2024-08-28 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

ثورة لم تكتمل

علام منصور
جو 24 :

من كان يستمع للمستشار القاضي احمد رفعت وهو يمجد بالثورة المصرية في محاكمة القرن للرئيس المخلوع مبارك ونجليه واركان حكمه, كان يظن انه يستمع لبيان سياسي ثوري, وما ان حانت ساعة الحقيقة والنطق بالحكم حتى اصبح ظاهرا للعيان ان القضاء المصري لم يكن نزيها ولا عادلا, وكانت الاحكام على مبارك والحبيب العادلي ما هي الا ذر للرماد في العيون واحتيال على الثورة وخيانة وتنصل وتنكر لدماء الشهداء الذين كانوا الورود التي تفتحت في جناين مصر .


ان المتتبع لمسار الثورة المصرية كان يلمس ما يدبر لها بليل من خلال مماطلات المجلس العسكري في تسليم السلطة الى رئيس منتخب, وما رافق ذلك من احداث وازدياد في عدد القتلى في جموع المتظاهرين سلميا في الميادين العامة وشيطنة الثورة وتقزيم انجازاتها امام المواطن المصري الفقير البسيط, وان الفوضى والفتن ما ظهر منها وما بطن هي التي ستكون طريقا للمصريين.


وتجلى زيف ومخادعة المجلس العسكري من خلال الزج بمرشح فلول النظام السابق بالترشح للانتخابات, بل وحشد ماكينة اعلامية شيطانية له عملت بالسر وبالجهر ومولت حملته بالاموال التي نهبها من جيوب المصريين على مدى ثلاثة عقود، ناهيك عن تدخل قوى عربية واقليمية دولية لا تريد خيرا للثورة المصرية ولا لشعب مصر .


لقد كان زج مصر في الفوضى السياسية والاجتماعية والاقتصادية خطة مدروسة بعناية، للوصول الى الحكم الذي تم النطق به من خلال تبرئة من قاموا ونفذوا القتل بحق المتظاهرين الابرياء, وتبرئة نجلية من تهم الفساد والافساد وشراء الذمم والاستغلال للوظيفة والتلاعب باموال وقوت الشعب المصري، وكأن الحكم على المخلوع مبارك والعادلي كان كافيا، واصبح حال القضاء المصري كمن يحاكم الرأس ويبريء اليد التي اقترفت الجريمة!


ان اكثر ما يثير الغرابة والريبة في كل مسار الثورة المصرية ومحاكمة القرن لرأس واركان النظام المخلوع هو اختزالها بايام الثورة فقط, وكأن كل ما سبق من الحكم كان لبنا وعسلا وأمنا وأمانا وطمأنينة ، كان الاجدر والاولى ان تكون المحاكمة "جردة حساب " لثلاثة عقود من سرقة مصر ولتاريخها ولتآمر الحكم فيها على القضايا العربية المصيرية, وعلى تعاملها مع العدو الصهيوني وبيع مقدرات مصر الاقتصادية له بالمجان، لا ان تكون المحاكمة على اعداد الشهداء الذين سقطوا ابان الثورة المصرية, مع كل ما نكنه لهم من تبجيل وتقدير، لانه من الضروري ان لا ننسى ان لحظة سقوط فرعون العصر في مصر كان الحداد يعم اركان الدولة العبرية التي قالت انها قد خسرت كنزها الاستراتيجي.


ان المسؤولية الآن تقع على كاهل الشعب المصري, وعلى جميع القوى السياسية فيه باختلاف توجهاتها وعليها ان تتحد وان تعمل مع بعضها البعض لاعادة الألق الى الثورة المصرية والمحافظة عليها من الذين اطلوا برؤوسهم وايديهم, ويريدون ان يعيدوا مصر مرة اخرى " عزبة " لهم ولابنائهم وابناء ابنائهم ،، الحذر الحذر, فالقادم لمصر كبير وعظيم, واللاعبون الذين يريدون شرا لها ولأمتنا العربية بان تاخذ مصر دورها الريادي والحضاري والقيادي ايضا هم كثر وينتظرون ساعة الصفر ليعودوا من جديد .


علام منصور / كاتب وباحث سياسي

تابعو الأردن 24 على google news