امواج الحراك الشعبي تحطم اشرعة الاخوان المسلمين
معاذ ابو الهيجاء - جاء تحرك الاسلاميين يوم الجمعة، متأخرا عن اللحاق بركب الحراك الشبابي المطالب بإخراج معتقلي الطفيلة والرابع والمنادين بالإصلاحات السياسية الاقتصادية بعيدا عن حوارات الغرف المغلقة والتسويات السرية .
فبدل أن تخرج الحركة وتضع ثقلها الشعبي في الضغط على الحكومة لإخراج المعتقلين، خرجت في جمعة لنصرة سوريا، وبدلا أن تتحرك من أجل معتقلي الرابع وما حدث من تعدي عليهم، اكتفت بإصدار بيان يتيم وباهت لا يسمن ولا يغني من جوع.
خرجت الجماعة الجمعة الماضية -بعد صمت مطبق- لتوجه أول نقد لها لحكومة عون الخصاونة منذ مجيئها.
هجوم الجماعة على الخصاونة، جاء في سياق فشل المفاوضات بين الطرفين، فعدم تمكن الرئيس من اعتماد صيغة توافقية لقانون الانتخاب كان سببا مباشرا في انقضاء شهر العسل كما جاء فشل الحكومة في ترتيب لقاء للاسلاميين مع الملك ليضاعف الحنق ويكشف عجز الحكومة وعدم قدرتها على اجراء تفاهمات بعيدا عن التدخلات الامنية الحاسمة.
هذه المرة نزلت الحركة الاسلامية للشارع لإيصال رسالة للحكومة مفادها أنهم سيكشفون ما لديهم من عروض قدمت لهم ، في مفاوضات سرية مع الحكومة ، وصفقات لم تتم ولكنها طرحت وجرى تداولها في المباحثات بين الطرفين .
إلا أن الحركة الاسلامية لأسباب غير معروفة تراجعوا عما صرحوا به من معلومات حول المحاصصة، مدعين أن العرض الحكومي كان في عهد حكومة سمير الرفاعي، وهو ما نفاه الرفاعي جملة وتفصيلا .
تدرك الحكومة الآن أن الحركة الاسلامية تستخدم ورقة قوية للغاية، حيث لا يمكن للعملية الانتخابية أن تنجح دون مشاركتهم بها ، وبهذه الحال سيمارسون ضغطا وربما ينجحوا في فرض شروطهم وهو ما دفع بعض المراقبين للاعتقاد بان الصيغة الحكومية هي صيغة تم التوافق عليها مع الحركة الاسلامية وما المعارضة الشرسة التي تبديها قيادات الحركة الا رسالة مشفرة لقواعدها لامتصاص حماستهم وغضبتهم تمهيدا لقبول الصيغة المقترحة كامر واقع .
بقي أن نلفت الى أن حراك الاخوان يوم الجمعة الماضي لم ينجح في خطف الأضواء عن الحراك الشبابي والشعبي في مختلف محافظات المملكة ولم تكن مفاجأتهم ذات بال فمرت فعالياتهم المحدودة دون اي اثر وبذلك طغى الحراك الشعبي الشبابي على اهتمام وسائل الاعلام بعد تنازل الحركة وانصارها عن الشارع في مفاصل مهمة .
وعن تجربة الحراكات الشعبية والشبابية وتطورها وابر التحديات التي تعترض مسيرتها لا بد من استعرض بعض الحقائق :
سقوط خيار "الدرع الدركي" ... لقد خسرتم اللعبة :
كبار مفكري الجهاز الأمني ظنوا أن ضرب الحركات الشعبية واعتقال " العقليات" المنظمة لها هو الطريق لإضعاف الحركات بشكل تدريجي حتى تموت طبيعياً، ولكن يوم الجمعة أثبت عكس ما كانت تظن.
ولكن حراك الشباب يوم الجمعة اثبت عدة حقائق سياسية حري بنا تأملها والوقوف عندها:
الحقيقة الأولى: تبين أن الحراكات الشعبية الشبابية تحوي العديد من العقليات المنظمة والفعالة، وأن اعتقال بعض من رموزها لن يضعفها، بل زادت قوة وأن لديها العديد من العقليات القيادة التي تستطيع التحرك في الميدان، وهذا ما اثبته الواقع يومالجمعة.
الحقيقة الثانية: ظهرت الحراكات بقوة في كل مكان تواجدت فيه، وطرحت شعارات ومطالب، والتي فاجأت المؤيد لهذه الحراكات قبل المعارض، مما يعزز الرأي القائل أن الاعتقالات لن تنفع في كبح جماح الناس وإرهابهم حتى لو كان سيوجه لها تهمة إطالة السان.
الحقيقة الثالثة: البيانات السياسية التي ألقيت في العديد من الحركات والتي تدل على وعي سياسي ممن كتبها، وأنه فاهم وهاضم لفكرته والغاية التي يريدها، وهذا يدل أيضا على فشل الحل الأمني في العمل على استئصال قادة الحراك.
الحقيقة الرابعة: أبطلت الحراكات مفعول الخطاب الأمني الذي تذرع بأن تلك الحركات أرادت اسقاط النظام، والتي تحدث عنها في اعتصام الرابع، وبينت عدم صحة دعواه من خلال التزامها بخطاب اصلاحي، ومطالب مشروعة من مثل اخراج المعتقلين من شباب الحراك من السجون!
الحقيقة الخامسة: وحدة الاهداف والغايات
يقال في العمل السياسي أن توحيد الغايات والأهداف أول شروط النجاح، لقد أدرك الحراك الشعبي ضرورة الوحدة في العمل، والوحدة في العمل تقتضي " بديهيا " الوحدة في الهدف والغاية.
فبدأت تفكر في الاجتماع وتوحيد الشعارات، الهدف من ذلك إحداث نتائج حقيقة على أرض الواقع، حتى يبقى لا تبقى الحراكات بلا نتائج، اضافة إلى منع تسرب أي شعارات يمكن أن تكون ذريعة للسلطة في قمع الحراك بحجة انه رفع شعارات من شانها العمل على تقويض نظام الحكم.
في المحصلة فشلت الدولة في امتصاص نقمة غضب الشارع، وزادت موجة الغضب التي تنتابه خصوصا بعد عدم تحقيق أبسط المطالب له، وأقلها كلفة، وهو اطلاق سراح المعتقلين.
فوتت الدولة فرصة ذهبية، كان يمكن لها أن تستغلها، وتخفف من المواجهة مع الحراك الشعبي، لو أنها اخرجت المعتقلين من السجون كما وعدت سابقا، وأثبتت مرة أخرى أنها تقول ما لا تفعل.
فئات جديدة:
فئات جديدة ظهرت على الساحة تحركت بشكل حزبي منظم 15 عشر يوما وهي تحشد كل ما لديها من قدرات للخروج يوم الجمعة.
تحركت في ساحة العبدلي أرادت اثبات الوجود، وإيصال رسالة للإخوان لستم وحدكم من يلعب في الساحة!
لم يكن حراكا قويا على أي حال وإن كان يمكن أن يسبب مصدرا للإزعاج مستقبلا إن استمر بالتواجد وعمل على تكثير سواد قاعدته الشعبية.
أظن من المبكر الحكم عليه الآن، ولعل الايام المقبلة ستكشف قوته، وتوجهاته التي لم تتبلور بعد في عقلية المواطن الاردني.