مرحلة «الفرز» معنا أو ضدنا : ما هو خيارنا ..؟!
حسين الرواشدة
جو 24 : لا يوجد حتى الآن اي افق لحوار ايراني سعودي , فقد وصل الطرفان - على ما يبدو - الى قناعة تامة بحتمية “ المواجهة”، ليس بالضرورة من خلال الحرب المباشرة التي يصعب تصور حدوثها , وانما من خلال سلسلة الحروب السياسية والاقتصادية والاخرى غير المباشرة, ونماذج هذه الحروب الاخيرة موجودة ومستمرة , سواء في سوريا او اليمن او العراق او “ في تخفيض اسعار النفط” , لكنها ستأخذ منحى جديدا في المستقبل على ايقاع “ المفاصلة “ بين مشروعين احدهما ايراني والاخر سعودي , واخطر ما في هذه “ المفاصلة “ هو مرجعيتها المذهبية , حيث ستحاول ايران ان تحشد الشيعة الذين يشكلون امتدادا لنفوذها في المنطقة , كما ستحاول السعودية ان تعزز تحالفاتها مع الدول السنيّة , مما يذكرنا بما حدث في تاريخنا بين العثمانيين السنّة و الصفويين الشيعة في القرنين السادس عشر والسابع عشر .
اذا سلّمنا ان حالة الفرز المذهبي اكتملت , وان المشروعين اصبحا واقعين على الارض , فاننا سنجد انفسنا امام ثلاث حقائق فاجعة, اولها ان المنطقة تعاني من حالة فراغ كبير لا يوجد حتى الان من يستطيع ان يملأه ، فقد ماتت السياسة في عالمنا العربي والاسلامي وهرمت مؤسساتها , ولم يعد بوسع اي دولة ان تقود هذا الجسد العربي المنهك بالحروب والصراعات , اما الحقيقة الثانية فهي ان البديل لهذا الفراغ سيكون نشوء اصطفافات جديدة , وقد بدأت فعلا حيث يحاول كل طرف استقطاب من يؤمن بمشروعه او يتعاطف معه , على قاعدة “ اما معنا او ضدنا” , وبالتالي فان المشهد سيكون اكثر قتامة اذا ما تذكرنا ان الحرب هي التي ستقرر طبيعة العلاقات بين دولنا , وان “الحياد “ مهما كان نوعه سيكون مرفوضا او غير مرحب به على الاقل .
اما الحقيقة الثالثة فهي انه في ظل هذا الفرز الذي حدث داخل الملة الواحدة , وجدنا انفسنا امام مفارقتين : الاولى “ غياب “ العدو الاصلي “ اسرائيل “ الذي كان يمثل نقطة مركزية لاي مواجهة بالنسبة لامتنا , والثانية غياب “ الوسطاء “ العقلاء الذين كان يفترض ان يتدخلوا للتقريب بين مواقف الاطراف المتصارعة , لكنهم للاسف تركوا هذه المهمة لغيرهم ( يقال بان امريكا تحاول احتواء الاختلاف الايراني السعودي ) مما يدفعنا الى الشعور بالخيبة مما وصلت اليه اوضاع بلداننا العربية والاسلامية من تدهور , ليس في المجال السياسي فقط وانما في المجالات الانسانية والاخلاقية ايضا .
اذا تجاوزنا فكرة المشروع الايراني الذي خرج من دائرتي الثورة والدولة معا الى دائرة “ الامبراطورية “ وتجاوزنا تحالفات طهران ( روسيا والصين والصفقة الكبرى مع الغرب ) وميليشاتها في خمس عواصم عربية على الاقل، وامتداداتها المذهبية في الدول الاخرى , فان فكرة المشروع الذي تقوده السعودية خرج هو الاخر من دائرة المواجهة بين السعودية وايران الى دائرة اوسع تشمل العالم السني كله, وبالتالي فان خيار “ معنا او ضدنا “ الذي اشار اليه بعض المقربين من داخل “ مطبخ “ القرار هناك سيفرض ايقاعه على علاقات السعودية مع محيطها العربي والاسلامي , ليس لان السعودية ( من وجهة نظرها) تقف ضد المد الايراني الذي يهدد المنطقة , وانما لان غياب تواجد “ تحالف سني “ قوي ومتماسك سيغري ايران ايضا على التمادي في فرض طموحاتها وتنفيذ مشروعها دون اي اعتبار لاحد .
امام حالة الفرز هذه سيكون من الصعب على الدول التي تحاول ان تقف “ في المنتصف” او الاخرى التي تريد ان تنأى بنفسها عن الصراع المذهبي ( ومنها الاردن ), او حتى على الدول التي تناور على الخطين بشكل انتهازي احيانا , والاخرى التي تحاول ان تتوسط في اطار المساعي الحميدة “ للتهدئة “ او التقريب بين الاخوة والاعداء ,سيكون من الصعب على الجميع ان يحافظ على خياراته , تماما كما حدث للاوروبيين في الحرب العالمية الثانية ضد “ النازيين “ اذوجدوا انفسهم مضطرين للوقوف ضد “ النازية “ اخيرا , وتنازلوا عن مخاوفهم من امتداد الحرب , وهكذا فان من المؤكد ان صدام المشروعين سياخذ الجميع الى دائرة استقطاب اضطراري , وسنجد انفسنا فعلا امام خيار واحد : اما معنا او ضدنا , اما السؤال المهم بالنسبة لنا فهو : ماذا سيكون خيارنا نحن ..؟ حتى الان لم تتضح الاجابة.
الدستور
اذا سلّمنا ان حالة الفرز المذهبي اكتملت , وان المشروعين اصبحا واقعين على الارض , فاننا سنجد انفسنا امام ثلاث حقائق فاجعة, اولها ان المنطقة تعاني من حالة فراغ كبير لا يوجد حتى الان من يستطيع ان يملأه ، فقد ماتت السياسة في عالمنا العربي والاسلامي وهرمت مؤسساتها , ولم يعد بوسع اي دولة ان تقود هذا الجسد العربي المنهك بالحروب والصراعات , اما الحقيقة الثانية فهي ان البديل لهذا الفراغ سيكون نشوء اصطفافات جديدة , وقد بدأت فعلا حيث يحاول كل طرف استقطاب من يؤمن بمشروعه او يتعاطف معه , على قاعدة “ اما معنا او ضدنا” , وبالتالي فان المشهد سيكون اكثر قتامة اذا ما تذكرنا ان الحرب هي التي ستقرر طبيعة العلاقات بين دولنا , وان “الحياد “ مهما كان نوعه سيكون مرفوضا او غير مرحب به على الاقل .
اما الحقيقة الثالثة فهي انه في ظل هذا الفرز الذي حدث داخل الملة الواحدة , وجدنا انفسنا امام مفارقتين : الاولى “ غياب “ العدو الاصلي “ اسرائيل “ الذي كان يمثل نقطة مركزية لاي مواجهة بالنسبة لامتنا , والثانية غياب “ الوسطاء “ العقلاء الذين كان يفترض ان يتدخلوا للتقريب بين مواقف الاطراف المتصارعة , لكنهم للاسف تركوا هذه المهمة لغيرهم ( يقال بان امريكا تحاول احتواء الاختلاف الايراني السعودي ) مما يدفعنا الى الشعور بالخيبة مما وصلت اليه اوضاع بلداننا العربية والاسلامية من تدهور , ليس في المجال السياسي فقط وانما في المجالات الانسانية والاخلاقية ايضا .
اذا تجاوزنا فكرة المشروع الايراني الذي خرج من دائرتي الثورة والدولة معا الى دائرة “ الامبراطورية “ وتجاوزنا تحالفات طهران ( روسيا والصين والصفقة الكبرى مع الغرب ) وميليشاتها في خمس عواصم عربية على الاقل، وامتداداتها المذهبية في الدول الاخرى , فان فكرة المشروع الذي تقوده السعودية خرج هو الاخر من دائرة المواجهة بين السعودية وايران الى دائرة اوسع تشمل العالم السني كله, وبالتالي فان خيار “ معنا او ضدنا “ الذي اشار اليه بعض المقربين من داخل “ مطبخ “ القرار هناك سيفرض ايقاعه على علاقات السعودية مع محيطها العربي والاسلامي , ليس لان السعودية ( من وجهة نظرها) تقف ضد المد الايراني الذي يهدد المنطقة , وانما لان غياب تواجد “ تحالف سني “ قوي ومتماسك سيغري ايران ايضا على التمادي في فرض طموحاتها وتنفيذ مشروعها دون اي اعتبار لاحد .
امام حالة الفرز هذه سيكون من الصعب على الدول التي تحاول ان تقف “ في المنتصف” او الاخرى التي تريد ان تنأى بنفسها عن الصراع المذهبي ( ومنها الاردن ), او حتى على الدول التي تناور على الخطين بشكل انتهازي احيانا , والاخرى التي تحاول ان تتوسط في اطار المساعي الحميدة “ للتهدئة “ او التقريب بين الاخوة والاعداء ,سيكون من الصعب على الجميع ان يحافظ على خياراته , تماما كما حدث للاوروبيين في الحرب العالمية الثانية ضد “ النازيين “ اذوجدوا انفسهم مضطرين للوقوف ضد “ النازية “ اخيرا , وتنازلوا عن مخاوفهم من امتداد الحرب , وهكذا فان من المؤكد ان صدام المشروعين سياخذ الجميع الى دائرة استقطاب اضطراري , وسنجد انفسنا فعلا امام خيار واحد : اما معنا او ضدنا , اما السؤال المهم بالنسبة لنا فهو : ماذا سيكون خيارنا نحن ..؟ حتى الان لم تتضح الاجابة.
الدستور