jo24_banner
jo24_banner

"لازم حدا يقلّه"..

أحمد حسن الزعبي
جو 24 : بسبب البرنامج المدرسي المكتظ، والحصص المتتابعة، والمناوبة الأسبوعية، و قصر الاستراحة ..أحياناً كان يدخل المعلم الغرفة الصفية دون أن يعطي نفسه فرصة لمسح حذائه او تفقد ملابسة أو حتى أعادة تصفيف شعره...

ذات مرة دخل علينا مستعجلاً يحمل ملامح الصرامة والجدية ، وأول ما بدأ يفتش على الأظافر والشعر والواجبات كان الأولاد يتهامسون ويضحكون سرّاً بينهم وينقلون عدوى الضحك بالإشارات الى المقاعد البعيدة ؛ كان "سحّاب" بنطال "المعلم" مفتوحاً...

المهم و بعد ان انتهى من تفتيشه على النظافة وحل الواجبات، وقف امام طلاب الصف ، كتب على اللوح عنوان الدرس..ثم بدأ يشرح بمنتهى الجدية والهمّة الممزوجة بالأنفة درس اليوم ..لكن الهمس بدأ يتصاعد ، والضحك بدأ يرتفع ، والنظر يزداد تركيزه الى نصف الأستاذ السفلي مرة بعد مرة ..

وقف احد الطلاّب الأذكياء في مقعده ،رفع "سحّاب" بنطاله امام المعلّم ليوهمه أن خللاً ما يجب ان يقوم بإصلاحه كما فعل..لكن المعلّم لم ينتبه لنصيحة الفتى الخفية بل قرّعة بعبارة "اقعد بلا سقاعة"..بعد لحظات حاول آخر ان يكتب ورقة ويضعها في دفتر التحضير ، علّه يفتح الدفتر ويقرأ المكتوب قبل ان يشرح الدرس..لكن المعلم زجره بضرورة ترك ما بيده و الانتباه من جديد لما سيقوله...

كان هذان الطالبان يقصدان ان يقولا للمعلم أن الطلاب لن يسمعوك جيداً ولن يخف صوتهم ما لم "ترفع سحّابك"..لكن دون جدوى...انتصفت الحصة ، ضرب المعلم بعصاه على الطاولة أكثر من مرّة ، محذّراً من التشويش على الصف ، لكن الضحك كان يتزايد كلما زاد غضبه واهتزّت اطرافه أو تحرّك من مكانه...السرّ في معادلة الضبط او الانفلات تلك ، أن هناك ثلاثين طالباً يشاهدون (حالة) المعلّم ..والمعلّم لا يستطيع ان يرى نفسه ولم يترك فرصة لأحد ان يخبره عن نفسه...

في نهاية المطاف ،تجرأ أشجعنا وقف بكل مسؤولية، وقال له بعبارة صريحة دون تلميح او تلطيف: " استاذ..سحّابك مفتوح..ارفعه"...نظر المعلّم الى اسفل الحزام ، احمرّ وجهه ، رفع السحاب ..ثم عاد الى الفتى صفعه "خماسي " وجره من ياقة قميصه وطرده خارج الحصة..

صحيح ان صديقنا دفع ثمنا باهظاً.."بس كان لازم حدا يقله"..!!.


*منع من النشر في يومية الرأي
تابعو الأردن 24 على google news