jo24_banner
jo24_banner

الصلاة تهمة !

أحمد حسن الزعبي
جو 24 : أعجب أحياناً من لغة الإعلام التي تهرول الى النتيجة قبل اكتمال الصورة أو لملمة أطراف الحادثة محاولة بصورة او بأخرى أن تخيط بخيوط شفافة ما بين الحدث وبين التديّن، متجنبة عشرات الأسباب النفسية والوظيفية والاجتماعية والاقتصادية وحتى التنظيمية ان وجدت وركّزت عدستها على سجّادة الصلاة..
كل الأخبار والتقارير التي كتبت عما جرى الأسبوع الماضي في مركز تدريب الموقر..ركّزت في متنها أن النقيب «أنور ابو زيد» قد صلى الظهر منفرداً .. وأشارت بعضها انه صلّى الفجر في ذلك اليوم وبعض التقارير تقول انه توفي «صائماً».. لم يتعرّضوا لتفاصيل حياته الشخصية او حالته النفسية .. لماذا تمّت الإشارة إلى الصلاة في كل التقارير؟؟... هل أصبحت الصلاة تهمة ؟؟ هل صارت الصلاة تعطي مؤشراً للانضمام لتنظيم ارهابي ..؟ ثم منذ متى والصلاة علامة للتشدّد؟.. ماذا لو لم يكن «أنور ابو زيد» مصليّاً ؟..هل ستنحرف دفة التكهنات إلى أن الشاب طبيعي والحادث فردي...ما هذا الهراء ؟ ان تكون مسلماً يعني من الطبيعي أن تكون مواظباً على الصلاة بغض النظر ان كان سلوكك في المجمل يدل او لا يدل على الاستقامة...
احدى الزميلات قالت على فضائية عربية معلقة على ما جرى في الموقر، ان المعلومات التي استطاعت ان تحصل عليها فور الحادثة ان الشاب «متدّين وسط» او «متوسط التدّين»... وهذه أيضاَ لا استطيع أن أفهمها.. متدّين وسط.. ومتدين سادة... ومتدين ع الريحة... ومتدين «ثقيل»... اعرف ان الدين واحد جاء برسالة واحدة ولم يأت مثل «بُنّ العميد» بعدة أصناف واسعار ونكهات... نحن أمة عربية مسلمة نصوم ونصلي ونصيب ونخطئ نحب ونكره لا علاقة لديننا بما تقترفه أيدينا من خطايا... هو جاء بالفضيلة الكاملة وأمرنا على الفضيلة الكاملة لا نسرق ولا نزني ولا نقتل ... ونحن من خذلناه قبل ان نخذل غيرنا... هل كل من صلّى صار «داعشياً».. ومن ترك الصلاة صار انساناً عادياً سوياً ؟ هل تريدون ان تصلوا الى هذه النتيجة.. ؟.. ثم من قال أن «داعش» أصبح الوكيل الحصري والوحيد للدين الاسلامي في الشرق الأوسط ... الدين منهم براء لا بل هم العدو رقم واحد للدين الاسلامي.. وكل ما يقومون به من ابادات بشرية واعدامات مجنونة وتفجيرات حول العالم يمثل هذه «الفئة الاجرامية» وحدها ومن يدعمها... الجزّار قد يرتدي «روباً» يشبه «روب» الطبيب ... الطبيب يجرح ليشفي.. والجزار يجرح ليقتل... هل نستطيع ان نساوي بينهما؟
اخيراً... أرجو الرجوع إلى أرشيفات الأخبار والانترنت.. كم حادثة اطلاق نار تمت من جنود أمريكيين على زملائهم في العراق او افغانستان او الكويت... كم حادث اطلاق نار قام بها طالب على زملائه في المدرسة أو شاب على جيرانه... الأمريكي الذي قتل ثلاثة أردنيين قبل شهور قليلة... لماذا لم يسلّط الاعلام الضوء على صلاته؟ وعن درجة تدينه وعدد مرات ذهابه الى الكنيسة او الكنيس ؟...
أرجو ان تدعوا علاقة المرء بخالقه.. لخالقه... وان يكون الحكم على الفعل المجرّد وعلى الفاعل لا على خانات الهوية الأخرى من جنسية وجنس ودين...

الرأي .
تابعو الأردن 24 على google news