التنسيق الأردني الروسي: الأرباح والخسائر..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : استطاع الأردن على مدى السنوات الأربع الماضية ان يحافظ على مسافة متوازنة مع كافة الاطراف المنخرطة في الصراع داخل سوريا ، وان يضبط بوصلة حركته – اقترابا او ابتعادا – باتجاه حماية حدوده الشمالية وامنه الداخلي ، في سياق ذلك كان مفهوما ان ينضم للتحالف ضد داعش ، وان يشارك في تدريب قوات المعارضة السورية المعتدلة ، وان «يناور» لمنع سقوط درعا في قبضة التنظيمات الموالية لايران ، كما انه رفض « اغراءات « الاستدراج التي قدمتها بعض دول الاقليم لدفعه الى «التورط « اكثر في الصراع تحت لافتة اسقاط النظام .
باستثناء داعش ، ظلت الاطراف الاخرى بما فيها النظام السوري تتعامل مع « المواقف» الاردنية تجاه الحرب في سوريا بمنطق «التفهم» احيانا ، وباقل درجة من « الاستعداء» احيانا اخرى ، ونجح الاردن في تسويق هذه المواقف على قاعدة «الحياد» الايجابي و عدم الانحياز او الانخراط كطرف اساسي في الصراع، كما تبنى منذ بداية الازمة «الحل السياسي» كمخرج وحيد لانهاء الحرب ، ولم يضع بشكل مباشر رحيل الاسد كشرط ،وان كان يتمنى ان يتم التوافق دوليا عليه .
مع الدخول الروسي المباشر ، تغيرت المعادلات و اصبح مطلوبا من الاردن ان يراجع موافقه بصورة تتناسب مع ما حصل ، في البداية لم يعلن اي ترحيب بالتدخل الروسي ، لكنه – بالطبع – لم يفاجأ به ، خاصة وان الملك في تصريحات سابقة دعا روسيا الى المشاركة بصورة اكثر فعالية لانجاح الحل السياسي ، واعتبر ان اي حل لا يمكن ان يتم بمعزل عن المشاركة الروسية ، ثم تدحرجت الكرة فاكتشفنا – بصورة واضحة – ان واشطن لا تمانع بقيام بوتين بهذه المغامرة ، كما ان الاطراف الاقليمية التي تحفظت على التدخل الروسي عادت و خففت من معارضتها ، وقد تتوج ذلك في لقاء « فيينا « الذي ضم روسيا وامريكا وتركيا والسعودية ، صحيح ان ورقة رحيل الاسد افشلت الخروج بتوافق ما حول حل سياسي، لكن الصحيح ايضا ان الدول المشاركة لم تخرج بموقف صارم معاد للتدخل الروسي.
على هامش لقاء فيينا ، اتفق وزيرا الخارجية الاردني و الروسي على « تنسيق « العمليات العسكرية بين الطرفين ، و في تصريحات لاحقة لوزير الاعلام قال إن هذا التنسيق جاء من اجل الحفاظ على حدود المملكة الشمالية مع سوريا .
بهذا الموقف انتقلت عمان من نقطة « الحياد الايجابي» الى « الانحياز» المباشر للتدخل الروسي ، و يمكن فهم ذلك في سياقين اثنين : الاول سياسي و يتعلق بتقديرات تشير الى ان روسيا اصبحت اللاعب الاساسي في المعادلة السورية، وهي التي ستقرر اية «وصفة» للتوافق و الحل في المستقبل ، ومن مصلحة الاردن ان يكون حاضرا في المشهد ، وفي هذا السياق ايضا فان معادلات الربح و الخسارة واردة ، فالاردن يمكن ان يربح بالتنسيق مع روسيا ورقة تقليص النفوذ الايراني ، وورقة وقف تمدد التنظيمات الارهابية « داعش تحديدا» ، وورقة عدم استعداء اي نظام قادم في سوريا ،اما على صعيد الخسائر فان نجاح روسيا ليس مؤكدا ، مما يعني ان الاردن يمكن ان يخسر بعض الاوراق السابقة كما انه سيخسر تحالفات مع دول عربية واقليمية مهمة في حال اصرارها على رفض التدخل الروسي .
في السياق العسكري ، فان من مصلحة الاردن ان تمسك روسيا « بزمام» المبادرة في سوريا ، وان تكون بمثابة « مايسترو « لتوجيه دفة الصراع العسكري ، لان من شان ذلك ان يساعد الاردن في المجهود العسكري لضبط الحدود ومنع تسلل التنظيمات الارهابية لاراضيه ، كما انه سيساعد في التقليل من اعداد اللاجئين وربما يسمح التنسيق بين البلدين لاقامة « منطقة امنة « ، لكن من جهة اخرى فان فشل روسيا او وجود تحالف مناوئ لها في المنطقة ، سيدفع بالاف «المجاهدين» الى سوريا ، و سيعزز من فكرة التنظيمات المتطرفة ، و سينطوي ذلك على خطر يهدد الامن الاردني ،و يزيد من الاعباء الامنية عليه .
