رسائل حكومية تبحث عن جمهور..!
حسين الرواشدة
جو 24 : لا ادري ما هي الرسائل التي ارادت الحكومة ان تبعثها للداخل الاردني من خلال المؤتمر الصحفي الذي احتشد فيه الرئيس مع طاقم من الوزراء، هل كان المواطن الاردني ينتظر ان يعرف مثلا بان هناك وعودا بمساعدات ومنح وقروض سيلمسها في المستقبل ، لكنها - كما قال الرئيس - لن ترسل “ بسلال من السماء” ،ام ان يستمع باصغاء الى “النغمة” التي لطالما يرددها مسؤولونا وهي ان موقفنا من الازمة السورية اصبح “يدرّس عالميا” ، ام ان يبتهج لاننا حوّلنا التواجد السوري والواقع الذي نواجهه الى فرص تنموية تفيد اقتصادنا - كما قال وزير التخطيط - ، ثم اننا على وشك الحصول على 1.9 مليار دولار لعامي 2016-2017 على شكل قروض ميسرة ، لكنها تحتاج الى مفاوضات صعبة مع صندوق النقد الدولي..؟
حين ندقق فيما سمعناه من اخواننا المسؤولين نجد اننا امام احتفال سابق لاوانه بما تم انجازه، وهي مجرد منح شحيحة وقروض كبيرة كما قال احد المعلقين الاقتصاديين، كما نجد ان اختزال ازمة اللجوء السوري في بلادنا بمجرد تعويضات وقروض ومساعدات مالية معادلة ليست مفهومة ، فالازمة اكبر من ان تحشر في هذه الزاوية الضيقة، فهي كما قال الملك قبل ايام ثير غضب الاردنيين وغليانهم ايضا ، ثم ان المواطن الاردني الذي يعاني من ظروف اقتصادية صعبة ،ليس فقط بسبب اللجوء وانما بسبب السياسات الحكومية، يريد ان يرى حلولا مباشرة وسريعة لمشكلاته ، ثم ان الحديث عن اننا نقوم بالواجب اتجاه اللاجئين نيابة عن العالم واننا بالتالي لا نتسول يحتاج الى تفاصيل لم يقلها مسؤولونا ، فأين كانت الحكومة منذ اربعة اعوام عن هذه الازمة ، وكيف ادارتها ، ولماذا لم نفعل كما فعل غيرنا حين ضبطوا حدودهم ، ووضعوا المجتمع الدولي منذ البداية امام واجباته وما عليه من استحقاقات.
كنا بالطبع بانتظار ان نسمع كلاما آخر، والاهم من ذلك ان تذهب بنا الحكومة الى عناوين اخطرتحظى باهتمام الناس وتثير مخاوفهم ايضا ،خذ مثلا موقفنا من التحولات التي تجري في سوريا ، وعلى حدودنا الشمالية تحديدا، وخذ التصريحات التي صدرت من السعودية عن اقتراح الحرب البرية وفيما اذا كنا سنشارك فيها ام لا ، وخذ ثالثا ملف الحرب على الارهاب الذي يبدو انه تعطل منذ شهور ، وخطر داعش علينا سواء على صعيد التنظيم او الفكرة ، وفيما اذا كان لدينا استراتيجية حقيقية لمواجهة التطرف بعد ان ثبت ان الاستراتيجية الحكومية التي لم يعلن عنها ولم يناقشها احد كانت مجرد توزيع للادوار الامنية على المؤسسات.
ربما يقال هنا ان المؤتمر الحكومي كان مخصصا لشرح “الامتيازات” التي حصل عليها الاردن من مؤتمر المانحين في لندن، لا بأس ، وحتى لو افترضنا ذلك ، فان ازمة اللجوء التي يتعرض لها بلدنا هي جزء من ملف الحرب التي تشتعل على حدودنا وبالتالي فان المواطن الاردني يريد ان يعرف على اي ارض نضع اقدامنا ، وفي اي اتجاه نسير ، وما الذي نفكر به ، وما هي خياراتنا ، هذا اذا كان من حق الناس ان يعرفوا ويفهموا ويطمئنوا على بلدهم لا ان يسمعوا اخباره على شكل اشاعات من الاعلام او من الخارج.
من المفارقات ان بيننا اليوم من يتحدث بصراحة عن لواقط الدولة التي تعطلت ، وعن جلدها السميك الذي يمنعها من الاحساس بمعاناة الناس ومن التقاط ذبذبات انينهم واصواتهم المبحوحة ، ومنهم من يدق ناقوس الخطر الذي يتهدد قيم مجتمعنا وعناصر قوته، ومنهم من يعتقد اننا في مرمى النيران المشتعلة التي تحاصرنا من كل اتجاه ، وبالتالي من واجبنا ان ننتبه ونتوجه الى جبهتنا الداخلية لنصارحها ونحشد قواها ونستثمر في مناعتها ونعيد اليها عافيتها ..
مقابل ذلك ، فان الاصوات التي نسمعها من مسؤولينا تبدو وكأنها من عالم آخر ، لا علاقة لها بذلك، او هي - اضعف الايمان - مشغولة بالتفاصيل والاجراءات اليومية واستعراض الانجازات ، اذا لم نقل باستفزاز الناس ودفعهم الى الجدار عبر المزيد من الضرائب والتضييق على الحريات والتحصن في ابراج بعيدة عن حياة الناس ومعاناتهم اليومية.
