jo24_banner
jo24_banner

من سيرفع الرافعة؟

أحمد حسن الزعبي
جو 24 : لا شيء يدهشني سوى القدرة التحليلية العالية التي يتمتع بها شعبنا ،ومهارته في القفز عن الاختصاصات فور سماع خبر أو وقوع واقعة.. ولا يقف البعض عند طرح وجهة نظره وحسب ، لا بل يحاول جاهداً ان يقنعك بصحة ما يقول بالرسوم التوضيحية.
حتى ظهر اليوم الأول من العيد وأثناء جولتي على الجيران والأقارب ، سمعت على الأقل عشرة تحليلات لسقوط الرافعة ..قال أحدهم وهو متكىء على وسادتين ورجله اليمنى تتعامد مع اليسار مثل رقم «4» بالانجليزي..»كان ما لازم يخلوا راس الرافعة الى الغرب ..لأنه الهوا غربي وسهل يدبّها»..طبعاً لا أدري من أين أتى الحجي بهذه النظرية الفيزيائية وكيف عرف ان الهواء في ذلك اليوم كان غربي الاتجاه والأغرب من ذلك كله كيف عرف ان رأس الرافعة موجه للغرب وهو لم يشاهد السقوط أصلاً...شخص ثان علل سقوط الرافعة بطريقة هندسية قائلا: كانت مرتفعة بزاوية «135» وحسب وجهة نظره لو كانت بزاوية «90» لما حصل الذي حصل ثم أخرج القلم من جيبه ووضعه على الريموت كنترول وبدأ يشرح كيف يكون بالوضعية الأولى بينما الصواب بالوضعية الثانية ... هذا الشخص تحديداً انا من حسب معدل ابنه في المدرسة قبل سنتين بعد ان فشل بجمع علامات المواد وتقسيمها على عددها .. شخص ثالث قال ان سبب السقوط هو 100% تعطل نظام «الهيدروليك» في الرافعة... للعلم صاحب نظرية «الهيدروليك»..
مؤذن متبرّع في احد المساجد النائية ... أما التحليل الأسهل الذي نطق به أحد الجالسين عندما قال وبصوت لا يخلو من التشكيك..»سقوط الرافعة بفعل فاعل» ..وليته اكتفى الأخ بهذا الغموض والتحليل الذي وصل إليه لا بل علّل ذلك قائلا «شو الرافعة؟..كل رأسمالها برغي»!..
قلت ان نظريات سقوط الرافعة ظلت مستمرة حتى ظهر العيد...لأن بعد زوال اليوم الأول وبعد وقوع حادث «التدافع»..برزت نظريات جديدة لتفسير وقوع حادثة التدافع، قبل أن يعرف أين ومتى وكيف حصل ... قال الأول وهو يرسم بإصبعه على كفه : «هون الجسر.. هون الشارع..هاي النقطة يلتقي فيها الذاهب إلى رفع الجمار والعائد من الرمي.. لازم يفتحوا مسرب ثالث - وأشار إلى اصبعه الخنصر - حتى يخف الازدحام... بينما صححه الثاني قائلاً :لا لا..الازدحام جاي من الفتحات الجانبية لازم سكّروها... ببنما أخرج الرابع «محفظته» و»باكيت الدخان» وخلع ساعته ووضعها بين المحفظة والباكيت ليشرح كيف حصل التدافع...آخر المتحدثين قال بصوت لا يخلو من التشكيك: «التدافع بفعل فاعل»..وليته اكتفى بهذا الغموض والتحليل القناعة التي وصل اليها..لا بل علل ذلك قائلاً «شو التدافع؟ كل رأسمالها باب!...
الغريب أنك بعد أن تستمع الى تحليلات لم تكن لتخطر على بالك يوماً...تكتشف أن شعبنا قادر على الخروج بالف نظرية لسقوط الرافعة..لكن غير قادر على إيجاد آلية واحدة لرفع الرافعة من جديد!.

ahmedalzoubi@hotmail.com


(الرأي)
تابعو الأردن 24 على google news