هل تريدون ان يعودوا للشارع مرة اخرى..؟!
حسين الرواشدة
جو 24 :
كنا نظن اننا انتهينا من قصة النزول للشارع والاحتكام اليه ، لكن مع قرارات رفع الاسعار والرسوم الاخيرة واحساس الناس بالخيبة ،استنفرت قطاعات كثيرة في بلدنا للاحتجاج من جديد ، ومع ان خروج صوت الناس افضل بكثير من صمتهم ، الا اننا للاسف نكتشف كل يوم باننا امام اخطاء متكررة لحكومات “باعت” الناس كلاما وتركتهم بانتظار وعود ظلت معلقة في المجهول، وبأننا امام “مطالب” حياتية قاهرة تدفع الناس الى الخروج للشارع والى الانتقام من المجتمع ايضا، وهو مشهد يذكرنا بأننا ما زلنا في دائرة “الازمة” وبأن كل ما سمعناه من الحكومات المتعاقبة كان مجرد “وعود” معسولة لم يتحقق منها اي شيء.
لا اشعر بالقلق حين يخرج الناس للاحتجاج بأية صورة، وحتى لو تجاوزوا على القانون، ولكنني اخشى ان يدرك هؤلاء ان الحرية التي اتاحت لهم التعبير عن غضبهم ليست اكثر من حرية “صراخ” لا جدوى منه، وعندها علينا ان نتوقع ما هو اخطر من الاعتصام ومن الاحتجاج وما هو ابعد من “المطالبة” ودب الصوت، ذلك لانه اذا تولدت لدى الناس قناعة بانه “لا جدوى” من الاحتجاج ولا جدوى من الكتابة والتعبير ولا جدوى من المطالبة بالاصلاح... فان البديل عندها سيكون هو “التطرف “ بما قد يفضي اليه من “انفجارات” اجتماعية قد تأخذ مجتمعنا الى المجهول، فهل يريد احدنا ان نصل الى ذلك؟
من أوصلنا الى هذا الطريق المسدود؟ ومن يتحمل مسؤولية هذه الاشتباكات التي اشغلتنا عن سؤال “المصير” ووضعتنا في سياقات المجهول؟ ادرك تماماً اننا نهرب من الاجابة او أننا نتحايل عليها، وادرك ايضاً ان كثيرين منا باتوا يشعرون بالخطر القادم، لكن – للأسف – ما زلنا نسير نحو “عناوين” مغشوشة، وصراعات لا جدوى لها، ودعوات تؤزم المشهد وتفجره بدل ان تفككه بالحلول والمعالجات المناسبة.
ان ما وصل اليه مجتمعنا لم يكن مفاجئا الا للذين ما زالوا مصرين على انكار الحقيقة، فحين تغيب “السياسة” تحضر الفوضى، وحين تنحدر قيم المجتمع بفعل ما طرأ من ضغوطات وافساد للمجال العام، يتحول الناس الى مجموعات متناحرة تحركهم نوازع الانتقام من انفسهم ومن الآخرين، وحين تسد ابواب الحوار ويتلاشى الامل ويهيمن منطق “الاستهانة” والاستعلاء ويختلط “اللامشروع” بالمشروع ، يفرز المجتمع اسوأ ما فيه، ويعبّر كل مواطن عما بداخله بطريقته الخاصة، ويحاول ان ينتزع حقوقه بيديه، تماما كما يحصل في العصور التي ضلت فيها المجتمعات عن ولادة فكرة الدولة والقانون واخلاقيات العيش المشترك وقيم العدالة والحرية التي تجعل الجميع يشعرون بالامن والاستقرار “والرضا” والقناعة.
قلت ان الاحساس بالخيبة وافتقاد الامل سيقودنا الى الطريق “الوعر” واضيف بان ما يحدث في بلادنا من “فوضى” ومن ارتباك ومن تصاعد في “نبرة” اليأس والخوف، ومن ضغط على اعصاب الناس وارزاقهم ومستقبل ابنائهم وحقهم الطبيعي في العيش بكرامة ،ومن سوء في تقدير الموقف ومن مماطلة في تنفيذ “خرائط الطريق” التي سمعنا عنها ولم نرها، يجعلنا نضع ايدينا على قلوبنا .. فنحن –للاسف- نكتشف بعد اربع سنوات على ما جرى من تحولات في محيطنا العربي كله ان “قطار” الاصلاح ما زال في مكانه لم يتحرك للامام خطوة واحدة، وبان “المؤسسات” في بلادنا مشغولة بحساب امتيازاتها ومصالحها، ومترددة في ممارسة صلاحياتها ( الا اذا تعلق الامر بفرض المزيد من الضرائب طبعا )، نكتشف كل ذلك ثم نتوقع من الناس ان تتحمل وتنتظر الفرج وان تلتزم بالقانون..
ماذا ننتظر بعد؟ هل سنبقى جالسين على مقاعد “المتفرجين” امام هذه “الحرائق” التي تشتعل من حولنا وتتصاعد وتتصاعد؟
اعترف بأنني عجزت تماما عن فهم اي اجابة اسمعها، سواء من المسؤولين او من الناس او من النخب، وحده “صوت” الفوضى والارتباك يدلك على “اللغز” المحير الذي تورطنا فيه، او ان شئت على “المصيدة” التي وقعنا فيها جميعا.. من اوقعنا فيها يا ترى؟
ان اخشى ما اخشاه هو ان تمرّ علينا مثل هذه الاسئلة “بلا اكتراث” وبلا اجابات، وان تبقى ابصارنا معلقة “بأوهام”، او ان تظل مفتوحة على قراءات مغشوشة ، والاخطر من ذلك ان نصمّ آذاننا عن سماع اصوات الناس التي تحولت الى حرائق مشتعلة، وعن نبض الشارع الذي يمكن ان تختطفه جهات تتربص بنا ، او لها مصلحة في تبديد استقرارنا .
بقي لدي رجاء واحد للمسؤولين في بلادنا وهو ان نتعلم من تجارب غيرنا ومن مآلاتهم، لكي نستدرك ما قد يفاجئنا من احداث بحلول مقنعة، رجاء دعونا ننقذ بلدنا من هذا المجهول، دعونا نخرج من منطق الاستعلاء والاستهانة في التعامل مع الناس وقضاياهم ونجرب منطق “الفهم” والاستجابة.. ودعونا نفتح الابواب المشروعة امام الناس ونخفف معاناتهم ونطمئنهم على مستقبلهم ونعيد اليهم الثقة بانفسهم وبلدهم ، لكي لا ندفعهم الى الدخول من ابواب غير مشروعة ومزدحمة بالالغام ايضا.
كنا نظن اننا انتهينا من قصة النزول للشارع والاحتكام اليه ، لكن مع قرارات رفع الاسعار والرسوم الاخيرة واحساس الناس بالخيبة ،استنفرت قطاعات كثيرة في بلدنا للاحتجاج من جديد ، ومع ان خروج صوت الناس افضل بكثير من صمتهم ، الا اننا للاسف نكتشف كل يوم باننا امام اخطاء متكررة لحكومات “باعت” الناس كلاما وتركتهم بانتظار وعود ظلت معلقة في المجهول، وبأننا امام “مطالب” حياتية قاهرة تدفع الناس الى الخروج للشارع والى الانتقام من المجتمع ايضا، وهو مشهد يذكرنا بأننا ما زلنا في دائرة “الازمة” وبأن كل ما سمعناه من الحكومات المتعاقبة كان مجرد “وعود” معسولة لم يتحقق منها اي شيء.
لا اشعر بالقلق حين يخرج الناس للاحتجاج بأية صورة، وحتى لو تجاوزوا على القانون، ولكنني اخشى ان يدرك هؤلاء ان الحرية التي اتاحت لهم التعبير عن غضبهم ليست اكثر من حرية “صراخ” لا جدوى منه، وعندها علينا ان نتوقع ما هو اخطر من الاعتصام ومن الاحتجاج وما هو ابعد من “المطالبة” ودب الصوت، ذلك لانه اذا تولدت لدى الناس قناعة بانه “لا جدوى” من الاحتجاج ولا جدوى من الكتابة والتعبير ولا جدوى من المطالبة بالاصلاح... فان البديل عندها سيكون هو “التطرف “ بما قد يفضي اليه من “انفجارات” اجتماعية قد تأخذ مجتمعنا الى المجهول، فهل يريد احدنا ان نصل الى ذلك؟
من أوصلنا الى هذا الطريق المسدود؟ ومن يتحمل مسؤولية هذه الاشتباكات التي اشغلتنا عن سؤال “المصير” ووضعتنا في سياقات المجهول؟ ادرك تماماً اننا نهرب من الاجابة او أننا نتحايل عليها، وادرك ايضاً ان كثيرين منا باتوا يشعرون بالخطر القادم، لكن – للأسف – ما زلنا نسير نحو “عناوين” مغشوشة، وصراعات لا جدوى لها، ودعوات تؤزم المشهد وتفجره بدل ان تفككه بالحلول والمعالجات المناسبة.
ان ما وصل اليه مجتمعنا لم يكن مفاجئا الا للذين ما زالوا مصرين على انكار الحقيقة، فحين تغيب “السياسة” تحضر الفوضى، وحين تنحدر قيم المجتمع بفعل ما طرأ من ضغوطات وافساد للمجال العام، يتحول الناس الى مجموعات متناحرة تحركهم نوازع الانتقام من انفسهم ومن الآخرين، وحين تسد ابواب الحوار ويتلاشى الامل ويهيمن منطق “الاستهانة” والاستعلاء ويختلط “اللامشروع” بالمشروع ، يفرز المجتمع اسوأ ما فيه، ويعبّر كل مواطن عما بداخله بطريقته الخاصة، ويحاول ان ينتزع حقوقه بيديه، تماما كما يحصل في العصور التي ضلت فيها المجتمعات عن ولادة فكرة الدولة والقانون واخلاقيات العيش المشترك وقيم العدالة والحرية التي تجعل الجميع يشعرون بالامن والاستقرار “والرضا” والقناعة.
قلت ان الاحساس بالخيبة وافتقاد الامل سيقودنا الى الطريق “الوعر” واضيف بان ما يحدث في بلادنا من “فوضى” ومن ارتباك ومن تصاعد في “نبرة” اليأس والخوف، ومن ضغط على اعصاب الناس وارزاقهم ومستقبل ابنائهم وحقهم الطبيعي في العيش بكرامة ،ومن سوء في تقدير الموقف ومن مماطلة في تنفيذ “خرائط الطريق” التي سمعنا عنها ولم نرها، يجعلنا نضع ايدينا على قلوبنا .. فنحن –للاسف- نكتشف بعد اربع سنوات على ما جرى من تحولات في محيطنا العربي كله ان “قطار” الاصلاح ما زال في مكانه لم يتحرك للامام خطوة واحدة، وبان “المؤسسات” في بلادنا مشغولة بحساب امتيازاتها ومصالحها، ومترددة في ممارسة صلاحياتها ( الا اذا تعلق الامر بفرض المزيد من الضرائب طبعا )، نكتشف كل ذلك ثم نتوقع من الناس ان تتحمل وتنتظر الفرج وان تلتزم بالقانون..
ماذا ننتظر بعد؟ هل سنبقى جالسين على مقاعد “المتفرجين” امام هذه “الحرائق” التي تشتعل من حولنا وتتصاعد وتتصاعد؟
اعترف بأنني عجزت تماما عن فهم اي اجابة اسمعها، سواء من المسؤولين او من الناس او من النخب، وحده “صوت” الفوضى والارتباك يدلك على “اللغز” المحير الذي تورطنا فيه، او ان شئت على “المصيدة” التي وقعنا فيها جميعا.. من اوقعنا فيها يا ترى؟
ان اخشى ما اخشاه هو ان تمرّ علينا مثل هذه الاسئلة “بلا اكتراث” وبلا اجابات، وان تبقى ابصارنا معلقة “بأوهام”، او ان تظل مفتوحة على قراءات مغشوشة ، والاخطر من ذلك ان نصمّ آذاننا عن سماع اصوات الناس التي تحولت الى حرائق مشتعلة، وعن نبض الشارع الذي يمكن ان تختطفه جهات تتربص بنا ، او لها مصلحة في تبديد استقرارنا .
بقي لدي رجاء واحد للمسؤولين في بلادنا وهو ان نتعلم من تجارب غيرنا ومن مآلاتهم، لكي نستدرك ما قد يفاجئنا من احداث بحلول مقنعة، رجاء دعونا ننقذ بلدنا من هذا المجهول، دعونا نخرج من منطق الاستعلاء والاستهانة في التعامل مع الناس وقضاياهم ونجرب منطق “الفهم” والاستجابة.. ودعونا نفتح الابواب المشروعة امام الناس ونخفف معاناتهم ونطمئنهم على مستقبلهم ونعيد اليهم الثقة بانفسهم وبلدهم ، لكي لا ندفعهم الى الدخول من ابواب غير مشروعة ومزدحمة بالالغام ايضا.