سقوط «الغضب»..
أحمد حسن الزعبي
**
على الحدود الهنغارية حمل «أسامة عبد المحسن الغضب» ابنه بين يديه وهرب مع جموع اللاجئين في محاولة للنجاة بالعيش والأبناء ،في محاولة للركض نحو السلام والشمس التي لا تشطرها طائرات النظام إلى نصفين ، ولا الغيوم المكوّنة من دخان الحرائق وغبار البيوت المهدمة، الركض نحو بقعة أرضية ليس فيها من يدقّ بابه آخر الليل يفتّش غرفة نومه او يجبره على الهتاف للنظام ، الركض من العمائم الكثيرة التي احتلّت وطنه دون ان يعرف ما هي الزاوية الهندسية التي سيختارها لقبلة الصلاة... أسامة الغضب ركض بطفله وعائلته ...ليصبح أباً حقيقاً يتكلم لأولاده عن الشجاعة ويمارسها ، عن الفضيلة ويمارسها ، عن الحرية ويمارسها عن الأبوة ويمارسها ، يحضر لهم ألعابا وفاكهة صيفية آخر الليل ، ويحضر معهم أفلام الكرتون ويراجع دروس الحساب...أسامة الغضب آثر الهرب على أن يبقى كائناً حياً يأكل ويشرب وينام في وكر الذل أو جراب العار...
ثمة مفارقات مؤلمة في المشاهد التي تصلنا يومياً مع أفواج اللاجئين الذين «يفتحون» أوروبا من بابها الخلفي... «أسامة الغضب» مدرّب نادي «الفتوةّ»...حيث كان يعطي تعليمات للاعبيه طوال العمر أن الإسقاط المتعمّد قد يتسبب ببطاقة «حمراء»، وإذا ما كان من مكان قريب من «حدود» الهدف...قد يتسبب الإسقاط بخسارة...فتدور به الأيام...ليسقط هو نفسه بقدم «المتفرّج» على «حدود» الهدف ...ويتقمّص اللاعب السياسي دور «الحكم» الدولي ويقول: مشي اللعب»... كلها مفارقات تضاف الى سجل المفارقات المبكية منذ السيجارة الأولى المطفأة في جسد الطفل حمزة الخطيب إلى سقوط المدربّ الحر ...
على حدود اللجوء : يصبح «الغضب» رجاء ..و»الفتوة» ضعفاً...و»العرقلة» بطاقة خضراء للدخول...
(الرأي)