2024-12-24 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

تفكيك التطرف يبدأ من هنا ..!!

حسين الرواشدة
جو 24 : ما الذي يدفع “أبناءنا “ إلى الالتحاق بالتنظيمات الإسلامية المتطرفة؟ منذ سنوات طويلة ونحن نطرح هذا السؤال ، ثم نختلف في الاجابات عليه ، وفي اصدار الاحكام على المتورطين في هذه التهمة ايضا .
بعضنا يعتقد ان هؤلاء خرجوا من تربة “التطرف” الذي تلقوه في المناهج الدراسية و التربوية ، فيما يرى اخرون ان ثقافة التطرف هي الابن الشرعي للظلم و القهر و الاستبداد السياسي ، البعض يرى ايضا ان هؤلاء الشباب ضحايا لظروف سياسية و اجتماعية ، بينما يعتقد اخرون انهم مجرمون لا ينفع معهم الحوار ولا العلاج .
مع الاحترام لكل المحاولات التي تدرج لفهم سياق هذه الظاهرة ، فان ما حدث مع نجل احد النواب الذي فجر نفسه مؤخرا في العراق تحت مظلة “داعش” يعيدنا الى السؤال مجددا : لماذا يضحي ابناؤنا بانفسهم دفاعا عن قضية نحاول جميعا ان نتكاتف ضد اصحابها ، ونحاول ايضا ان نقنعهم ان ما يقومون به لا علاقة له بالدين ولا بالدفاع عن الامة واوطانها ،ورغم ذلك فانهم يكسرون عصا طاعاتنا ويذهبون الى عناوين خاسرة ، كما نعتقد، وكارثية ايضا.
الاجابة التي تلقيتها من عشرات ، بل مئات الشباب ، سواء وجها لوجه، او من خلال وسائل الاتصال المختلفة ،حول الاسباب التي دفعتهم للانضمام او للتعاطف مع احدى التنظيمات الاسلامية المسلحة، سواء في سوريا او العراق او غيرهما، كانت واحدة ،وان اختلفت الشروحات والتبريرات ، وهي : الجهاد في سبيل الله. اذن هؤلاء الشباب الضحايا مهما كانت ثقافتهم وتحصيلهم العلمي ومستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية يتحركون بدافع ديني تغذيه اسباب وعوامل مختلفة، وهذا الدافع الديني يتعلق بايمانهم العميق بالاسلام كدين، وبالدفاع عنه كمعتقد ، وبالتضحية من اجل تطبيقه واقامة دولته.
من هنا يمكن ان نبدأ بتفكيك التطرف، ذلك ان غياب النموذج الاسلامي العملي الصحيح الذي كان يمكن ان يستوعب هؤلاء الشباب تحت مظلته ، وان يدمجهم في مجتمعاتهم ، ويدفعهم الى العمل في اطارها المشروع، والى التضحية من اجل بناء هذه المجتمعات والالتزام بقوانينها وقيمها،والحفاظ على امنها واستقرارها، غياب هذا النموذج هو العامل الاساسي الذي دفع هؤلاء الى البحث عن نماذج اخرى، تهيأ لهم بسبب قلة التجربة او الحماسة او تحت الضغوط والاغراءات المختلفة انها صحيحة واصيلة ، فيما الحقيقة انها نماذج مغشوشة ومسمومة ، بل ولا علاقة لها بنموذج الاسلام الصحيح الذي يتعارض تماما مع الفكرة التي استندوا اليها ، وهي فكرة الجهاد الذي اختزلوه في القتال والتوحش، فالجهاد لا يتطابق ابدا مع القتال لانه يعني المجاهدة من اجل الحياة ، وشعبة القتال ليست الا شعبة واحدة من بين (23) شعبة للجهاد، وهي تتعلق برد العدوان ولها من الاخلاقيات والاداب والشروط ما لا يتسع المجال لسردها ، اما سبيل الله ، فهو يتعلق بكل ما فيه خير لمصلحة الانسان ، ولا يمكن ان يدرج فيه اي شر او فساد او ضرر يصيب احدا من العباد.
طبعا لا يمكن لهؤلاء الشباب الذين ضلت اقدامهم الى التطرف ووقعوا في “فخ” الاغراءات التي ينصبها اشخاص ماهرون في اصطياد العواطف وتجييش المشاعر واستغلال الدين وتنميطه ان يقتنعوا هكذا نظريا بما نردده من سرديات حول قيم الدين ومقاصده، وحول ضلالات التطرف التي يروج لها المتطرفون وخاصة من خلال الجهاد باعتباره اقرب طريق للجنة، طبعا دون فهم حقيقي لشروطه وضوابطه، ولكنهم يحتاجون الى دليل عملي يطمئنهم على سلامة ما يعتقدونه، وهذا الدليل الذي ما زلنا عاجزين عن تقديمه هو الاسلام العملي الذي يتحرك على الارض ويبرز افضل ما في الدين كفاعل في الحياة وليس كصورة فقط.
من تحت عباءة الدين ومن اجله خرج هؤلاء الشباب المتطرفون دون ان يدركوا ان هذا الدين الذي خرجوا من اجله برئ مما يفعلونه، وبالتالي لا يمكن ان يعودوا الى رشدهم او ان نقنعهم بهذه العودة الا من خلال الدين ذاته، لكن هذا الدين/ المخرج لا بد ان يكون نسخة اصيلة وصحيحة وقابلة للتطبيق، نسخة تمشي على الارض وتصحح مساراتها بنفسها ، وتطرد المندسين اليها والخارجين عن صراطها بما تمتلكه من قوة وارادة، وبما تحوز عليه من اثر في حياة الناس واسعادهم .



(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير