«3» وصفات تضمن سلامة بلدنا..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : لكي نطمئن على سلامة بلادنا لابدّ ان نطمئن تماما الى أن “جبهتنا” الداخلية تتمتع بما يلزم من قوة وعافية،هنا مربط الفرس. وهنا ايضاً “الثغرة” التي تسللت منها لدى من نشاركهم احزانهم وكوارثهم “ازمات” التطرف والعنف والحرب التي خرجت من “تربة” القمع والاستبداد والتهميش، ومن سياق الاولويات المعكوسة، ومن عقليات التمترس والعناد. تجاوز بلدنا –حتى الان- كل هذه “المطبات” التاريخية،وحافظ على سلامته وأصبح “جزيرة” في عالم تتناوشه الحروب والصراعات، ويغرق في بحار الدم والدموع، لكن لا يجوز ابداً ان نبقى ندور حول هذه النقطة، فالاحداث تتسارع في كل يوم، والمتغيرات من حولنا تفاجئنا بما لا يخطر على بال، ولذلك فمن واجبنا ان نتحرك على الفور لاستباق أسوأ التوقعات، ومواجهة اصعب الظروف، والتحصن من كافة العواصف. لدي ثلاث “وصفات” لابدّ ان نذهب لصرفها في صيدلية “السياسي”، مهما كان عنوانه وموقعه وحجم مسؤوليته،الاولى وصفة “استعادة الثقة” بالدولة ومؤسساتها وادائها، وهي وصفة ضرورية لمعالجة ما اصاب مجتمعنا من امراض الخيبة والشك وما طرأ عليه من تحولات على صعيد القيم والاخلاق،ومن انسدادات اجتماعية واقتصادية. من واجبنا هنا ان نتصارح، فثقة الناس تراجعت تجاه مؤسساتهم وأصبح من واجبنا ان نستعيدها او ان نحاول “بناءها” من جديد، لا تسأل بالطبع لماذا حدث ذلك، فلديك –كما لدي- عشرات الاسباب التي تتعلق بأدائنا العام، واخلاقياتنا العامة، وموازين العدالة في بلادنا، ابتداء من الحكومات والبرلمان وصولاً الى اصغر مؤسسة وأبسط موظف،سواءً تعلق الامر بالتوظيف والتعيين او بالخدمات أو باعمال القانون او بمسطرة الانتماء او بالاحساس بالامن او بالمشاركة في العمل العامّ، كل هذا تسبب في تراجع منسوب الثقة، ودفع الناس الى الاعتماد على “سلطانهم” الفردي والعشائري، وأحياناً الى ارتكاب الجرائم دفاعاً عن الحقوق او حتى انتقاماً من الذات والمجتمع . أما الوصفة الثانية فهي “اعادة الامل” وخاصة لقطاع الشباب الذي يشكل اكثر من نصف المجتمع، وهؤلاء –للأسف- اصابهم اليأس والاحباط وانسدت امامهم ابواب العمل والمشاركة، وغابوا عن اهتمام الدولة ومؤسساتها، وبالتالي تشكلت لدينا “بؤر” مهمشة وطوابير من العاطلين عن العمل، وطبقات من الفقراء والجوعى والمحرومين، اما النتيجة فهي الاحباط الذي يمكن ان يقود للتطرف والكفر بكل شيء، ويمكن ان يقتل “روح” المواطنة والانتماء ويدمّر الابداع ويقضي على اية فرصة لنا بالتنمية والاستقرار. تبقى الوصفة الثالثة وهي اشاعة روح “المحبة” ونبذ الكراهية والتعصب، ذلك ان مجتمعنا –للأسف- يعاني من حالة “اشتباك” غير مسبوق، ليس من اجل همومنا ومشكلاتنا الداخلية، وانما دفاعاً عن معارك الاخرين وقضاياهم وحروبهم، ومن واجبنا هنا ان نتحرك لحماية مجالاتنا الدينية والسياسية والاجتماعية من الاختراق، وان نعيد الوئام والسلم الى مجتمعنا، وهذا لا يتحقق الاّ اذا وضعنا ما يلزم من تشريعات لتحريم الاقصاء والتكفير والتعصب، ومواثيق اجتماعية لاعادة اخلاقياتنا العامة الى سكتها الطبيعية، وقبل ذلك لابدّ ان يلتزم السياسي في بلدنا هذا النموذج، ولابدّ ان تنهض مؤسساتنا لتمكين شبابنا من الخروج الى آفاق العمل المشترك والتكامل والتعاون. باختصار، نحتاج الى هذه الوصفات الثلاثة على الاقل، بما تتضمنه من حركة نحو الاصلاح الحقيقي، والتنمية الصحيحة، ورفع معاناة الناس المعيشية واطلاق الحريات العامّة، لكي نضمن ان بلدنا يسير في الاتجاه الصحيح. فهل نذهب الى الصيدلية التي نعرف عنوانها لصرف هذه الوصفات ،ام سنؤجل الصرف ونتعمد الاهمال ؟ حقا..لا ادري !