قراءة في كف «3» شهور قادمة
الان، بوسعنا ان نتصور ما يمكن ان نشهده في الشهور الثلاثة التي تفصلنا عن بداية العام: موجة من التغييرات في المواقع الهامة، حل مجلس النواب ثم استقالة الحكومة ثم اشهار موعد لاجراء الانتخابات في شهر كانون الاول - كما يبدو -، وفي سياق ذلك سينشغل الناس بالانتخابات وشجونها، وستحاول الحكومة الجديدة ان “تجمد” الازمات وتفتح القنوات لتهدئة المزاج العام، وربما تتفرغ للملف السوري وتداعياته المتوقعة، وربما ايضا تنجح في “ترطيب” المناخات الاقتصادية اذا وصلت “المساعدات” المتوقعة.
على الطرف الاخر، سيبقى “الاسلاميون” في الشارع، وسيحاولون ابتداع وسائل جديدة من “الاحتجاج” وستشهد الحراكات الشعبية حالة من المد والجزر تبعا “لارتدادات” الاحداث والمقررات الحكومية، وسيكون يوم الجمعة في الغالب موعدا للاحتجاجات، واغلبها سيكون تحت عنوان “مكافحة الفساد.. ورفض المشاركة في الانتخابات”.. وهكذا.
في سياق “ورشة” الانتخابات ستغلق جداول التسجيل على “مليوني” ناخب متوقع، وستجد احزاب تمثل الوسط واليسار وشخصيات مستقلة واخرى “مجربة” فرصة للدفع نحو تشكيل “قوائم” او “ائتلافات” انتخابية، ويتوقع ان يحصد نحو 50% من مقاعد البرلمان “ وجوه” جديدة، وسيكون “للاسلاميين” بمختلف توجهاتهم نصيب من ذلك.. ومن المؤكد ان “بطل” هذه المرحلة سيكون “الهيئة المستقلة” التي تتولى ادارة العملية الانتخابية.. وبالتالي ستضمن “الحكومة” بقاءها على الحياد، فيما سيتوجه النقاش العام حول “نزاهة” الانتخابات بدل ان يتوجه نحو حجم المشاركة او نوعية المرشحين.. ومن يمثلون.
من وجهة النظر الرسمية، يعتبر اجراء الانتخابات “انجازا” ومدخلا لطي صفحة “الالتباسات” والازمات التي استمرت لعامين، كما انه يشكل “انتصارا” لمنطق التدرج والحكمة والاستبصار، فالاردن كما قيل - استثناء - وعملية الاصلاح فيه لها مواصفات وشروط خاصة، وبالتالي فان اجراء الانتخبات - بنجاح - يعني الخروج من خارطة الربيع العربي والدخول في “الصيف” الذي يقف الجميع فيه على البيدر للمشاركة في “جني” الثمار واقتسام المحصول.
اما من وجهة النظر المعارضة فالصورة تبدو معكوسة تماما، اذْ ان الانتخابات بمن حضر لن تحل الازمة وانما ستعمقها او ترحلها على الاقل، وبالتالي فان اليوم الذي يلي تشكيل البرلمان لن يختلف عن سابقه، وما لم نستبق هذا الموعد باجراءات “اصلاحية” تهدئ الشارع وتعمل على تحسين معيشة الناس، وتحيد المعارضة المنظمة، فان الحراكات ستبقى في الشارع، وستنشأ اشكال جديدة للمعارضة والاحتجاج قد يصعب التعامل معها.
لا ادري اذا كان ثمة “نافذة” للتجسير بين وجهتي النظر او اجراء تفاهم او مصالحة بينهما، لكنني اعتقد ان امامنا بعد حل البرلمان وتشكيل الحكومة الجديدة فرصة اخيرة لايجاد “ارضية” من التفاهمات ولو كانت تحت بند “اضعف الايمان” او “الحد الادنى من التوافق” بحيث نضمن ان يحترم كل طرف وجهة نظر الاخر وألا يأخذنا الشد المتبادل الى “الصراع” .. فالانتخابات لها مؤيدون واخرون مقاطعون، وما دام ان قرار اجرائها حسم، فليس امامنا سوى اعتماد “الوسائل” السلمية المشروعة للاعتراض والتأييد.. لكي لا يخسر مجتمعنا اكثر مما خسره في العامين المنصرمين.
ويبقى سؤال: هل ستخرجنا الانتخابات من ازمة الاستقطابات. والاحتقانات.. اتمنى ذلك.
(الدستور)