درس «نسخ»
أحمد حسن الزعبي
جو 24 : فشل معلمنا على مدار يومين كاملين أن يفهمنا ما معنى حصة «تعبير»..فلم يدرك أي من طلاب الصف الرابع «أ»، ما المقصود بعبارة «اخرج دفترك من حقيبتك» ..واكتب ما تفكّر..ماذا ترى ..ماذا تحلم..ماذا تتخيل!...
ولهذا انتصفت الحصة الثانية من اليوم الثاني ، و بقيت أقلامنا متأهبة بين أصابعنا ..وأفواهنا مفتوحة تشي بضياع وتيه لا مثيل لهما، بينما أذاننا تتدلي بارتخاء وجاهزية بانتظار ما سيمليه الأستاذ علينا...
الاستاذ كثير «العطاس» وغزير الدمع تجول قليلاً بين مقاعدنا ، نظر الى صفحات دفاترنا ، تفحّص الرصاص البارد المسلط على رأس السطر دون إطلاق أو ململة..حتى يأس منا..عندها اخذ الطبشورة ،فكر قليلاً ، ثم بدأ بكتابة موضوع إنشاء عن ما يعانيه من حساسية «الربيع» ، الطلاب لم يصدّقوا هذه اللحظة التاريخية حتى شرعوا ينسخون الدرس من ورائه بسرعة وانهماك ، هذا يرفع رأسه قليلاً، هذا يميّله يميناً، هذا يطيح به يسارا، هذا يسأل عن فاصلة، وآخر يسأل عن آخر حرفين من الكلمة الأولى في السطر السابع..لكن الجميع كانوا يقومون بفعل واحد وهو النقل الحرفي لما يكتبه المعلم ..
انتهى الرجل من الكتابة ورمى الطبشورة من النافذة بنزق وهو يمسح عينيه الدامعتين من حساسية الجو .. وبعد دقائق هرع الأولاد الى كرسي المعلم «ليصلّحوا» دفاترهم...مع انهم نسخوا نفس الموضوع الذي كتبه الأستاذ لهم ، الا انهم تباينوا فيما بينهم ببعض الفروقات البسيطة في سوء»الخط» والتنقيط، وإهمال الفواصل، واشارات «التعجّب»، وخلط السطور احياناً..
في نهاية الحصة ، كان جميع زملاء الصف الرابع «أ» قد حصلوا على كلمة: «شوهد»..وعبارة « أحسنت يا بطل» بالإضافة الى إشارة «صح» مقوسة النهاية ...
وقبل ان يرن الجرس بثوانٍ..وقف المعلم أمامنا فــ»عطس» عطسته الأخيرة ثم قال : كنت أريدها لكم ..حصة في «التعبير»..لكنكم تبدعون في»النسخ» أكثر ..لذا أسأل الله العلي القدير ان تصبحوا جميعاً كتاباً وصحفيين!...
ولأن معلمنا كان «رضي والدين»..فقد استجاب الله لدعوته!.
ahmedalzoubi@hotmail.com
الرأي
ولهذا انتصفت الحصة الثانية من اليوم الثاني ، و بقيت أقلامنا متأهبة بين أصابعنا ..وأفواهنا مفتوحة تشي بضياع وتيه لا مثيل لهما، بينما أذاننا تتدلي بارتخاء وجاهزية بانتظار ما سيمليه الأستاذ علينا...
الاستاذ كثير «العطاس» وغزير الدمع تجول قليلاً بين مقاعدنا ، نظر الى صفحات دفاترنا ، تفحّص الرصاص البارد المسلط على رأس السطر دون إطلاق أو ململة..حتى يأس منا..عندها اخذ الطبشورة ،فكر قليلاً ، ثم بدأ بكتابة موضوع إنشاء عن ما يعانيه من حساسية «الربيع» ، الطلاب لم يصدّقوا هذه اللحظة التاريخية حتى شرعوا ينسخون الدرس من ورائه بسرعة وانهماك ، هذا يرفع رأسه قليلاً، هذا يميّله يميناً، هذا يطيح به يسارا، هذا يسأل عن فاصلة، وآخر يسأل عن آخر حرفين من الكلمة الأولى في السطر السابع..لكن الجميع كانوا يقومون بفعل واحد وهو النقل الحرفي لما يكتبه المعلم ..
انتهى الرجل من الكتابة ورمى الطبشورة من النافذة بنزق وهو يمسح عينيه الدامعتين من حساسية الجو .. وبعد دقائق هرع الأولاد الى كرسي المعلم «ليصلّحوا» دفاترهم...مع انهم نسخوا نفس الموضوع الذي كتبه الأستاذ لهم ، الا انهم تباينوا فيما بينهم ببعض الفروقات البسيطة في سوء»الخط» والتنقيط، وإهمال الفواصل، واشارات «التعجّب»، وخلط السطور احياناً..
في نهاية الحصة ، كان جميع زملاء الصف الرابع «أ» قد حصلوا على كلمة: «شوهد»..وعبارة « أحسنت يا بطل» بالإضافة الى إشارة «صح» مقوسة النهاية ...
وقبل ان يرن الجرس بثوانٍ..وقف المعلم أمامنا فــ»عطس» عطسته الأخيرة ثم قال : كنت أريدها لكم ..حصة في «التعبير»..لكنكم تبدعون في»النسخ» أكثر ..لذا أسأل الله العلي القدير ان تصبحوا جميعاً كتاباً وصحفيين!...
ولأن معلمنا كان «رضي والدين»..فقد استجاب الله لدعوته!.
ahmedalzoubi@hotmail.com
الرأي