مع أبي قتادة والمقدسي وجها لوجه..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : هل لديك رغبة في لقاء الشيخين..؟! لم يخطر في بالي طبعا ان يكون الشيخان هما : ابو محمد المقدسي (عاصم طاهر البرقاوي) وابو قتادة ( عمر محمد عثمان )، لكن الرجل بادر على الفور الى تأكيد دعوتي للقائهما على مائدة عشاءمع عدد قليل من الحاضرين، قائلا : انها فرصة للحوار مع ابرز منظري التيار السلفي الجهادي، ليس في الاردن فقط، وانما في العالم الاسلامي ايضا، لن تخسر شيئا، فانت لم تلتقهما معا من قبل، ولديك وقت لقبول الدعوة او رفضها ان شئت. لم اكن بحاجة لمزيد من “المقبّلات “ حتى اقتنع بتلبية الدعوة، فقد كنت اعتقد - وما زلت - ان اقصر وافضل طريق لمعرفة اي شخص هو لقاؤه والاستماع اليه وجها لوجه، صحيح انني قرأت “للرجلين” وعنهما ايضا، لكن لا بد ان للحوار في جلسة بعيدة عن الاضواء مذاق آخر، رغم ان كثيرا من الهواجس - كما توقعت - ستعجعل هذا اللقاء استكشافيا وليس عميقا او استثنائيا كما اتمنى. كان الشيخ المقدسي ذكيا حين بادرني مستذكرا ايامه في السجن مع قراءة بعض ما كتبته من مقالات، قال لي - ربما من باب المجاملة - : كانت بعض الصحف تصلنا ويسمح لنا بقراءة بعض ما فيها وكنت اشعر انك “منصف “ فيما تكتبه، رغم اختلافي مع بعض مواقفك، كان الرجل ودودا لكن كلامه بدا حادا في لحظات ما، وقدالتزم الصمت حتى آخر ساعة في الجلسة التي استمرت اكثر من اربع ساعات. نجم الحوار كان ابو قتادة، هو الآخر حاول ان يضعني في دائرة “الاستكشاف، او ان شئت “الكشف السريري “ المبكر، قال : سبق لي ان قرأت لك لكنني رأيتك ضيفا على شاشة التلفزيون الاردني، ومقدما لاحدى جلسات الدروس العلمية الهاشمية، اذن علاقتك مع الدولة جيدة (!)، ثم استرسل في طرح بعض الاسئلة حول استقلالية الصحافة الرسمية وحول التزام الكاتب بخط الصحيفة ..، كان مفهوما بالطبع ما اراد ان يبعثه لي من رسائل “استفتاحية”، وتوقعت ايضا انه سيكون حذرا من الاسترسال في الكلام “غير المباح”. استذكر ابو قتادة خدمته في الجيش، حين كان اماما في احد السجون العسكرية، فهي كما قال من اجمل ايام حياته، ثم استفاض في الحديث عن مقتل قائد “جيش الاسلام” زهران علوش، قال مستدركا : ليس لدي معلومات عن الحادثة،لكنني احلل ما نشرته وسائل الاعلام من وقائع، تساءل: من قتل علوش، ولماذا، هل استنفد الرجل اغراضه، هل المقصود هو افشال مؤتمر الرياض، ثم استدرك مرة اخرى : اذا كان الذين قتلوه هم الروس وليس الذين “صنعوه” فهل يعني ان رؤوس الجميع من قادة التنظيمات باتت مطلوبة من اجل ابقاء النظام ..؟ فهمت من كلامه (ثم لاحقا من تعليقات المقدسي) ان علاقتهم مع “علوش” غير ودية، وان تنظيم (عائلة علوش) كما سمياه لم يكن منسجما مع افكار ومواقف التيار السلفي الجهادي مقارنة مثلا بتنظيم “جبهة النصرة” الذي سجّل الرجلان عليه بعض الملاحظات لكنهما لم يرفضاه بالمطلق، قال المقدسي هنا : لقد اخترت الصمت بعد حادثة مقتل علوش، سألوني : لماذا لم تعزّي فيه..؟كيف افعل ذلك وانا اختلف معه، هل يريدون مني ان اعطيه شهادة “موافقة” وانا اتحفظ على كثير مما فعله، علوش افضى الى الله وربما يكون عنده تعالى افضل مني، لكنني فعلت كما فعل الرسول عليه الصلاة والسلام حين امر اصحابه ان يصلّوا على رجل مسلم مات، رفض ان يصلي عليه. لكن ما فعله الزرقاوي مثلا كان “اسوأ” مما فعله علوش ومع ذلك ذكرته بخير..؟ احتد المقدسي وقال : نعم اخطأ الزرقاوي حين فجّر في فنادق عمان، واخطأت ساجدة الريشاوي ايضا، لكن نحن نلتقي جميعا في دائرة الاخوة حتى وان تقاتلنا ، ومن حقنا ان نترحم على اموات المسلمين حتى وان اخطأوا، لكن لن اعزي علنا في وفاة علوش رغم ما وصلني من مطالبات واتهامات، لكي لا تفهم التعزية انني اوافقه على ما فعله. لماذا،اذا رفضتم مبايعة البغدادي، وكيف يمكن ان نفهم معارضتكم وحملتكم ضد داعش، وهل هم مجرد “فقاعة” كما قلتم ..؟ نظر المقدسي الى ابي قتادة وكأنه يستأذنه في الاجابة،ثم قال : لا احب الكلام الطويل، سأقول باختصار : داعش خرجت عن الخط الذي نؤمن به، بل انهم يريدون تخريب مشروعنا الاسلامي كله،صحيح اننا اساتذتهم وشيوخهم ، وكتبنا لا تزال تدّرس عندهم، لكنهم انحرفوا عن خطنا ورفضوا ان يقبلوا نصائحنا. كيف انحرفوا يا شيخ عن الخط ؟ بدأ المقدسي يسترسل في الاجابة ثم اخذ ابو قتادة فرصته للحديث مطولا عن داعش ومفهوم الدولة في الإسلام وقضايا أخرى.
الدستور
الدستور