كيري وفلسفة نافذة الفرص..
نواف الزرو
جو 24 : بعد أن كاد مصطلح "نافذة الفرص" أن يختفي تماما من قاموس المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، يطل علينا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ليستخدم هذا المصطلح مجددا في تحذير "مرعب" للأطراف أطلقه أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، حيث قال في شهادته الأربعاء-17 / 4 / 2013 - أمام اللجنة "إن حل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين يجب أن يتم التوصل إليه في غضون العامين القادمين أو ربما ستنتهي الفرصة السانحة"، وقبل ذلك، وعندما كان رئيسا للجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي قال كيري خلال لقائه الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز "إن نافذة فرص السلام الشامل آخذة بالانغلاق 10 / 11 / 2010". ويذكر أن هذا المصطلح كان من جملة المصطلحات السياسية الكبيرة التي ظهرت بقوة، في أعقاب حرب الخليج الثانية وتدمير العراق استراتيجياً، وبالتالي انطلاق عملية السلام المزعومة من محطة مدريد، فكان ذلك المصطلح الذي يتحدث عن "نافذة الفرص التاريخية" التي فتحت لإعادة صياغة وترتيب الأوضاع والمعادلات الإقليمية الشرق أوسطية، واحتلت "نافذة الفرص التاريخية" مكانة بارزة أولاً وقبل كل شيء في الخطاب السياسي والإعلامي والدبلوماسي الإسرائيلي، وكذلك وظفها عدد من كبار الساسة والمنظرين في الدول المعنية بالعملية المدريدية للتأكيد على أهمية وتميز هذه المرحلة الجديدة في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي التي نشأت وتكرست في أعقاب حرب الخليج الثانية، وللتأكيد على الأهمية البالغة والملحة في الوقت ذاته لاستثمار هذه الفرصة التاريخية في التوصل إلى تسوية سياسية ومصالحة تاريخية بين العرب و"إسرائيل"، تتكرس في أعقابها دولة الاحتلال الإسرائيلي بوصفها دولة مشروعة وشرعية وطبيعية في الوسط العربي، وكان هناك "مأرب في نفس يعقوب" لدى كل من الساسة أو المنظرين لـ "نافذة الفرص التاريخية". فالتفسيرات الفلسطينية المختلفة على سبيل المثال لنافذة الفرص التاريخية واسعة متنوعة أحياناً تبعاً للمتحدثين عن "النافذة " ومفاهيمهم لها ومقاصدهم من ورائها، لكن الصورة مختلفة إسرائيلياً عنها فلسطينياً وعربياً، فالإسرائيليون الذين يتحدثون عن نافذة الفرص التاريخية يجمعون على أن هذه "النافذة" يجب أن تستثمر إسرائيلياً من أجل تحقيق وتكريس الأهداف والمصالح العليا الاستراتيجية الإسرائيلية، وفي مقدمتها "الأمن الإسرائيلي"، وكان اسحق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت، أول من استخدم عملياً المصطلح عشية وأبان وبعد الانتخابات الإسرائيلية التي حملته إلى رئاسة الوزراء عام 1992، اذ أكثر رابين آنذاك من الحديث عن نافذة الفرص التي فتحت أمام إسرائيل في أعقاب تدمير العراق وانطلاق عملية السلام، وكانت رسالة رابين واضحة ومقروءة لمن أراد أن يقرأها جيداً، إذ قصد رابين من جهة أولى أن يقرر حقيقة مؤلمة ترتبت على حرب الخليج الثانية وهي: أن الجبهة الشرقية الشمالية لإسرائيل قد سقطت في أعقاب تدمير قدرات العراق الإستراتيجية، وأن العرب أصبحوا أكثر من عرب، وأن الجدران العربية قد انهارت، والمناخ أصبح مهيئاً للتقدم على طريق التسوية وتكريس "إسرائيل" كدولة مشروعة وطبيعية عبر عقد معاهدات السلام مع العرب وفتح البوابات العربية من المحيط إلى الخليج أمام "إسرائيل"، وقصد رابين من وراء المصطلح من جهة أخرى أن على "إسرائيل" أن تستثمر هذه الفرصة التاريخية التي قد لا تتكرر لتتقدم نحو تكريس هيمنتها الاستراتيجية على المنطقة العربية في ظل معادلة قوى يظهر فيها الطرف العربي ضعيفاً مستسلماً للمشيئة الإسرائيلية – الأمريكية.
