مع الناشط الشبابي محمد صبحي كنا نقف على نقاط التقاء تجمع الأحزاب بالأنظمة العربية, إذ يرى صبحي أن الأحزاب حالها كحال الأنظمة تخاف من كلمة "التجديد", وذلك في سياق حديثه عن نظرة الريبة التي تطلقها الاحزاب للحراكات الشبابية على اعتبارها بديلا عن الأحزاب, مشددا على أن دور هذه الحراكات هو دور تجديدي لا غير.
وهنا ينفي الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني د. منير حمارنة ما سبق, مبينا أن الأحزاب لا تحمل تلك المخاوف نظرا إلى أن الحراك يضم شبابا غير مسيسين وليس لديهم قيادات, واصفا حراكاتهم بالتلقائية, ومع ذلك يقول " نحن نرحب بحضورهم في الشارع, رغم انهم لا يمتلكون برامجا واضحة".
ويتطرق صبحي لوجه شبه آخر بين الأنظمة والاحزاب في أن الأخيرة صُدمت بالتغييرات الدراماتيكية للربيع العربي شأنها في ذلك شأن الأنظمة العربية, ومع ذلك هي لم تفكر في تغيير آلياتها وخطابها, إذ بين أن الشباب أثناء تنظيمهم لاعتصامات التضامن مع المصريين امام السفارة المصرية كانت الأحزاب والنقابات ترفض مشاركتهم بالاعتصامات ما لم يكن هنالك كلمة لأمين عام الحزب الفلاني أو النقيب الفلاني.
وبعض الأحزاب وفق صبحي كانت إن لم تلتحق بالفعاليات تلك ترسل شبيبتها للمشاركة مع الشباب ليقولوا في النهاية "لقد شاركنا", مشددا أن شبيبة الاحزاب شيء والاحزاب شيء آخر.
ويصف الروائي والناشط عبد السلام صالح وضع الأحزاب الحالي وتحديدا اليسارية بأنه "لا يسر عدوا ولا صديقا", مشددا أنه يتحدث من واقع محبته ورغبته في أن يتغير الحال, فهو وإن كان الأقرب لها أيديولوجيا إلا أنه يرى أن الحزب الوحيد الذي يعمل على الساحة بصورة منظمة هو "جبهة العمل الاسلامي".

تاريخ إبعاد الأحزاب عن الشارع

يؤكد صبحي أن الأحزاب كانت صاحبة دور في السابق لكن هذا الدور غاب وعودته ممكنة عبر قدرة الأحزاب في الوصول إلى الناس متسائلا عن الذراع الاجتماعي للأحزاب القادر على الوصول إلى الناس واقناعها ببرامج الأحزاب؟.
هنا يأخذنا د. حمارنة في جولة تاريخية مبينا أن الأحزاب كانت موجودة في الأربعينيات وكانت صاحبة حضور في البلد, وإن إعلان الأحكام العرفية في العام 1957 بعد إقالة حكومة سليمان النابلسي أدخل الأحزاب إلى نفق طويل يغص بالقيود التي لم تتمكن هبة نيسان من إزالتها تماما.
ويتساءل "كيف تعود الحياة الحزبية للأردن ومع ذلك تبقى الأحزاب ممنوعة من الدخول إلى المدارس والجامعات, لتبق السياسة حراما على الأجيال؟". ويضيف "سُمِح للأحزاب بممارسة العمل العلني وفرضت قوانين تقيدها مثل قانون الاجتماعات العامة على سبيل المثال لا الحصر".
ويتناول الكاتب والباحث د. محمد ابو رمان في ورقة عمل قدمها مطلع العام 2011 تحمل عنوان "محاور الاصلاح السياسي في الأردن" قيودا غير معلنة على الحريات العامة بقيت موجودة رغم "الانفتاح الديمقراطي" الذي تلا هبة نيسان.
ويلخصها بالتدخل في التعيينات والتوظيف, بناء على الالتزامات السياسية, وذلك ليس فقط في المؤسسات الحكومية بل في المؤسسات الخاصة عبر اشتراط "حسن السلوك" الذي أصبح بمثابة سيف مصلت على رقاب من يمارسون أي نشاط سياسي معارض.

تجديد الخطاب هو الحل..

رغم الظروف السابقة التي ساهمت في إعاقة الأحزاب عن العمل رغم "الانفتاح السياسي" إلا أن صبحي يرى أن الربيع العربي أتاح الفرصة للأحزاب كي تجدد خطابها وتعود إلى الشارع بقوة, لكنها ما زالت كما الأنظمة غير قادرة على الافادة من الفرص المتاحة. مطالبا إياها بضرورة اعادة قراءة برامجها بناء على المتغيرات السياسية والاقتصادية في العالم.
مشددا على أن التجديد في الأحزاب لا يعني احتوائها على شباب, بل يتطلب الأمر تجديدا في الخطاب الموجه للشارع, وإن الشارع وفقه سيبقى متاحا للقوى القادرة على فرض نفسها حتى لو كان الشباب كون العالم لا يقبل الفراغ.
ويعود د. حمارنة في هذا السياق ويدلل على أن الحراكات الشبابية لا تحمل برنامجا واضحا, عبر رفع الشباب شعارات متطرفة مثل شعار اسقاط النظام أو ما يدور حوله من معان, او شعار اسقاط مجلس النواب أو رئيس الوزراء.
مشددا على أن رفع شعارات اسقاط الاشخاص لا تأتي بالتغيير وإن الدليل الأشد على وضوح الرؤية عند الأحزاب رفعها لشعارات تطالب بتغيير النهج السياسي والاقتصادي, كونه يشكل ضمانة حقيقية للتغيير.
وهنا دعا الشباب إلى عقلنة شعاراتهم العاطفية ليتمكنوا من التغيير, مشددا على أن الدعوات ذات السقف المرتفع وإن أطربت فإنها لن تأتي بالتغيير في ضوء عدم وجود بدائل على الساحة السياسية.
صبحي لا يخالف د. حمارنة الرأي فهو يوافقه بأن الحراكات والتيارات لا تحمل برامجا تمكنها من الحلول مكان الأحزاب, وإنها في المستقبل وإن حققت أهدافها لن تكون بديلة عن الأحزاب, بل إنه يحذر من وجود حراكات وتيارات تستثمر الربيع العربي لتكون بديلا ووسيلة لهدم الأحزاب, وهذا ما يجب الحذر منه.
إلا أن ما سبق لا يعفي الأحزاب من استحقاقات يفرضها الربيع العربي لكنها ما زالت تراوح مكانها.
وتجديد الخطاب يقع على رأس هذه الاستحقاقات, لأن اللغة التي تترجم فيها شعارات الاحزاب في الشارع ما زالت أعجمية على الناس غير مفهومة.
إذ يبين صبحي "صاحب الخلفية اليسارية" بأن الأحزاب اليسارية لم تدرك بعد بأن الوقت آن لتغيير مفردات الخطاب ليتمكن المواطن الفقير والمعدم الذي تناضل لأجله الأحزاب من فهم طموحها وبرنامجها الذي يصب في إطار مصالحه اليومية المتمثلة في تأمين الغذاء والدفء لأبنائه.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير