من أفواههم
(هناك في الكيان الصهيوني تراث هائل من الادبيات السياسية والتوراتية العنصرية والارهابية، والابادية على نحو خاص، وهو تراث كفيل لو جد الجد عند العالم والامم المتحدة، بان يجلب"دولة اسرائيل" وقادتها الى محكمة الجنايات الدولية، وهذا التراث لا سقف ولا حدود له، وهو متضخم من يوم ليوم ومن ساعة لساعة، وعلى قاعدة "اعرف عدوك" يسرنا ان نلقي الضوء على جواتب من هذا التراث في هذه الزاوية، التي ستطل عليكم صباح كل سبت).
-في تشرين الثاني 1937، وفي الوقت الذي أيد فيه علنا توصيات لجنة بيل بتقسيم فلسطين الى دولتين، كتب دافيد بن غوريون الى ابنه عاموس "ان انشاء دولة حتى لو كانت جزئية، هو إمداد بالقوة بأكبر قدر في هذه المدة، وسيكون أداة ضغط عظيمة القوة في جهودنا التاريخية لتخليص البلاد كاملة- هآرتس 11/9/2012"، ولم يحتفظ بن غوريون بافكاره وبخواطره المتعلقة بفكرة تقسيم فلسطين لأبناء عائلته فقط، ففي نص مركزي شهير – "صيرورة الدولة اليهودية" في 29/10/1937 كان موجها الى أذن الحركة الصهيونية والاستيطان العبري، بيّن"ان خطة التقسيم هي بمثابة تسوية مؤقتة فقط: "ان انشاء دولة يهودية في جزء من البلاد ليس فيه انفاذ للطموح الصهيوني كاملا، لأنه في ارض اسرائيل كلها فقط يمكن حل مسألة اليهود في سعتها الكاملة، ان الدولة المقترحة لا تستطيع اذا ان تكون سوى مرحلة أو واحدة من المراحل في تحقيق الصهيونية... ومع انشاء الدولة اليهودية فلسنا نصادر حقنا في العودة الى استيطان كل أجزاء البلاد، ولن يكون استيطاننا محصورا أبدا في مناطق الدولة المحدودة".
- وبعد ذلك بعشر سنين ايضا وعلى أثر قرار الامم المتحدة بتقسيم فلسطين في التاسع والعشرين من تشرين الثاني 1947، لم يقبل بن غوريون بفكرة الدولة اليهودية في جزء من البلاد بارتياح، بل أشار بتحفظ حذر الى انه "لا توجد في التاريخ تسويات نهائية، لا تسويات نظام ولا تسويات حدود".
- وبعد إعلان قيام"دولة إسرائيل" قال بن غوريون:"لقد أعيد إنشاء دولة إسرائيل في القسم الغربي-أي من فلسطين-، وهي لا تقل مساحة عن الدولة اليهودية خلال معظم فترة الهيكل الأول والهيكل الثاني، بينما خطورة مشكلة الأمن الراهنة ليست مسألة اختلاف حول الحدود، بل هي تنبع من تغيرات بعيدة المدى حدثت بالقرب من أراضي إسرائيل-في السعودية- حوالي 500 سنة بعد باركوخيا -ويقصد ميلاد النبي العربي – ص - ومن الزلزلة الروحية التي غيرت وجه الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وجميع بلدان شمال إفريقيا"، واكد بن غوريون في موقع آخر 13/8/1948 قائلا:"إنني اعتبر المقدمة الكبرى الرئيسية التي تحتل مركز الصدارة في تفكيرنا بأسره، لا بل توجه حركتنا وسياستنا بأجمعها، هي التالية: بأن الدولة ليست هدفاً في حد ذاته، بل هي وسيلة إلى الهدف ، والهدف هو الصهيونية"، وجاء ايضا في الكتاب السنوي لحكومة إسرائيل سنة 1957 على لسان بن غوريون: "لو أن دولة إسرائيل قامت كلياً، وفرغت من تحقيق رسالتها التاريخية، لما كان هناك معنى للنقاش، عمن بنى الدولة وأقامها، لكننا لا نزال في بداية الطريق، وأمامنا طريق طويلة وشاقة، لذا يتوجب علينا الإلحاح الشديد على الحقيقة الأولية، بأن المهاجرين وحدهم قد بنوا أرض إسرائيل وسوف يبنونها في المستقبل".
- وكان بن غوريون اهم من نظر لحدود الدولة الصهيونية ومستقبلها، فاعلن الجمعة 14 أيار 1948 في مدينة تل أبيب أمام أعضاء المجلس الوطني اليهودي الذين يمثلون اليهود في فلسطين والصهيونية العالمية:"ان قيام دولة إسرائيل يخدم"الفكرة الصهيونية"، وأكد في " إعلان قيام دولة إسرائيل ":" ان دولة إسرائيل شيء ، وأرض إسرائيل شئ آخر"، كما كثف رؤيته لحدود"مملكة اسرائيل"في المقدمة التي وضعها للكتاب السنوي لحكومة إسرائيل 10/1952، فكتب يقول:" تتألف كل دولة من الأرض والشعب، وإسرائيل لا تشذ عن هذه القاعدة، غير أنها دولة لم تأت مطابقة لأرضها أو شعبها، وأضيف الآن أنها قامت فوق جزء من أرض إسرائيل فقط، فبعضهم يتردد بصدد استرجاع حدودنا التاريخية التي جرى رسمها وتعيينها منذ بداية الزمان، وحتى هؤلاء لا يسعهم إنكار الشذوذ الذي تمثله الخطوط الجديدة ".
- ووثق ايضا رؤيته في 9/3/1964 قائلا:"إن الخريطة التي رسمتها الصهيونية لمملكتها الموعودة ما زالت أوسع بكثير من المساحات التي تم احتلالها والاستيلاء عليها بقوة السلاح، إن حدود الدولة اليهودية كانت أبعد وأوسع مما هي عليه لو كان الجنرال موشي ديان رئيساً للأركان العامة أثناء حرب سنة 1948 ضد العرب في فلسطين".
وشكلت رؤية بن غوريون تلك، القاعدة النظرية الاستراتيجية للسياسات الاسرائيلية لاحقا كافة، وبنيت عليها نظريات لا حصر لها في الحدود والامن ومستقبل "اسرائيل".
Nzaro22@hotmail.com
العرب اليوم