أنا آدم السوري
أحمد حسن الزعبي
جو 24 : تقول التقارير أن السوريين في إدلب ،بدأوا يتخذون من مغارات جبل الزاوية بيوتاً لهم..هروباً من القصف الروسي...وتقول التقارير أن كثيراً من العائلات بدأت بترميم الكهوف والمغارات الصخرية لإيوائهم من حمم السماء التي تتساقط عليهم دون تمييز...وتقول التقارير أيضا أن الحياة عادت بدائية جداً...النوم مع الزواحف ،والتكيف مع العتمة والرطوبة وخفافيش الليل التي تمص دماء الصغار وهم نيام...
**
يقول علماء الصوتيات: قبل أن تمتلك اللغة أدواتها وتبنى بحروف وكلمات، كان النداء والاستغاثة والتعبير عن الألم صيحات وأصوات تشبه العويل والعواء..وبعد أن فقدت لغة الإنسانية أدواتها، وهدمت الحروف وقصفت الكلمات صار النداء والاستغاثة والتعبير عن الألم أيضا صيحات وأصوات وعويلاً وبكاء..وعاد الإنسان الأخير إنسانا أولاً يصارع الغابة كل الغابة بعصاته ورمحه..
**
في الغابة دببة وذئاب وثعالب مشغولة بنسج الخطاب ...في الغابة الكل يحكم الا «الأسد» ، فيكفيه من الوطن جملة الألقاب..في الغابة ما زال طرزان الموتِ عارياً يقفز من شجرة حزن الى شجرة حزن يقطف يتماً ناضجاً، يحفر بأصابعه في تراب ذاكرتنا ..ليواري سوءة الغراب ....
***
أنا آدم السوري..أنام في المغارة... بيتي الأول ووطني الأخير ، سلاحي: أظافري وأسناني، وعصاة من شجرة الدفلى أهش بها على حلمي ، في المغارة: نحَتُّ وطناً على الجدار يحده الصخر والظلام من جهاته الأربع، في المغارة: لا يراني احد عندما أبكي ولا ينتشي لضعفي عندما اركع...صدى الصوت المتضخم ، ظل الأجساد المتعرج على نتوءات الصخور ، الشمع الذي يوارى بعيداً عن شفاه الريح كي لا تطفئه ،قصص الأطفال عن بياض الثلج، عن الأميرة والساحرة، فأس التحطيب ، الطحالب الهاربة من الضوء المزيف هي آخر ما أقتنيه يا أبتي...
أنا آدم السوري يا أبتي ...أنا من نسل ابنك هابيل القتيل .. ذنبي أنّي «قضمت» تفاحة الحرية يوماً ...فأزلت من جنة وطني وأزلت من الدنيا...أنا وأنت إصبعان عاريان في كف النصر ...لا شيء يفصلنا لا شيء يبعدنا ..أنا وأنت من المغارة الى المغارة اختصرنا ملايين السنين من الحضارة...
ان كنت أول البشرية يا أبتي...فانا آخرها...إن كنت أبو البشر يا ابتي فانا يتيمهم ولطيمهم وغريقهم وغريمهم...أنا آدم السوري يا ابتي ..لا أشتهي الموت الا واقفاً ،حتى لو احتطبت ركبتي...
انا آدم السوري يا ابتي.. الرأي
**
يقول علماء الصوتيات: قبل أن تمتلك اللغة أدواتها وتبنى بحروف وكلمات، كان النداء والاستغاثة والتعبير عن الألم صيحات وأصوات تشبه العويل والعواء..وبعد أن فقدت لغة الإنسانية أدواتها، وهدمت الحروف وقصفت الكلمات صار النداء والاستغاثة والتعبير عن الألم أيضا صيحات وأصوات وعويلاً وبكاء..وعاد الإنسان الأخير إنسانا أولاً يصارع الغابة كل الغابة بعصاته ورمحه..
**
في الغابة دببة وذئاب وثعالب مشغولة بنسج الخطاب ...في الغابة الكل يحكم الا «الأسد» ، فيكفيه من الوطن جملة الألقاب..في الغابة ما زال طرزان الموتِ عارياً يقفز من شجرة حزن الى شجرة حزن يقطف يتماً ناضجاً، يحفر بأصابعه في تراب ذاكرتنا ..ليواري سوءة الغراب ....
***
أنا آدم السوري..أنام في المغارة... بيتي الأول ووطني الأخير ، سلاحي: أظافري وأسناني، وعصاة من شجرة الدفلى أهش بها على حلمي ، في المغارة: نحَتُّ وطناً على الجدار يحده الصخر والظلام من جهاته الأربع، في المغارة: لا يراني احد عندما أبكي ولا ينتشي لضعفي عندما اركع...صدى الصوت المتضخم ، ظل الأجساد المتعرج على نتوءات الصخور ، الشمع الذي يوارى بعيداً عن شفاه الريح كي لا تطفئه ،قصص الأطفال عن بياض الثلج، عن الأميرة والساحرة، فأس التحطيب ، الطحالب الهاربة من الضوء المزيف هي آخر ما أقتنيه يا أبتي...
أنا آدم السوري يا أبتي ...أنا من نسل ابنك هابيل القتيل .. ذنبي أنّي «قضمت» تفاحة الحرية يوماً ...فأزلت من جنة وطني وأزلت من الدنيا...أنا وأنت إصبعان عاريان في كف النصر ...لا شيء يفصلنا لا شيء يبعدنا ..أنا وأنت من المغارة الى المغارة اختصرنا ملايين السنين من الحضارة...
ان كنت أول البشرية يا أبتي...فانا آخرها...إن كنت أبو البشر يا ابتي فانا يتيمهم ولطيمهم وغريقهم وغريمهم...أنا آدم السوري يا ابتي ..لا أشتهي الموت الا واقفاً ،حتى لو احتطبت ركبتي...
انا آدم السوري يا ابتي.. الرأي