قانون الانتخابات: ضيق افق أم سوء نيّة
جاء مشروع قانون الانتخاب الذي حولته حكومة عون الخصاونة إلى مجلس النواب ليشكل ضربة لآمال الشارع الأردني الذي راهن على ان القانون الجديد سيؤسس لحالة سياسية صحية تساعد الاردن الخروج من الازمة السياسية التي عصفت به على مدار اكثر من عام.
وكان جوهر النقاش العام في الأردن يدور حول قانون الانتخابات الذي يمكّن الشارع الارني سياسيا، لذلك كان يجب ان يستجيب للحد الأدني من المطالب السياسية والمجتمعية التي برزت عناوينها على مدار الربيع الاردني. بشكل عام، الصيغة المقترحة من قانون الانتخابات وإن كانت افضل من القانون السابق إلا أنها تعاني من مزيج من ضيق الأفق وسؤ النية.
فلا نعرف الحكمة من تخصيص خمسة عشر مقعدا فقط للأحزاب وحصر هذه المقاعد للاحزاب المرخصة منذ عام على الأقل، الا يعني ذلك استثناء احزاب تحت التأسيس كحزب المتقاعدين العسكريين؟ أين العدالة إذن؟! الا يشكل ذلك تواطؤا ضد الحراك الاصلاحي الذي بفضله ننعم بنوع من الحرية؟ ماذا لو أراد حراك ذيبان على سبيل المثال أن يؤسس حزبا غدا، فهل سيسمح له القانون بخوض الانتخابات على قائمة حزبية؟! طبعا لا. وبهذا الطريقة إذن تضرب الحكومة ضربتها للحراك وتحرمه من ابسط حقوقه في الترشيح وتمارس بذلك اقصاء لا يمكن تبريره. فبهذه الطريقة وجهت الحكومة ضربة استباقية للحراك وكأن المطلوب اجهاض كرامة الحراك لا دمجه ليكون عامل بناء في المجتمع والدولة.
ثم ما الحكمة من اقتصار عدد المقاعد التي يمكن أن يحصل عليها اي حزب بخمسة مقاعد؟ هذا يعني من جملة ما يعني تقديم هدية لاحزاب صغيرة تحت السيطرة لا حول لها ولا قوة دون دعم رسمي، وبالتالي سنشهد تمثيلا لاحزاب اعلى بكثير من قوتها في الشارع وتعبيرا صريحا عن سؤ النية أو حتى التدخل في ارادة الشعب في اختيار ممثليه. نعرف الحساسية من قوة الإسلاميين في الشارع لكن هذه الفزاعة تستعمل لتبرير الاحتيال على الاصلاح لأن هناك الكثير من الطرق التي يمكن انتهاجها لعلاج هذه النقطة على وجه الخصوص لكن دون استهداف الاصلاح نفسه.
ملاحظة أخرى تتعلق بتقليل عدد الدوائر ما يعني ان الصوتين لكل ناخب تفقد قيمتها في الدوائر الكبرى، وربما تصبح القيمة الفعلية لها كقيمة الصوت الواحد في الدائرة الصغيرة السابقة. وهنا على مجلس النواب أن ينتبه لهذه النقطة على وجه التحديد.
في النهاية لن نقول تمخض الجبل فولد فأرا، لكن الكرة تقع في مرمى مجلس النواب لادخال التعديلات المناسبة مثل استبدال القائمة النسبية للاحزب بنظام القوائم سواء كانت حزبية او غير حزبية حتى يتمكن الحراك الجديد والهام والحيوي من المشاركة بدلا من اقصائه بدماء باردة اقرب ما يكون للمؤامرة وسؤ النية منه للاصلاح.
لقد اخفقت حكومة عون الخصاونة مرتين، الاولى عندما غازلت الاسلاميين في سياق استهدافها للحراك الاصلاحي وقدمت مشروعا أقرب لتطلعات ذاك الفصيل السياسي دون سواه، والثانية عندما اخرجت مشروع قانون انتخابات لا يلبي الحد الادني من شروط استعادة الاستقرار في الاردن. والمراقب يشعر بأن ثمة محاولة لتكييف القانون خدمة لمصالح تحالف النخب التي وإن استخدمت الحراك إلا انها تقف على النقيض منه محاولة فقط الاستئثار بعوائد الربيع الاردني دون احداث النقلة السياسية المطلوبة.