لِم لم تسوّ لهم الطريق يا معالي الوزير؟
حسين الرواشدة
جو 24 : من يتحمل مسؤولية هذه الارواح التي تزهق على الطريق الصحرواي وتلك “الكوارث” الانسانية التي تحدث بشكل شبه يومي عليه؟
فيما مضى كنا نفزع عند كل حادثة سير مروّعة الى تحميل “السائقين” هذه المسؤولية، وكانت احكام مثل السرعة الزائدة والاهمال وعدم صيانة المركبات جاهزة دائما لطي صفحة الخبر، والتملص من الاخطاء الاخرى التي ليس لها أب لكي نحاسبه عليها.
لكن ما يجري على الطريق الذي يربط عمّان بجنوب المملكة، مسألة اخرى، لها علاقة “بالتقصير” الرسمي في اصلاح ما أصابه من حفريات وتشققات لدرجة ان بعضه لم يعد صالحاً للاستخدام، ومع ذلك فأن ازدياد عدد الحوادث وتكرارها (آخرها حادث باص طلبة جامعة مؤتة) لم يحرك لدى الجهات المعنية ما يلزم من “همة” لمواجهة المشكلة، صحيح ان جزءاً بسيطاً من الطريق لا يتجاوز طوله نحو 5 كم يجري الآن العمل على اصلاحه، لكن الصحيح ان الانجاز فيه ما زال بطيئاً كما أن نحو 70 كم تمتد من الجيزة الى القطرانة ما تزال تشكل مقبرة للركاب والسائقين.
الحكومة على لسان وزير الاشغال تقول انه تمت الموافقة قبل ثلاثة أشهر على تمويل اعادة تأهيل الطريق بطول 230 كم، وان وزارة الاشغال بدأت بإعداد التصاميم علماً ان التنفيذ سيكون من خلال خمسة عطاءات بقيمة 170 مليون دولار، والسؤال هنا هل اعادة التأهيل هي الحل...أم اننا بحاجة الى طريق اخر يخفف من ضغط الحركة المرورية (وخاصة الشاحنات) الكبيرة ويجنبنا من تبدبد هذه الاموال بلا فائدة على المدى البعيد.
(للعلم تم انشاء هذا الطريق قبل نحو 60 عاماً بلغت 2,7 مليون دينار بمعدل 114 الف دينار للكيلو المتر الواحد، ) وأن كلفة انشاء طريق اخر –حسب التقديرات- تحتاج الآن الى نحة 600 مليون دينار.
لا أريد ان احاجج الحكومة في “التكلفة” ومن اين يمكن للحكومة ان تدبرها ( نذكر بإمكانية الاستفادة من المنحة الخليجية)، ولا في قضية الاهمال التي غيبت اصلاح وتأهيل هذا الطريق على مدى العقود الماضية (قبل عاميين اعترف وزير الاشغال الحالي حين كان اميناً عاماً للوزارة بأن الطريق في غاية الرداءة بل يرقد في غرفة الانعاش)، لكن ما اريد ان اناقشه هنا هو خيار الحكومة في الاستمرار بمنطق “الترقيع” بدل الحلول الجذرية، فإعادة تأهيل الطريق كما نفهمها ستتعلق بإزالة طبقة الإسفلت العلوية واستبدالها بأخرى، وفي ضوء تجاربنا حتى في شوارع عمان، فإن الطبقة الجديدة لا تدروم اكثر من سنة، فكيف اذا كان الامر متعلقاً بالطريق الصحراوي الذي ستسير عليه الاف السيارت يومياً ومنها شاحنات كبيرة تبلغ اوزانها عشرات الاطنان.
من المفارقات هنا أن المسافر على الطريق الصحرواي، حين يجتاز مغامراته عائداً الى عمان، يصطدم “بالنقلة” الحضارية التي تبدأ من المطار حيث الطريق على افضل ما يكون، وحين الانارة والاشارات المرورية، وهذا يفتح امامنا قضية “التهميش” والكيل بمكيالين، اذ ان الجنوب وليس الطريق المؤدي اليه فقط، ما زال في نظر الحكومات مطروداً من اي خطط تنموية،وعليه ان يتكيف مع هذا الواقع حتى لو كانت النتيجة هي الموت جوعاً او قتلاً على طريق الموت.
سؤال أخير: اذا كانت مسافة 5 كم تخضع الان للاصلاح ولم ينجز منها الا القليل، فماذا عن انجاز 170 كم اخرى ومتى سيتم ذلك؟ وكم من الارواح والخسائر المادية والبشرية سندفع حتى تتحرك ماكينات وزارة الاشغال؟
في آثارنا ان عمر بن الخطاب اعلن امام الناس انه مسؤول عن “عثرة” بغلة في الطريق لأن الله سيحاسبه – لم لم تسوّ لها الطريق يا عمر- فهل بوسعنا ان نعيد السؤال على وزير الأشغال : لِم لم تسوّ لهم الطريق يا معالي الوزير؟
(الدستور)
فيما مضى كنا نفزع عند كل حادثة سير مروّعة الى تحميل “السائقين” هذه المسؤولية، وكانت احكام مثل السرعة الزائدة والاهمال وعدم صيانة المركبات جاهزة دائما لطي صفحة الخبر، والتملص من الاخطاء الاخرى التي ليس لها أب لكي نحاسبه عليها.
لكن ما يجري على الطريق الذي يربط عمّان بجنوب المملكة، مسألة اخرى، لها علاقة “بالتقصير” الرسمي في اصلاح ما أصابه من حفريات وتشققات لدرجة ان بعضه لم يعد صالحاً للاستخدام، ومع ذلك فأن ازدياد عدد الحوادث وتكرارها (آخرها حادث باص طلبة جامعة مؤتة) لم يحرك لدى الجهات المعنية ما يلزم من “همة” لمواجهة المشكلة، صحيح ان جزءاً بسيطاً من الطريق لا يتجاوز طوله نحو 5 كم يجري الآن العمل على اصلاحه، لكن الصحيح ان الانجاز فيه ما زال بطيئاً كما أن نحو 70 كم تمتد من الجيزة الى القطرانة ما تزال تشكل مقبرة للركاب والسائقين.
الحكومة على لسان وزير الاشغال تقول انه تمت الموافقة قبل ثلاثة أشهر على تمويل اعادة تأهيل الطريق بطول 230 كم، وان وزارة الاشغال بدأت بإعداد التصاميم علماً ان التنفيذ سيكون من خلال خمسة عطاءات بقيمة 170 مليون دولار، والسؤال هنا هل اعادة التأهيل هي الحل...أم اننا بحاجة الى طريق اخر يخفف من ضغط الحركة المرورية (وخاصة الشاحنات) الكبيرة ويجنبنا من تبدبد هذه الاموال بلا فائدة على المدى البعيد.
(للعلم تم انشاء هذا الطريق قبل نحو 60 عاماً بلغت 2,7 مليون دينار بمعدل 114 الف دينار للكيلو المتر الواحد، ) وأن كلفة انشاء طريق اخر –حسب التقديرات- تحتاج الآن الى نحة 600 مليون دينار.
لا أريد ان احاجج الحكومة في “التكلفة” ومن اين يمكن للحكومة ان تدبرها ( نذكر بإمكانية الاستفادة من المنحة الخليجية)، ولا في قضية الاهمال التي غيبت اصلاح وتأهيل هذا الطريق على مدى العقود الماضية (قبل عاميين اعترف وزير الاشغال الحالي حين كان اميناً عاماً للوزارة بأن الطريق في غاية الرداءة بل يرقد في غرفة الانعاش)، لكن ما اريد ان اناقشه هنا هو خيار الحكومة في الاستمرار بمنطق “الترقيع” بدل الحلول الجذرية، فإعادة تأهيل الطريق كما نفهمها ستتعلق بإزالة طبقة الإسفلت العلوية واستبدالها بأخرى، وفي ضوء تجاربنا حتى في شوارع عمان، فإن الطبقة الجديدة لا تدروم اكثر من سنة، فكيف اذا كان الامر متعلقاً بالطريق الصحراوي الذي ستسير عليه الاف السيارت يومياً ومنها شاحنات كبيرة تبلغ اوزانها عشرات الاطنان.
من المفارقات هنا أن المسافر على الطريق الصحرواي، حين يجتاز مغامراته عائداً الى عمان، يصطدم “بالنقلة” الحضارية التي تبدأ من المطار حيث الطريق على افضل ما يكون، وحين الانارة والاشارات المرورية، وهذا يفتح امامنا قضية “التهميش” والكيل بمكيالين، اذ ان الجنوب وليس الطريق المؤدي اليه فقط، ما زال في نظر الحكومات مطروداً من اي خطط تنموية،وعليه ان يتكيف مع هذا الواقع حتى لو كانت النتيجة هي الموت جوعاً او قتلاً على طريق الموت.
سؤال أخير: اذا كانت مسافة 5 كم تخضع الان للاصلاح ولم ينجز منها الا القليل، فماذا عن انجاز 170 كم اخرى ومتى سيتم ذلك؟ وكم من الارواح والخسائر المادية والبشرية سندفع حتى تتحرك ماكينات وزارة الاشغال؟
في آثارنا ان عمر بن الخطاب اعلن امام الناس انه مسؤول عن “عثرة” بغلة في الطريق لأن الله سيحاسبه – لم لم تسوّ لها الطريق يا عمر- فهل بوسعنا ان نعيد السؤال على وزير الأشغال : لِم لم تسوّ لهم الطريق يا معالي الوزير؟
(الدستور)