وفقا لحسابات الربح و الخسارة ، وفي ضوء عدم وضوح مواقف دول اقليمية يرتبط الاردن بها بعلاقات استراتيجية ، فان الاستدارة الاردنية نحو التنسيق مع سوريا تنم عن قراءة سياسية و امنية مفهومة ، لكنها ( الاستدارة ) بحاجة الى ترتيبات اخرى تضمن الحفاظ على علاقاتنا الاستراتيجية مع حلفاء و اشقاء ما زالوا يتحفظون على التدخل الروسي ، ويمكن ان يتحولوا الى « اعداء» له ، كما يجب ان تضمن وجودنا على طاولة « التفاهمات « القادمة حول مستقبل سوريا وعدم انجرارنا الى اية حرب برية هناك .
(الدستور)
باستثناء داعش ، ظلت الاطراف الاخرى بما فيها النظام السوري تتعامل مع « المواقف» الاردنية تجاه الحرب في سوريا بمنطق «التفهم» احيانا ، وباقل درجة من « الاستعداء» احيانا اخرى ، ونجح الاردن في تسويق هذه المواقف على قاعدة «الحياد» الايجابي و عدم الانحياز او الانخراط كطرف اساسي في الصراع، كما تبنى منذ بداية الازمة «الحل السياسي» كمخرج وحيد لانهاء الحرب ، ولم يضع بشكل مباشر رحيل الاسد كشرط ،وان كان يتمنى ان يتم التوافق دوليا عليه .
مع الدخول الروسي المباشر ، تغيرت المعادلات و اصبح مطلوبا من الاردن ان يراجع موافقه بصورة تتناسب مع ما حصل ، في البداية لم يعلن اي ترحيب بالتدخل الروسي ، لكنه – بالطبع – لم يفاجأ به ، خاصة وان الملك في تصريحات سابقة دعا روسيا الى المشاركة بصورة اكثر فعالية لانجاح الحل السياسي ، واعتبر ان اي حل لا يمكن ان يتم بمعزل عن المشاركة الروسية ، ثم تدحرجت الكرة فاكتشفنا – بصورة واضحة – ان واشطن لا تمانع بقيام بوتين بهذه المغامرة ، كما ان الاطراف الاقليمية التي تحفظت على التدخل الروسي عادت و خففت من معارضتها ، وقد تتوج ذلك في لقاء « فيينا « الذي ضم روسيا وامريكا وتركيا والسعودية ، صحيح ان ورقة رحيل الاسد افشلت الخروج بتوافق ما حول حل سياسي، لكن الصحيح ايضا ان الدول المشاركة لم تخرج بموقف صارم معاد للتدخل الروسي.
على هامش لقاء فيينا ، اتفق وزيرا الخارجية الاردني و الروسي على « تنسيق « العمليات العسكرية بين الطرفين ، و في تصريحات لاحقة لوزير الاعلام قال إن هذا التنسيق جاء من اجل الحفاظ على حدود المملكة الشمالية مع سوريا .
بهذا الموقف انتقلت عمان من نقطة « الحياد الايجابي» الى « الانحياز» المباشر للتدخل الروسي ، و يمكن فهم ذلك في سياقين اثنين : الاول سياسي و يتعلق بتقديرات تشير الى ان روسيا اصبحت اللاعب الاساسي في المعادلة السورية، وهي التي ستقرر اية «وصفة» للتوافق و الحل في المستقبل ، ومن مصلحة الاردن ان يكون حاضرا في المشهد ، وفي هذا السياق ايضا فان معادلات الربح و الخسارة واردة ، فالاردن يمكن ان يربح بالتنسيق مع روسيا ورقة تقليص النفوذ الايراني ، وورقة وقف تمدد التنظيمات الارهابية « داعش تحديدا» ، وورقة عدم استعداء اي نظام قادم في سوريا ،اما على صعيد الخسائر فان نجاح روسيا ليس مؤكدا ، مما يعني ان الاردن يمكن ان يخسر بعض الاوراق السابقة كما انه سيخسر تحالفات مع دول عربية واقليمية مهمة في حال اصرارها على رفض التدخل الروسي .
في السياق العسكري ، فان من مصلحة الاردن ان تمسك روسيا « بزمام» المبادرة في سوريا ، وان تكون بمثابة « مايسترو « لتوجيه دفة الصراع العسكري ، لان من شان ذلك ان يساعد الاردن في المجهود العسكري لضبط الحدود ومنع تسلل التنظيمات الارهابية لاراضيه ، كما انه سيساعد في التقليل من اعداد اللاجئين وربما يسمح التنسيق بين البلدين لاقامة « منطقة امنة « ، لكن من جهة اخرى فان فشل روسيا او وجود تحالف مناوئ لها في المنطقة ، سيدفع بالاف «المجاهدين» الى سوريا ، و سيعزز من فكرة التنظيمات المتطرفة ، و سينطوي ذلك على خطر يهدد الامن الاردني ،و يزيد من الاعباء الامنية عليه .
وفقا لحسابات الربح و الخسارة ، وفي ضوء عدم وضوح مواقف دول اقليمية يرتبط الاردن بها بعلاقات استراتيجية ، فان الاستدارة الاردنية نحو التنسيق مع سوريا تنم عن قراءة سياسية و امنية مفهومة ، لكنها ( الاستدارة ) بحاجة الى ترتيبات اخرى تضمن الحفاظ على علاقاتنا الاستراتيجية مع حلفاء و اشقاء ما زالوا يتحفظون على التدخل الروسي ، ويمكن ان يتحولوا الى « اعداء» له ، كما يجب ان تضمن وجودنا على طاولة « التفاهمات « القادمة حول مستقبل سوريا وعدم انجرارنا الى اية حرب برية هناك .
(الدستور)