وقال زئيف شيف المحلل الاستراتيجي الإسرائيلي المعروف في صحيفة هآرتس: "لقد تحدث رابين كثيراً عن نافذة الفرص التاريخية التي فتحت أمام إسرائيل في أعقاب عملية السلام، وحذر من أنه إذا ما أغلقت هذه النافذة فستكون الأخطار العسكرية التي ستتهدد إسرائيل أكبر بكثير من السابق"، وإسرائيلياً كذلك كان اوري افنيري في مقدمة الذين التقطوا رسالة رابين في " نافذة الفرص التاريخية" فأكد في ختام مقاله نشرتها صحيفة معاريف قائلاً: "الآن – ويقصد بعد فوز باراك في الانتخابات الإسرائيلية وعودة حزب العمل إلى دفة الحكم عام 1998 – فتحت نافذة الفرص التاريخية التي أغلقت بعد مقتل رابين من جديد، ويجب علينا أن لا نسمح بأن تغلق هذه النافذة مرة أخرى"، وقد واصل باراك كما هو معروف نهج رابين قائده وقدوته في السياسة والأمن، ولم تختلف وجهة نظره في مسألة نافذة الفرص التاريخية عن وجهة نظر رابين، بل إنه تشدد أكثر منه في التأكيد على أن تستثمر "إسرائيل "هذه النافذة – الفرص – لتطويع المنطقة العربية والشرق أوسطية كلها لمصلحة "إسرائيل".
وعودة الى كيري، فالواضح أن استحضاره لــ"فلسفة نافذة الفرص"، هو في السياق الاسرائيلي ذاته، فالأحوال والظروف والمعطيات العربية والإقليمية الراهنة كلها تشير الى أن "نافذة الفرص التاريخية" المزعومة هي في خدمة الاجندات الاسرائيلية فقط، في حين لا يبقى أمام الفلسطينيين والعرب سوى أن يخلقوا لأنفسهم فرصتهم التاريخية التي تسمح لهم بلملمة أنفسهم وأوراقهم على طريق العودة في الصراع الى البدايات والجذور..! (العرب اليوم)
n.alzarow@alarabalyawm.net
وقال زئيف شيف المحلل الاستراتيجي الإسرائيلي المعروف في صحيفة هآرتس: "لقد تحدث رابين كثيراً عن نافذة الفرص التاريخية التي فتحت أمام إسرائيل في أعقاب عملية السلام، وحذر من أنه إذا ما أغلقت هذه النافذة فستكون الأخطار العسكرية التي ستتهدد إسرائيل أكبر بكثير من السابق"، وإسرائيلياً كذلك كان اوري افنيري في مقدمة الذين التقطوا رسالة رابين في " نافذة الفرص التاريخية" فأكد في ختام مقاله نشرتها صحيفة معاريف قائلاً: "الآن – ويقصد بعد فوز باراك في الانتخابات الإسرائيلية وعودة حزب العمل إلى دفة الحكم عام 1998 – فتحت نافذة الفرص التاريخية التي أغلقت بعد مقتل رابين من جديد، ويجب علينا أن لا نسمح بأن تغلق هذه النافذة مرة أخرى"، وقد واصل باراك كما هو معروف نهج رابين قائده وقدوته في السياسة والأمن، ولم تختلف وجهة نظره في مسألة نافذة الفرص التاريخية عن وجهة نظر رابين، بل إنه تشدد أكثر منه في التأكيد على أن تستثمر "إسرائيل "هذه النافذة – الفرص – لتطويع المنطقة العربية والشرق أوسطية كلها لمصلحة "إسرائيل".
وعودة الى كيري، فالواضح أن استحضاره لــ"فلسفة نافذة الفرص"، هو في السياق الاسرائيلي ذاته، فالأحوال والظروف والمعطيات العربية والإقليمية الراهنة كلها تشير الى أن "نافذة الفرص التاريخية" المزعومة هي في خدمة الاجندات الاسرائيلية فقط، في حين لا يبقى أمام الفلسطينيين والعرب سوى أن يخلقوا لأنفسهم فرصتهم التاريخية التي تسمح لهم بلملمة أنفسهم وأوراقهم على طريق العودة في الصراع الى البدايات والجذور..! (العرب اليوم)
n.alzarow@alarabalyawm.net