الخطر يداهم بلدنا ، هذه حقيقة يجب ان تكون حاضرة في اذهاننا جميعا ، ويتوجب بالتالي على الحكومة ومؤسساتنا الاخرى ان تواجهها ببرامج واضحة وخيارات مدروسة ومحددة ، وان تضع المجتمع امام معطياتها وتطوراتها واستحقاقتها ، لكي يكونوا شركاء حقيقيين في حماية بلدهم والدفاع عن وجوده ، لا ان يتفاجأوا بما ليس في حسبانهم ، او ان يدرجوا على قوائم الاحتياط لاستدعائهم وقت الحاجة..
الدستور
حين ندقق فيما سمعناه من اخواننا المسؤولين نجد اننا امام احتفال سابق لاوانه بما تم انجازه، وهي مجرد منح شحيحة وقروض كبيرة كما قال احد المعلقين الاقتصاديين، كما نجد ان اختزال ازمة اللجوء السوري في بلادنا بمجرد تعويضات وقروض ومساعدات مالية معادلة ليست مفهومة ، فالازمة اكبر من ان تحشر في هذه الزاوية الضيقة، فهي كما قال الملك قبل ايام ثير غضب الاردنيين وغليانهم ايضا ، ثم ان المواطن الاردني الذي يعاني من ظروف اقتصادية صعبة ،ليس فقط بسبب اللجوء وانما بسبب السياسات الحكومية، يريد ان يرى حلولا مباشرة وسريعة لمشكلاته ، ثم ان الحديث عن اننا نقوم بالواجب اتجاه اللاجئين نيابة عن العالم واننا بالتالي لا نتسول يحتاج الى تفاصيل لم يقلها مسؤولونا ، فأين كانت الحكومة منذ اربعة اعوام عن هذه الازمة ، وكيف ادارتها ، ولماذا لم نفعل كما فعل غيرنا حين ضبطوا حدودهم ، ووضعوا المجتمع الدولي منذ البداية امام واجباته وما عليه من استحقاقات.
كنا بالطبع بانتظار ان نسمع كلاما آخر، والاهم من ذلك ان تذهب بنا الحكومة الى عناوين اخطرتحظى باهتمام الناس وتثير مخاوفهم ايضا ،خذ مثلا موقفنا من التحولات التي تجري في سوريا ، وعلى حدودنا الشمالية تحديدا، وخذ التصريحات التي صدرت من السعودية عن اقتراح الحرب البرية وفيما اذا كنا سنشارك فيها ام لا ، وخذ ثالثا ملف الحرب على الارهاب الذي يبدو انه تعطل منذ شهور ، وخطر داعش علينا سواء على صعيد التنظيم او الفكرة ، وفيما اذا كان لدينا استراتيجية حقيقية لمواجهة التطرف بعد ان ثبت ان الاستراتيجية الحكومية التي لم يعلن عنها ولم يناقشها احد كانت مجرد توزيع للادوار الامنية على المؤسسات.
ربما يقال هنا ان المؤتمر الحكومي كان مخصصا لشرح “الامتيازات” التي حصل عليها الاردن من مؤتمر المانحين في لندن، لا بأس ، وحتى لو افترضنا ذلك ، فان ازمة اللجوء التي يتعرض لها بلدنا هي جزء من ملف الحرب التي تشتعل على حدودنا وبالتالي فان المواطن الاردني يريد ان يعرف على اي ارض نضع اقدامنا ، وفي اي اتجاه نسير ، وما الذي نفكر به ، وما هي خياراتنا ، هذا اذا كان من حق الناس ان يعرفوا ويفهموا ويطمئنوا على بلدهم لا ان يسمعوا اخباره على شكل اشاعات من الاعلام او من الخارج.
من المفارقات ان بيننا اليوم من يتحدث بصراحة عن لواقط الدولة التي تعطلت ، وعن جلدها السميك الذي يمنعها من الاحساس بمعاناة الناس ومن التقاط ذبذبات انينهم واصواتهم المبحوحة ، ومنهم من يدق ناقوس الخطر الذي يتهدد قيم مجتمعنا وعناصر قوته، ومنهم من يعتقد اننا في مرمى النيران المشتعلة التي تحاصرنا من كل اتجاه ، وبالتالي من واجبنا ان ننتبه ونتوجه الى جبهتنا الداخلية لنصارحها ونحشد قواها ونستثمر في مناعتها ونعيد اليها عافيتها ..
مقابل ذلك ، فان الاصوات التي نسمعها من مسؤولينا تبدو وكأنها من عالم آخر ، لا علاقة لها بذلك، او هي - اضعف الايمان - مشغولة بالتفاصيل والاجراءات اليومية واستعراض الانجازات ، اذا لم نقل باستفزاز الناس ودفعهم الى الجدار عبر المزيد من الضرائب والتضييق على الحريات والتحصن في ابراج بعيدة عن حياة الناس ومعاناتهم اليومية.
الخطر يداهم بلدنا ، هذه حقيقة يجب ان تكون حاضرة في اذهاننا جميعا ، ويتوجب بالتالي على الحكومة ومؤسساتنا الاخرى ان تواجهها ببرامج واضحة وخيارات مدروسة ومحددة ، وان تضع المجتمع امام معطياتها وتطوراتها واستحقاقتها ، لكي يكونوا شركاء حقيقيين في حماية بلدهم والدفاع عن وجوده ، لا ان يتفاجأوا بما ليس في حسبانهم ، او ان يدرجوا على قوائم الاحتياط لاستدعائهم وقت الحاجة..
الدستور