jo24_banner
jo24_banner

دم الفشل في التوجيهي توزع بين القبائل..!!

حسين الرواشدة
جو 24 : كل ما فعله وزير التربية والتعليم انه “كشط” غبار التجاوزات والغش الذي تراكم منذ عقود على “مرآة” التوجيهي ، فظهرت صورة التعليم في بلدنا كما هي على حقيقتها بلا مكياج ولا رتوش.
الصورة ذاتها، شاهدناها في العام الماضي لم تتغير : عدد المدارس التي لم ينجح فيها احد هي هي ، زفة التراشقات والاتهامات بين الوزارة والنقابة حول من يتحمل المسؤولية تكررت ايضا، دعوات الخبراء والاكاديميين في العام الحالي مطابقة تماما لصرخاتهم في العام الماضي ، لم يتغير أي شيء.
لا يكفي فقط ان نستعيد هيبة التوجيهي وعدالة تحصيل العلامات لكي نحتفي بالانجاز، هذا احتفاء مغشوش للاسف، المهم ان نستعيد قيمة العلم والتعليم في بلدنا ، ونصحح وعي وعقول ابنائنا ، ونلغي الى الابد سياسات فاشلة انتجت مناهج مليئة بالحشو ، واساليب تعليمية عقيمة عفا عليها الزمن ، ومعايير تقويمية حولت طلابنا الى “ببغوات” ، وقتلت كل ما ينمو داخلهم من تفكير او ابداع.
ثورة التعليم لا تبدأ بتشديد “الحراسات “ على قاعات التوجيهي ، ولا باستيراد اجهزة للتشويش ومنع الغش، ولا “ بتنخيل “ الطلبة المتقدمين للامتحان ومعاقبتهم على جريمة الرسوب التي لم يرتكبوها وحدهم ، الثورة في التعليم تبدأ من داخل وزارة التعليم ومن داخل المجتمع ايضا ، تحتاج اولا الى ارادة سياسية جادة ، وثانيا الى رؤية تعليمية وتربوية يضعها خبراء معتبرون لا هواة ، وثالثا الى تشريعات عادلة تعيد للتعليم اعتباره وللقائمين عليه مكانتهم ، ورابعا الى بنى تحتية على صعيد المباني والمعاني ، تحرر اجساد وعقول ابنائنا من هذا “الخراب” الذي حوّل بيئة التعليم الى مقابر.
كل هذا يحتاج الى تفاصيل يعرفها فقهاء التربية والتعليم في بلدنا ، لكننا للاسف لم نبدأ حتى الان بترجمة الدعوات والامنيات الى وقائع ومبادرات ، كل ما فعلناه اننا حاكمنا النتائج وكأنها هكذا هبطت علينا من السماء بلا اسباب ولا مقدمات، ثم تعهدنا بمحاكمة الضحايا ، سواء اكانوا طلبة او معلمين او اهالي ، دون ان نسأل : لماذا حدث ذلك ، ومن اوصلنا الى هذه النتيجة ومن هو المسؤول الاول عن مواجتها .
بين الوزارة “ العتيدة “ والنقابة “الوليدة” ضاعت طاسة المسؤولية، فثمة من حاول ان يوظف / لم ينجح احد / لتحميل المعلمين ونقابتهم ضريبة التقصير ، وثمة من هلل لتوريط الوزير في مواجهات مع المجتمع ومع قطاع التعليم العالي الخاص ، والنتيجة ان دم الفشل الذي صدمنا في نتائج التوجيهي ضاع وتوزع بين القبائل ، والفشل هنا لا يمكن اختزاله في مئات المدارس التي لم ينجح فيها احد ، سواء في الاغوار او المفرق او البادية والاطراف، وانما في انحدار نسبة النجاح وتدني مستوى العلامات ايضا، وفي تخريج طوابير من الراسبين الذين لا نعرف الى اي المجالات سينصرفون ، ثم كيف سينعكس ذلك على مستقبل الجامعات الرسمية والخاصة التي لانعرف ايضا كيف ستتقاسم الطلبة ولا ماذا ستفعل اذا وجدت نفسها امام كارثة محدودية عدد الطلبة المتقدمين للتسجيل فيها ، هل ستغلق ابوابها ام انها ستواجه ذلك بتوسيع الموازي في التخصصات المطلوبة ام بطرد الاساتذة وبالتالي انحدار مستوى جودة التعليم ، ام اننا سنعالج مشكلة الاقل حظا بمزيد من الاستثناءات ، ونغطي على المشكلة بما يلزم من “مبررات “ للترضية وتلطيف الخواطر.
العملية التعليمية من الفها الى يائها بحاجة الى اعادة نظر، ليس لان نتائج التوجيهي كشفت عن الصورة التي “ دارينا “ عليها طيلة العقود الماضية ، وانما لان هذا التوجيهي اصبح ايضا بحاجة الى مراجعة، مثله مثل المناهج والوسائل والمعلمين والمدارس والاشراف الاداري..الخ، ولان ما تخرجه الجامعات لنا هو افرازات لهذا التعليم الذي اصبح كارثيا ايضا، ولان استراتيجيات التعليم التي اعتمدناها “بالترقيع “ اعادتنا للوراء .
لقد بددنا للاسف فرصا كثيرة في “الاستثمار” ، وتعرضت مواردنا الطبيعية للاهمال والنهب، فها نحن ندفع ثمن فاتورة الطاقة بمزيد من المديونية والعجز ، ونصر على انه لا يوجد لدينا “نفط” نستخرجه ، ولا حتى طاقة شمسية تساعدنا على لجم فاتورة “الغاز” الذي نستورده ، فماذا بقي لنا سوى الاستثمار في التعليم وفي عقول ابنائنا وابداعاتهم ، هل قدرنا ايضا ان نفشل في الاستثمار بالانسان الذي يبدو اننا لا نملك غيره..؟!


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير