jo24_banner
jo24_banner

مكاشفات لتطبيع العلاقة بين «الإخوان» والمجتمع

حسين الرواشدة
جو 24 :

اذا كانت الالتباسات –واحيانا الاشتباكات- بين الاخوان وبين الحكومات والطرف الرسمي مفهومة في سياق الاختلاف السياسي وتقدير المصلحة العامة، فان مثل هذه الالتباسات بين الجماعة وبين المجتمع تحتاج الى مزيد من المكاشفات واعادة النظر ايضا.

من الانصاف –بالطبع- التذكير بالدور الذي نهض به الاخوان في خدمة الدولة والمجتمع فمعظم ابناء جيلنا نشؤوا على “ادبيات” الاخوان، وفي المفاصل التاريخية انحازت الجماعة الى منطق الحكمة في التعامل مع الاحداث، وردت التحية بمثلها للنظام السياسي الذي احتضنها ورعاها.

لكن ذلك لا يمنع من التذكير ايضا بان الجماعة ظلت “اسيرة” لمصلحة ابنائها، ولم تخرج من فكر “الحزب” المغلق على اتباعه الى فكر “الوطن” المنفتح على الجميع، كما انها لم تبذل ما يكفي من جهد لتحرير السياقات الوطنية من اشكاليات “التصنيف” ولم تتقدم بخطاب “اسلامي” واقعي وممارسات حقيقية تؤسس لمبدأ الشراكة مع التيارات الاخرى، سواء كانت اسلامية او علمانية او قومية، بمعزل عن “الايديولوجيا”، زد على ذلك ان اسئلة كثيرة تتعلق بطبيعة بناء الدولة والحكم والديمقراطية وتداول السلطة وقضية المرأة والاقليات لم تجد لدى “الجماعة” ما يلزمها من اجابات، لا على صعيد النظر في الغالب ولا على صعيد العمل ايضا.

من المفارقات ان “الاخوان استسلموا” في العقود الماضية لمنطق “عزلهم” في مربعات محددة واعتقدوا ان “الميادين” الجغرافية التي خصصت لهم وكذلك الادوار السياسية تكفي لمد نفوذهم، لكنهم اكتشفوا ان مثل هذا العزل اضرّ بهم وبدل ان يخرجوا منه بخطط وآليات مدروسة وبممارسات مقنعة، ذهبوا الى المناطق “الممنوعة” بعقلية الاختراق، واحيانا بعقلية “التزيين” او “المناكفة” واحيانا اخرى بدافع معالجة الخطأ “التاريخي” ومواجهة الواقع الداهم، لكن دون “تقديم” ما يلزم من ممارسات مقنعة او تحولات ضرورية.

فوّت الاخوان –بالطبع- فرصة تشكيل حزب سياسي متنوع، وغير خاضع لسيطرة “الجماعة” فانتهى حزبهم الى مكتب من مكاتب “النائب”، كما فوّتوا فرصة البحث عن “حواضن” سياسية ظنا منهم ان “الحواضن” الاجتماعية تمنحهم امتدادا اوسع في المجتمع، وبدل ان يحسموا “اتهامات” تصنيفهم اجتماعيا بوقائع تثبت اتساع مداركهم “الوطنية” انشغلوا –للأسف- في لعبة “النخب” السياسية واستمرؤوا الدخول في “المقايضات” انطلاقا من تكريس هذا الواقع بدل تغييره.

صحيح ان لاخواننا في “الجماعة” وزنا معتبرًا في المجتمع، وصحيح انهم حزبٌ اصيل من التركيبة الاجتماعية لكن الصحيح ايضا انهم لم يستثمروا هذا الوزن “للتطبيع” مع المجتمع بكافة اطيافه ولم ينجحوا في ردّ “المخاوف” التي تسللت الى بعض الناس لأسباب مختلفة بعضها غير بريء، من “مغبة” وصولهم الى السلطة.

باختصار، المشكلة بين الجماعة وبين السياسي والرسمي مفهومة ومشروعة ايضا، لكن من واجب الجماعة ان تفكر مليا في علاقتها مع “المجتمع” لا مع بعض حراكاته فقط، وان تقدم “نموذجا” اخر يقنع الناس بان “الاسلاميين” يمثلون اغلبية الناس، لا في شعاراتهم ومطالبهم فقط، وانما “سلوكياتهم” داخل الجماعة وفي خياراتهم وادبياتهم العملية، او –ان شئت الدقة- بالنموذج “الوطني” المعتبر الذي يبدأ تطبيقه داخل الحركة، ويمتد بعد ذلك من العبدلي الى اطراف المدن والارياف والبوادي.. والمخيمات ايضا.


(الدستور)

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير