jo24_banner
jo24_banner

هذه اخلاقنا فلماذا افتقدناها..؟!

حسين الرواشدة
جو 24 :
يرى محمد الفاضل عاشور في روح الحضارة الاسلامية ان حضارة الاسلام امتازت بالانسجام والأمن ، وليس ذلك مقصورا على انسجام وأمن اجتماعيين خارجيين تأتلف بهما العناصر والطبقات وتتقي بهما ويلات الحروب ( السياسية والدينية ) والاجتماعية ، ولكن انسجاما وأمنا داخليين وفرديين تأتلف بهما المدارك الانسانية وتتقي بهما ويلات داخل النفس الانسانية وهي ويلات الحيرة والاضطراب وتنازع الافكار والعواطف.
من يصنع هذا الائتلاف الداخلي ، انها منظومة القيم والاخلاق بالطبع ، تلك الطاقة الكبرى للتعمير التي تحمل من جانب اسمى معاني الاعلاء لشأن الانسان وأسباب الترقي للانسانية كلها ، ومن جانب آخر تدفع بهذه الطاقة وتلك الترقية الى بناء النهضة الحضارية الشاملة.
فما هو المقصود بمنظومة القيم: هل هي ثابتة ام متغيرة ، نسبية ام مطلقة؟ وبما تتميز هذه المنظومة الاسلامية عن غيرها ، وما دورها في بناء ضمير الفرد والمجتمع ، ولماذا ارتبطت الدعوة في بداياتها ، وهي دعوة للتوحيد ، بالحث على تعزيز القيم والاخلاق ، وهل يمكن استعادة دور القيم قبل استعادة قيمة الانسان؟
تلك جزء من الاسئلة التي تطرح اليوم - وما اكثرها - على صعيد ما يدور من حوارات وتراشقات حول القيم والثقافات اما الاجوبة عليها فما تزال عاجزة عن الحسم او الوصول الى الناس ، وفي ديننا تشكل القيم معيارا ثابتا للحكم والمقايسة ، وهي روح الدين ، ولهذا فهي ثابتة ومطلقة لا يمكن ان تتعرض للتغيير او الاندثار ، ومن مميزاتها وركائزها ان تقوم على اساس الايمان ، وتستند الى مرجعية واضحة في اطار رؤية الاسلام للّه تعالى والكون والحياة ، وانها انسانية اولا وعالمية وفيها تندرج ابرز ما يحتاجه الانسان من علم وعدل وعمل واخوة واعتراف بالاختلاف والتنوع ، وحرية وحقوق كاملة.. الخ ، وهي لا تخص المسلمين وحدهم وانما تتجاوز الى العالمين.
وهكذا تتميز منظومة الاخلاق في الاسلام بأنها معللة ومفهومه ، ومتوازنة وواقعية ، وتجمع بين مشروعية الوسائل ومشروعية الغايات ، ويرتبط فيها النظر بالعمل ، وتخضع لرقابة الضمير لا الخفير والقانون ، وهدفها الاساسي رضى الله تعالى واسعاد الذات والمجتمع والعالم ، ولذلك جاءت كل العبادات الكبرى لتحقق اهدافا اخلاقية ، خذ مثلا الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر ، والزكاة التي تنزع حق الفقير من الغني ، والحج الذي لا رفث فيه ولا فسوق.. الخ.والاخلاق كما يرى الجاحظ هو حال النفس بها يفعل الانسان افعاله ويوافقه على ذلك ابن مسكاوية حين يقول الاخلاق حال للنفس يدعوها لافعالها من غير فكر ولا روية فيما يرى آخرون ان الاخلاق في معظمها مكتسبة وان كان بعضها من السجية والفطرة ، ورحم الله من قال: اعلم ان الدين كله خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين.
واذا كانت ازمة العالم اليوم - ونحن جزء منه - هي ازمة قيم واخلاق، فإن اندهاش بعض المسلمين بما يصل اليهم من منتجات قيمية مستوردة ، يضيف ازمة اخرى معقدة لا بد من الانتباه إليها ، خاصة وان قيم الحداثة المعاصرة تداخلت وفشلت ، وان فكرة ادخال الزمن في باب الحكم على العقائد والقيم غير صحيحة اطلاقا ، فالمقياس هو الصواب والخطأ ، الحق والباطل لا القديم او الجديد. وخاصة - ايضا - ان العلم الذي هرب إليه الغرب لاستجلاب السعادة لم يعد عليهم الا بمزيد من الخوف والدمار.. اما نحن ففي ظل الابتلاءات التي تحاصرنا على صعيد التعليم والاعلام.. الخ ، فإن اقل ما يمكن ان نفعله للحفاظ على قيمنا وهويتنا هو فهم منظومة هذه القيم والاخلاق وترسيخها لدى اجيالنا.. لا بمجرد الكلام وانما بالفعل ايضا.

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير