الموازنة العامة تفرض نفسها
فهد الفانك
جو 24 : هناك مبالغة كبيرة في إعطاء أهمية فائقة لسياسة رسم الموازنة العامة، التي توصف بأنها البرنامج الاقتصادي للحكومة عن سنة قادمة.
هذا صحيح لو أن نفقات الموازنة تتصف بقدر من المرونة يسمح لوزير المالية بالمناورة لإحداث الأثر المطلوب اقتصادياً.
لكن الوزير لا يتمتع بهذه المرونة، فمعظم النفقات العامة مقررة سلفاً، ومفروضة على صانع الموازنة شاء أم أبى. ومناقشة مشروع الموازنة في مجلس الوزراء لا تؤدي لتغيير أي رقم فيها.
لا يسـتطيع وزير المالية أن يخفض بند الرواتب أو التقاعد المدني والعسكري ، أو فوائد وأقساط الديون ، أو دعم الخبز والكهرباء والماء والغاز والأعلاف والبلديات والجامعات ، أو إيجارات المباني التي تشغلها الوزارات والدوائر الحكومية أو مخصصات صندوق المعونة الوطنية أو تمويل السفارات والمستشفيات والمدارس الحكومية أوالسجون إلى آخره.
ماذا يبقى غير النفقات التشغيلية للمكاتب ، مثل فواتير الماء والكهرباء والهاتف وتكاليف الصيانة والنظافة ، وأثمان القرطاسية والمطبوعات والمحروقات والمعدات والتجهيزات المختلفة.
ليس أدل على ذلك من أن اللجنة المالية قدمت اقتراحات لتخفيض العجز تتعلق كلها بهذا النوع من النفقات التشغيلية التي يفترض أن الحكومة عصرتها عاماً بعد آخر بحيث أن المزيد من ضغطها يعني التفريط بمظهر ونظافة وإنارة الدوائر الحكومية أو اختصار تكاليف الصيانة وما إلى ذلك.
وحتى لو تم ذلك فإن توصيات اللجنة لا تخص أكثر من 3% من النفقات العامة ، فماذا عن 97% الباقية؟.
الجزء الوحيد من نفقات الموازنة الذي يتمتع بالمرونة هو النفقات الرأسمالية ، ففي الإمكان (توفير) الملايين بتأجيل أو شطب المشاريع بجرة قلم!!.
نعم ، النفقات الجارية مفروضة ، وتعتبر تحصيل حاصل ، بل إن وزيراً جديداً للمالية لم ُيدخل أي تغيير في الأرقام التي أعدت في عهد وزير مالية آخر ، كما أن موازنة السنة ليست سوى نسخة من موازنة السنة السابقة.
الموازنة لا تفرض شيئاً على بنية الاقتصاد الوطني ، بل على العكس فإن الواقع الاقتصادي والاجتماعي هو الذي يفرض الموازنة.
يحسن مجلس النواب صنعاً إذا أقر مشروع الموازنة كما ورد من الحكومة دون تعديل النفقات الهامشية ، مقابل تعهد الحكومة بمحاولة تخفيض النفقات الجارية بالقدر الممكن عملياً، وفق توصيات اللجنة.
الموازنة العامة بصيغتها الراهنة ليست مفروضة على المجلس فقط ، بل على الحكومة أيضاً.
الرأي
هذا صحيح لو أن نفقات الموازنة تتصف بقدر من المرونة يسمح لوزير المالية بالمناورة لإحداث الأثر المطلوب اقتصادياً.
لكن الوزير لا يتمتع بهذه المرونة، فمعظم النفقات العامة مقررة سلفاً، ومفروضة على صانع الموازنة شاء أم أبى. ومناقشة مشروع الموازنة في مجلس الوزراء لا تؤدي لتغيير أي رقم فيها.
لا يسـتطيع وزير المالية أن يخفض بند الرواتب أو التقاعد المدني والعسكري ، أو فوائد وأقساط الديون ، أو دعم الخبز والكهرباء والماء والغاز والأعلاف والبلديات والجامعات ، أو إيجارات المباني التي تشغلها الوزارات والدوائر الحكومية أو مخصصات صندوق المعونة الوطنية أو تمويل السفارات والمستشفيات والمدارس الحكومية أوالسجون إلى آخره.
ماذا يبقى غير النفقات التشغيلية للمكاتب ، مثل فواتير الماء والكهرباء والهاتف وتكاليف الصيانة والنظافة ، وأثمان القرطاسية والمطبوعات والمحروقات والمعدات والتجهيزات المختلفة.
ليس أدل على ذلك من أن اللجنة المالية قدمت اقتراحات لتخفيض العجز تتعلق كلها بهذا النوع من النفقات التشغيلية التي يفترض أن الحكومة عصرتها عاماً بعد آخر بحيث أن المزيد من ضغطها يعني التفريط بمظهر ونظافة وإنارة الدوائر الحكومية أو اختصار تكاليف الصيانة وما إلى ذلك.
وحتى لو تم ذلك فإن توصيات اللجنة لا تخص أكثر من 3% من النفقات العامة ، فماذا عن 97% الباقية؟.
الجزء الوحيد من نفقات الموازنة الذي يتمتع بالمرونة هو النفقات الرأسمالية ، ففي الإمكان (توفير) الملايين بتأجيل أو شطب المشاريع بجرة قلم!!.
نعم ، النفقات الجارية مفروضة ، وتعتبر تحصيل حاصل ، بل إن وزيراً جديداً للمالية لم ُيدخل أي تغيير في الأرقام التي أعدت في عهد وزير مالية آخر ، كما أن موازنة السنة ليست سوى نسخة من موازنة السنة السابقة.
الموازنة لا تفرض شيئاً على بنية الاقتصاد الوطني ، بل على العكس فإن الواقع الاقتصادي والاجتماعي هو الذي يفرض الموازنة.
يحسن مجلس النواب صنعاً إذا أقر مشروع الموازنة كما ورد من الحكومة دون تعديل النفقات الهامشية ، مقابل تعهد الحكومة بمحاولة تخفيض النفقات الجارية بالقدر الممكن عملياً، وفق توصيات اللجنة.
الموازنة العامة بصيغتها الراهنة ليست مفروضة على المجلس فقط ، بل على الحكومة أيضاً.
الرأي