jo24_banner
jo24_banner

في سوريا الانحياز للوطن فقط

علام منصور
جو 24 :

هي مسالة زمن فقط وينتهي بشار الاسد، وهذا لا يدخل في باب وثقافة التشفي، بل في محاولة لفهم ما يجري من احداث وتداعيات وقتل وتدمير ذاتي، مما يجعلنا نتساءل هل يستحق ان اكون حاكما حتى ولو على مقبرة من الاموات والاشلاء؟


ان الحديث في المسالة السورية حديث صعب وشائك ومتشابك، تدخلنا في محاولة فهم السلوك العربي الاجتماعي، وردود أفعاله على احداث وهزات سياسية عميقة تعصف بمجتمع ودول عربية، فما رأيناه ان هناك اجماع على تطورات الاحداث التي بدأت في تونس ووجدت تأييدا وزخما كبيرا لها في الشارع العربي بالمشرق والمغرب، وانتهاء بانتفاضة الشعب الليبي العسكرية التي اختلط فيها الحابل بالنابل، مرورا بتداعيات المشهد المصري والذي وجد تأييدا واسعا من خارج مصر وانقساما الى حد ما داخلها يعود لأسباب لا يتسع المقام في تناولها، وما آلت اليه الامور في اليمن السعيد من ثورة لم تكتمل.


ما استغربه ان بعضا من العرب ما زال يدافع عن الرئيس بشار الاسد، ولم نره يدافع عن زعماء قضوا نحبهم او تاهوا في السماء او اسودت وجوههم او ردوا الى ارذل العمر، مع ان الطاغية هو طاغية بغض النظر عن لونه وجنسه وعرقه وطائفته، وان الحاكم الفرد هو اسوأ من يمكننا ان نتخيله يحكم شعبا، ومع ذلك وجدنا خاصة من فئات ونخب سياسية وفكرية وثقافية تدافع عن طاغية وعن مستبد بل وحاولت ان تشرعن له كل سلوكياته في احاديث وقصص وسرديات اكل الزمان عليها وشرب.


كنت اتمنى على تلك النخب ان اراها تدافع عن الوطن السوري وعن روحه وعن تاريخه وهن حضارته ولا تختزل كل الوطن السوري في شخص او فرد او مجموعة او طائفة، فكم جربنا ان نؤله ذلك الفرد الذي سرعان ما كان يغادرنا على اول طائرة او يقتلنا حتى آخر رضيع فينا .
ومن يدافع عن الوطن السوري ليس بالضرورة ان يكون منحازا لمعسكر اخر او مصطفا الى جانب معين ، فلا تصح حينها المعادلة لان ذلك لا يعني ان اكون متماهيا مع ذلك الطرف، ولا يعني ان من يكثر البكاء عليك من الضروري انه يحبك.


تستحق شعوبنا العربية بعد كل هذه العقود العجاف ان ترتاح قليلا وان تختار بنفسها ماذا تريد ومن تريد، وتستحق ان تختار حاكمها وقائدها وزعيمها، بعيدا عن التأليه والتبجيل والتعظيم، لان ما سبق مما شاهدناه كفيل بإعطائنا الكثير من العبر لمن اراد ان يتعظ من الزعماء خاصة.


نهاية المطاف،، ان كل انحراف للبوصلة عن فلسطين ستكون هكذا تداعياته، لأنها لب واصل وجوهر وعنوان كل شيء وكل مرحلة، وما فيها من كيان سرطاني هو من يجب ان توجه اليه الانظار دوما، وكل ثورة او انتفاضة ان لم تحدد موقفها من ذلك الكيان سرا وعلانية ووضوحا كوضوح الشمس ستكون موضع شك ما لم يثبت العكس، وان ارادة الشعوب لا تنكسر مهما حاول زعماؤه ان يكسروها، وان علينا ان نتيقن من انهم هم زائلون والوطن باق، اللهم الا من كانت نفسه رخيصة عليه.

علام منصور / باحث وكاتب

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير