2024-12-25 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

لكي لا ينتقل صراخ « المولات » الى الشارع!

حسين الرواشدة
جو 24 : التهديدات التي اطلقها بعض المستثمرين باغلاق “ محلاتهم “ ، او حزم حقائبهم للسفر ونقل استثماراتهم الى خارج الاردن , تبدو مفهومة في سياق الاجراءات التي تتبعها الحكومة ,سواء على صعيد ارتفاع فاتورة الكهرباء والضرائب ، او على صعيد البيروقراطية الادارية الطاردة للاستثمار , لكن ماذا عن “ الفقراء “ الذين تحملوا فاتورة الغلاء وتراجع الدخول , هؤلاء لم نسمع تهديداتهم بعد , ولا نتوقع - بالطبع - ان يحزموا حقائبهم للرحيل بحثا عن ملاذات امنة تسد حاجاتهم , او تسعفهم في العيش بكرامة .
ليس لدي ما يجعلني اتحمس للدفاع عن اخواننا المستثمرين في “ المولات “ او غيرها , ليس لان رحيلهم خسارة ( وهوكذلك) لحركة الاقتصاد في بلدنا , وانما لان اصواتهم مرتفعة بما يكفي للدفاع عن “ رؤوس اموالهم “ ،كما ان قنواتهم مفتوحة تماما مع المسؤولين , لكن ما يهمني هم اهلنا الذين ضاقت بهم ظروف الحياة , فوقعوا ضحايا للفقر والبطالة والعوز , ولم يجدوا من يدافع عنهم او يرفع صوته بالنيابة عنهم , وحتى لو حصل ذلك فان ابواب المسؤولين ما زالت مسدودة امام مطالبهم , سواء بحجة (العيد البصيرة واليد القصيرة ) , بدعوى “ ليس بالامكان افضل مما كان “.
ان اخشى ما اخشاه هو ان يفقد هؤلاء الناس الطيبون قدرتهم على التحمل , او ان يفهم صمتهم في اطار “ القبول” بالنصيب والاستسلام للقدر , او ان يدفعهم الاحساس بالتهميش والظلم الى “ الاحتجاج” بصور لم نتوقعها , وعندها سنتفاجأ بتحولات اجتماعية صادمة ومربكة ، وربما نقع فيما وقع فيه غيرنا حين استهانوا بصمت المهمشين ، او راهنوا على صمتهم وصبرهم.
من المفارقات ان “ رأس المال “ لديه القدرة على التهديد , ولديه ايضا الرغبة في الرحيل , فيما “ رأس الفقر “ لا يهدد ولا يريد ان يزحل عن وطنه , ومن المفارقات ايضا ان الفقراء , يدفعون في الغالب فاتورة “ رضى “ المستثمرين و “ حردهم “ , كما انهم يدفعون ضريبة تشجيع الحكومات للاستثمار بشكل مبالغ فيه , وضريبة تطفيش المستثمرين الحقيقيين بشكل غير مفهوم .
لا اريد ان ازجي باية نصيحة لاحد , فقد سبقني الكثيرون لذلك , لكن من واجبي ان اشير الى مسألتين : الاولى هي ان بلدنا يتعرض لحالة غير مسبوقة من الارتباك , وسوء التقدير “ السياسي “ , ربما يعود ذلك لبعض الرهانات على الناس وقدرتهم على التحمل , او بسبب المقاربات لما نحن فيه وما يعاني منه غيرنا , او ربما الاسباب تتعلق بعدم الفهم الدقيق, لما حدث في منطقتنا من احداث في السنوات الخمسة الماضية , او اخرى تتعلق بظروف داخلية وضغوطات خارجية , لكن المهم هنا ان ندرك حقيقة اساسية وهي ان رهاننا الوحيد يجب ان يكون على الناس في بلدنا , فهم – لا غيرهم – القادرون , على ضمان امننا واستقرارنا.
اما المسالة الثانية فهي ان التحولات الاجتماعية التي طرأت على مجتمعنا , تزامنت مع “ ازمة “ اقتصادية خانقة , ومع انسدادات سياسية متراكمة , مما يعني انه خطر هذه التحولات التي فأجات البعض اصبح داهما بما يكفي لدفعنا الى البحث عن معالجات حقيقية , للخروج من حالة “ الاختناق “ الى افق جديد يسمح لمجتمعنا بالتنفس والاحساس بالامل , وهذه المعالجات تشمل المجالين السياسي والاقتصادي , ولا يجوز ان تظل رهاناتنا معلقة على الحلول الامنية فقط . لانها وحدها لن تتمكن من اعادة مجتمعنا الى سكة السلامة .
هنا يجب ان لا نراهن على الوقت , فساعة الاحداث تسبقنا دائما , ولا نملك ان نوقف عقاربها , او ان نضبطها على موعد يناسبنا , كما يجب ان لا تأخذنا المقاربات الخاطئة مع تجارب غيرنا الى “ استنتاجات “ خاطئة ، او رهانات غير محسوبة , فنحن لسنا “ اشطر “ ولا احرص من غيرنا.
باختصار اذا كان رأس المال ضاق ذرعا “ بالمناخات “ والاجراءات الاقتصادية , فان رأس الانسان في بلادنا , وهو الاهم , يجب ان يحركنا لرفع المعاناة عنه , واحترام كرامته وحريته , والاستثمار فيه ، لانه الوحيد الذي يضمن لنا ما نحتاجه من ارباح وما نريد ان نتجنبه من خسائر.هذا عين العقل اذا كنا نمتلك نقطة واحدة من بحر الحكمة ولو بأثر رجعي.

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير