السفير الإيراني على طاولة حوار «ساخن»..!
حسين الرواشدة
جو 24 : كان السفير الايراني في عمان يتحدث بمزيج من الجدية والاعتزاز عن ثلاثة مشاريع اعتبرها نقطة تحول على مستوى وعيه الشخصي وعلى مستوى حاضر الامة الاسلامية ومستقبلها، الاول مشروع الثورة العربية الكبرى،والثاني مشروع جمال عبدالناصر، والثالث مشروع الخميني والثورة الاسلامية في ايران، قال : ان المشتركات السياسية والانسانية التي جمعت هذه المشروعات كان يمكن ان تؤسس لعلاقات دافئة بين العرب وايران، ثم استدرك الرجل وروى قصة والده (وهو من كبار العلماء) في عصر الشاه، حيث كان استجواب السافاك له يتعلق بموقفه من عبدالناصر والخميني تحديداً، يتذكر السفير هنا انه فيما كان والده في السجن عثر على صورة كبيرة في احد الكتب الموجودة في مكتبته لم يعرف من هو صاحبها، وحين خرج سأله عنها، فأخبره بأنها لجمال عبدالناصر. كان السفير –بالطبع- يرد على من يتهم ايران بامتلاك مشروع «هيمنة» فيما العرب لا يوجد لديهم اي «مشروع» قابل للحياة او للحوار ايضا، هذا غير صحيح، يقول السفير، لديكم اكثر من مشروع: الشريف حسين وجمال عبدالناصر، لقد كانا حاضرين في أذهان الايرانين الذين فكروا بالثورة على الشاه، ويمكن ان يكونا جسراً للتواصل بين العرب وإيران، ايران التي خرجت الان من الحصار وبدأت نهضتها العملية ومشروعها الحضاري، وانتم في الاردن تحديدا مؤهلون تماما لاطلاق مثل هذا المشروع. كيف يمكن ان يطمئن جيرانكم العرب على السير فوق هذه الجسور، كيف يمكن ان يقتنعوا بأنكم جيران «طيبون» وهم يرون نفوذكم يتمدد في خمسة عواصم عربية، وجنودكم في سوريا، وميليشياتكم تحارب في العراق، وايديكم تعبث في اليمن ولبنان؟ لا أدري اذا كان السؤال صادماً ومفاجئاً في جلسة لم تكن سياسية، لكن السفير محبتي فردوس حاول ان يستوعبه، قال: لا اخفي ان لنا نفوذا مؤثرا في العراق، وحضور عسكري في سوريا، لكن نحن نتدخل لمساعدة هذه الدول في تجاوز صراعاتها وحروبها، نحن قدمنا كل ما نستطيعه من معونات ومساعدات لأشقائنا السنة قبل الشيعة في العراق، ونحن من دافع عن «بغداد» لكي لا تسقط بيد داعش، بدل ان يلومنا العرب على ما حصل في العراق مثلاً يجب ان يلوموا انفسهم، اسألك :من ساهم في اسقاط بغداد بيد امريكا، ومن شارك في الحرب الثلاثينية، ومن بدأ بإرسال «المقاتلين» الى سوريا، ومن يحمي مصالحنا وحدودنا اذا لم نقم بهذه «المهمة»، لكننا مع ذلك مددنا ايدينا لكل العواصم العربية للحوار والتفاهم، وما نزال نحاول، هم لا يريدون الحوار، ويعتبرون إيران العدو الاول...لماذا يفعلون ذلك ؟لا نعرف. يا رجل، قلت انا، لم تتدخلون في شؤون دول الجوار؟ وايّ مساعدات تقدمونها غير القنابل والعسكر،وما دام ان لديكم تأثيرا ونفوذا في العراق مثلاً، لماذا لا تمنعون «الميليشيات» من ابادة اخوانكم اهل السنة في ديالى وغيرها؟ اخد السفير نفسأ طويلاً ثم قال: هذه التهم الجاهزه التي تتداولها وسائل الاعلام، أما الحقيقة فهي غير ذلك تماماً، اسمع هذه القصة التي كنت احد شهودها، حين زار الرئيس الإيراني احمدي نجاد مصر ابان عهد مرسي، شاهد من الطائرة ثلاث صور: صورة الطوابير التي تقف اما محطات الوقود، وصورة القمامة التي ملأت شوارع القاهرة، وكان سمع بأزمة الخبز آنذاك، واول ما التقى الرئيس المصري قال له بدون مقدمات: نحن لدينا ما نساعدكم به في حل هذه الازمات، الوقود الذي يصدر من ايران يمر في ميناء الاسكندرية، ويمكن ان تأخذوا حاجتكم منه وبعدها نتفاهم على السعر، ولدينا خبرة طويلة في نظافة المدن، ونعدكم ان نساعدكم في انهاء مشكلة «القمامة» في غضون شهرين..لكننا لم نتلق اي اجابة. قلت له: يا سعادة السفير، هكذا بدون مقابل؟ انتم مثلاً عرضتم على الاردن تزويدها بالنفط باسعار تفضيلية مقابل السماح بالسياحة الدينية، إذن كل خدمة تقدمونها فانكم تنتظرون ثمنها؟ ابستم الرجل وقال: ليس بالضرورة، اريد فقط ان اذكر لك اننا لم نطلب ابدا من اي مسؤول اردني ان يفتح امامنا خط الزيارات الدينية، نحن لسنا بحاجة اليها، لانها اولاً مكلفة للحكومة الايرانية ( تكلفة الشخص الواحد تبلغ 4 الاف دينار) واذا عرفنا ان معظم الراغبين في زيارة المقامات هم من الفقراء فإن الحكومة مطالبة بدفع الجزء الاكبر من هذه المبالغ، ثم ان لدينا مقامات في النجف يزورها الراغبون بذلك، وبكلفه أقل، فلماذا تصرون على المبالغة بهذا الموضوع، ونحن فعلاً لم نطلبه، اما حين عرضنا تقديم المساعدة فإننا نقصد التعاون بيننا، والمجالات متعددة علماً بأنه مضى سنوات طويلة على اخر مرة وقعنا فيها اتفاقيات التعاون، ونحن جاهزون في اي وقت للتوقيع عليها. سألته: ما مصير المواجهة الساخنة بين ايران والسعودية، ولماذا وقعتم في «فخ» اعدام النمر، ثم ما الجديد في علاقاتكم مع عمّان، بدا السفير بالإجابة. نكمل بعد غد إن شاء الله.
الدستور
الدستور