والاحتفاء بقضائنا واجب أيضا..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : اذا كان احتفاء جماعة الاخوان المسلمين بقرار محكمة بداية عمان برفض طلب الحراسة القضائية الذي تقدمت به جمعية الاخوان “المرخصة” مفهوما في سياق رد الاعتبار “لشرعيتها” و مركزها القانوني، فان ما اهو اهم من ذلك – في تقديري – هو الاختفاء بالقضاء الاردني، فالقرار حتى لو كان ابتدائيا و قابلا للاستئناف، فانه يمثل انتصارا لمنطق العدالة وموازينها في بلادنا كما انه يطمئننا على سلامة استقلالية القضاء واستقراره ايضا .
منذ الترخيص للجمعية قبل نحو سبعة شهور، سيطر المزاج السياسي على تفاصيل الحدث، وفي مرات قليلة تدخل فقهاء القانون في النقاش، لكنهم وسط مخاوف هيمنة القرار السياسي على القانوني، لم يسعفونا في تقديم اجابة واضحة، فيما كان ديوان الرأي والتشريع برئاسة الوزراء سارع الى اصدار فتوى قانونية تجيز نقل املاك الجماعة الى الجمعية، الامر الذي اخذته دائرة الاراضي والمساحة على محمل التنفيذ، كما ان وزارة الداخلية تعاملت مع “الفتوى” بالمنطق ذاته، فمنعت الجماعة من اقامة نشاطاتها ايضا.
حين نظرت المحكمة في القضية، نأت بنفسها - كما يبدو- تماما عن ايقاع النقاشات السياسية، والتفتت الى الادلة والقرائن التي قدمتها الجمعية، ثم انتهت الى قرارها الذي تضمن انه لا توجد صفة للجمعية تمكنها من السيطرة على املاك الجماعة .
للتذكير فقط، فانه لم يصدر اي قرار سياسي او اداري بحل الجماعة او حظرها، كما ان “ بروفة “ الانشقاق الذي حدث، سواء من خلال اطلاق مبادرة زمزم، او من خلال “ ترخيص” الجمعية البديلة، لم تكن مقنعة لاستئناف التجربة، او الرهان عليها مستقبلا، فقد ظلت الجماعة الام تمثل التيار الاخواني، كما ان حضورها في الشارع لم يتوقف، في المقابل فان الجمعية الجديدة التي حاولت ان تستوعب “زمزم” لم تقدم ما يلزم من لاثبات شرعيتها الشعبية، او لاقناع الطرف الرسمي بانها يمكن ان تصلح بديلا، او منافسا –على الاقل – للجماعة.
الان يمكن ان نتصور ثلاثة سيناريوهات، الاول : ان يأخذ القرار الصفة القطعية - بعد الاستئناف والتمييز – فنكون امام جماعة وجمعية لكل منهما مركز قانوني منفصل، وبالتالي تحسم القضية قضائيا، الثاني : ان تنجح الجمعية في استصدار قرار طلب الحراسة على املاك الجماعة، وبالتالي تصبح الجماعة الام غير قانونية، وهنا قد تضطر للترخيص تحت اسم آخر، او تختار العمل بسرية، اما السيناريو الثالث فهو ان ينجح الحكماء في تطويق الازمة واعادة الوئام الداخلي للجماعة، وربما تكون الانتخابات المقبلة ( مطلع نيسان من العام المقبل) فرصة لاعادة ترتيب البيت الداخلي وطي صفحة الخلاف.
رسميا، سيتم الاستمرار بالتعامل مع الجماعة وفق خطة “الاضعاف “ والاحتواء، وبانتظار صدور قرار الحكم النهائي فان الدولة كما ارجح لن تتعاطى مع الجماعة الا من خلال حزب جبهة العمل الاسلامي، فيما ستظل الاجراءات الادارية والسياسية التي شهدناها في الشهور السبعة الماضية قائمة، اما اذا حسم القضاء القضية فان الطرف الرسمي سيلتزم بتنفيذ الاحكام القضائية وسيبني عليها موقفا سياسيا حازما.
على صعيد الجماعة، فان امامها فرصة لاجراء مراجعات جادة، سواء من جهة علاقتها مع الدولة او من جهة ترتيب بيتها الداخلي، او حتى مشروعها السياسي والدعوي، وارتباطاتها الخارجية، واعتقد ان “ كمون “ الجماعة في هذه المرحلة لن يفيدها في مواجهة اسئلة المستقبل، حتى لو خرجت من ازمتها بقرار قضائي لمصلحتها.
يبقى ان اقول: مهما كانت الاسباب التي انتجت ازمة الجماعة، ومهما كانت المقررات والمخارج التي تدرج لمواجهتها، فان الحفاظ على وحدة الجماعة هو مكسب لبلدنا ومجتمعنا، خاصة في هذه المرحلة التي يشهد فيها عالمنا العربي حروب التفتيت والتقسيم، وصراعات الطوائف والمذاهب، واذا كان ثمة حاجة لتهذيب خطاب الجماعة او تصحيح مسارها فان الطريق لذلك هو الحوار معها، ودفعها الى السكة الصحيحة لا العبث بها أو دق الأسافين داخلها.
(الدستور)
منذ الترخيص للجمعية قبل نحو سبعة شهور، سيطر المزاج السياسي على تفاصيل الحدث، وفي مرات قليلة تدخل فقهاء القانون في النقاش، لكنهم وسط مخاوف هيمنة القرار السياسي على القانوني، لم يسعفونا في تقديم اجابة واضحة، فيما كان ديوان الرأي والتشريع برئاسة الوزراء سارع الى اصدار فتوى قانونية تجيز نقل املاك الجماعة الى الجمعية، الامر الذي اخذته دائرة الاراضي والمساحة على محمل التنفيذ، كما ان وزارة الداخلية تعاملت مع “الفتوى” بالمنطق ذاته، فمنعت الجماعة من اقامة نشاطاتها ايضا.
حين نظرت المحكمة في القضية، نأت بنفسها - كما يبدو- تماما عن ايقاع النقاشات السياسية، والتفتت الى الادلة والقرائن التي قدمتها الجمعية، ثم انتهت الى قرارها الذي تضمن انه لا توجد صفة للجمعية تمكنها من السيطرة على املاك الجماعة .
للتذكير فقط، فانه لم يصدر اي قرار سياسي او اداري بحل الجماعة او حظرها، كما ان “ بروفة “ الانشقاق الذي حدث، سواء من خلال اطلاق مبادرة زمزم، او من خلال “ ترخيص” الجمعية البديلة، لم تكن مقنعة لاستئناف التجربة، او الرهان عليها مستقبلا، فقد ظلت الجماعة الام تمثل التيار الاخواني، كما ان حضورها في الشارع لم يتوقف، في المقابل فان الجمعية الجديدة التي حاولت ان تستوعب “زمزم” لم تقدم ما يلزم من لاثبات شرعيتها الشعبية، او لاقناع الطرف الرسمي بانها يمكن ان تصلح بديلا، او منافسا –على الاقل – للجماعة.
الان يمكن ان نتصور ثلاثة سيناريوهات، الاول : ان يأخذ القرار الصفة القطعية - بعد الاستئناف والتمييز – فنكون امام جماعة وجمعية لكل منهما مركز قانوني منفصل، وبالتالي تحسم القضية قضائيا، الثاني : ان تنجح الجمعية في استصدار قرار طلب الحراسة على املاك الجماعة، وبالتالي تصبح الجماعة الام غير قانونية، وهنا قد تضطر للترخيص تحت اسم آخر، او تختار العمل بسرية، اما السيناريو الثالث فهو ان ينجح الحكماء في تطويق الازمة واعادة الوئام الداخلي للجماعة، وربما تكون الانتخابات المقبلة ( مطلع نيسان من العام المقبل) فرصة لاعادة ترتيب البيت الداخلي وطي صفحة الخلاف.
رسميا، سيتم الاستمرار بالتعامل مع الجماعة وفق خطة “الاضعاف “ والاحتواء، وبانتظار صدور قرار الحكم النهائي فان الدولة كما ارجح لن تتعاطى مع الجماعة الا من خلال حزب جبهة العمل الاسلامي، فيما ستظل الاجراءات الادارية والسياسية التي شهدناها في الشهور السبعة الماضية قائمة، اما اذا حسم القضاء القضية فان الطرف الرسمي سيلتزم بتنفيذ الاحكام القضائية وسيبني عليها موقفا سياسيا حازما.
على صعيد الجماعة، فان امامها فرصة لاجراء مراجعات جادة، سواء من جهة علاقتها مع الدولة او من جهة ترتيب بيتها الداخلي، او حتى مشروعها السياسي والدعوي، وارتباطاتها الخارجية، واعتقد ان “ كمون “ الجماعة في هذه المرحلة لن يفيدها في مواجهة اسئلة المستقبل، حتى لو خرجت من ازمتها بقرار قضائي لمصلحتها.
يبقى ان اقول: مهما كانت الاسباب التي انتجت ازمة الجماعة، ومهما كانت المقررات والمخارج التي تدرج لمواجهتها، فان الحفاظ على وحدة الجماعة هو مكسب لبلدنا ومجتمعنا، خاصة في هذه المرحلة التي يشهد فيها عالمنا العربي حروب التفتيت والتقسيم، وصراعات الطوائف والمذاهب، واذا كان ثمة حاجة لتهذيب خطاب الجماعة او تصحيح مسارها فان الطريق لذلك هو الحوار معها، ودفعها الى السكة الصحيحة لا العبث بها أو دق الأسافين داخلها.
(الدستور)