الاخوان المسلمين في ساحة النخيل
يذهب كثير من الكتاب والمحللين السياسيين الى ان الاخوان المسلمين يروون في الربيع العربي فرصة ولحظة تاريخية، خاصة بعد ما تحقق من نصر سياسي لهم في بلدان الربيع العربي، وهم منتشون بذلك وكأن ذلك لا يدخل في باب فقه السياسة، ونسى هؤلاء ان جماعة الاخوان المسلمين وما يتفرع منها من حزب او تنظيم او جبهة او حركة هم الاكبر والاهم والاكثر تنظيما، وهي شهادة بحقهم يشهد لهم بذلك القاصي والداني، ممن ليس على عينيه غشاوة.
ما سبق مقدمة للخطأ الذي ترتكبه حكومة فايز الطراونه ومن يقف خلفها من الاجهزة الامنية او من أي جهة كانت، جراء هذا التجييش والحشد الاعلامي للمسيرة التي قررت جبهة العمل الاسلامي ومن معها ان تنطلق بها يوم الجمعة القادم للمطالبة بإصلاح حقيقي، وهو تجييش لا يصب بأي حال من الاحوال في مصلحة الوطن الذين اصبحوا يتباكون ويدعون الحرص عليه جراء مسيرة الجمعة القادمة، وهو ايضا يرفع من درجة الاحتقان السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الاردن، خاصة مع لهجة التهديد والوعيد من قبل الحكومة للمسيرة ،وهو يعبر عن قصر نظر ورؤيا حين تضع تلك الحكومة نفسها في الخندق المقابل، لمن يحاول ان يعبر سلميا عن مطالبه التي كفلها له الدستور والقوانين.
وحقيقة الامر لا افهم معنى ان تتفرغ اغلب الصحف واعمدتها وكتابها الذين هبطوا علينا من السماء لتصب الزيت على النار، وتصر على وصف المسيرة المفترضة بانها اثارة للفتنة وافتعال للصدام مع الطرف الاخر، الذين جلبوا على عجل لأمر دبر في ليل، بل ان تك الصحف عمدت على اغتيال سمعة شخصيات وطنية نظيفة ونزيهة من خلال التشكيك بوطنيتها وانتمائها للوطن ومحاولة خلق فتنة بينها لعن الله من ايقظها.
وللعلم، وحتى لا ننسى فان تلك المسيرة هي للمناداة بالإصلاح الذي يسير خطوة الى الامام وخطوتين الى الوراء، حسب مستجدات المشهد العربي والاقليمي، مسيرة تنادي بإصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي خاصة ان الفساد والمحسوبية والعشائرية اصبحت تنخر في جسد الوطن دونما حسيب او رقيب، وهي مطالب نادى بها واكد عليها الملك عبد الله الثاني نفسه في كل المحافل المحلية والاقليمية والدولية، وهي مسيرة من ضمن مسيرات سبقت لم نلحظ هذا الخوف منها وهذا الهجوم الاعلامي المركز عليها.
انني وحين اتابع بكل اسف وحزن وغضب ما يجري على الساحة الاردنية، من محاولات لافتعال الصدام مع المنظمين للمسيرة من خلال الزج "بشبيحتهم وبلطجيتهم " فما هو الا ضرب للوحدة الوطنية والاجتماعية في البلاد، واي احتكاك ـ لا سمح الله ـ قد يؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها، في ظل الاحتقان الذي يسود، وهو امر مرفوض جملة وتفصيلا، لان الجميع خاسر والرابح واحد، له مصلحة كبرى ان تظل الديموقراطية عرجاء لا تسمن ولا تغني من جوع .
وانا هنا لا ادافع عن تنظيم معين، بل ولست منتم لأي منهم، وهم الاقدر على الدفاع عن انفسهم ولديهم من هو أكفأ مني ليقوم بذلك، ولكنها كلمة حق تقال في زمن اصبح الباطل صوته يعلو على صوت العقل والحقيقة، وهي كلمة حق كي لا تصبح ساحة النخيل ساحة للتنكيل لكل من يطالب بالإصلاح باسم المحافظة والخوف على الوطن.
علام منصور
كاتب وباحث