jo24_banner
jo24_banner

من أجل كل الوطن

حسين الرواشدة
جو 24 : ما الذي يمنع أن يعقد مجلس الوزراء جلسة «خاصة» في الطفيلة؟ فيرسي بذلك «تقليداً» سياسياً يُعمَّم بالتالي على بقية المحافظات؟ ما الذي يمنع -ايضاً- أن يجتمع رئيس الحكومة ووزراؤها في جلسة مفتوحة بأبناء الطفيلة وأن «يتحاوروا» حول قضاياهم ومشكلاتهم، وأن يصار بعد ذلك إلى «الاتفاق» على برنامج محدد؛ يستطيع أن ينقل «المحافظة» إلى «ورشة» للعمل والبناء.

هذا هو منطق «الولاية العامة»، وهذا هو «المخرج» الاساس لمواجهة «الأزمات» وفهمها واقتراح ما يناسبها من حلول، فالاردنيون خرجوا عن صمتهم وتحرروا من «امتثاليتهم» وقرروا ان يستردوا حقوقهم وحضورهم، وكان يفترض أن تلتقي معهم «الدولة» في منتصف الطريق.

الآن، يمكن أن تستدرك الحكومة سنوات طويلة من «القطيعة» مع الأطراف، فالثمن الذي دفعه الناس هناك كان يكفي لدفعنا جميعاً إلى «احتضانهم» بدل التحريض عليهم والتشكيك في مواقفهم، وكان يكفي ايضاً للاعتذار اليهم عن سياسات أهملتهم، ومقررات أحبطتهم واجراءات يمكن أن تدفع «شبابهم» إلى الجدار.

لم نسأل انفسنا بعد: لماذا يخرج الناس إلى الشارع، ولماذا تتصاعد احتجاجاتهم وترتفع اصواتهم وشعاراتهم، هل يبحثون عن «نجومية»؟ هل لديهم حسابات سياسية؟ هل شقوّا عصا الطاعة؟ هل يريدون افساد «استقرارنا» وأمننا؟.

الذين لا يعرفون تاريخ «الطفيلة» لا يمكن أن يتعاملوا مع واقعها، والذين لم يلتقوا أبناء «الطفيلة» لا يمكن أن «يفهموا» منطق اشاراتهم ولهجتهم المعاندة، وتاريخ الطفيلة «كتاب» من التضحيات والانجازات، ابتداء من مواجهة الصليبيين.. إلى «الاتراك».. ومروراً بالفتح الإسلامي الذي ترك شواهده هناك. أما رحلة «الطفايلة» فتعرفها شواطئ غزة والخليل واللد، كما تعرفها عمان والزرقاء.. وهي مليئة بالمواقف الجليلة والتضحيات.

صحيح ان في الطفيلة جوعا، (والجوع كافر)، وفيها احساس بالتهميش والظلم والاهمال، لكن ما يدفع الناس هناك إلى الغضب هو خوفهم «على الدولة»، واصرارهم على استعادة موازين العدالة فيها، هو «حرصهم» على البلد وعنادهم من أجل الدفاع عنه، فالناس هناك ولدوا «فقراء» وقنعوا بالنصيب، لكنهم مع الفقر صنعوا كبرياءهم، ومع العتب سددوا ما للوطن عليهم من واجبات، وحين انكشف مستور الفساد وقصص «العبث» بأغلى ما يملكون، غضبوا، وهو غضب مشروع ونبيل، لا من أجل الطفيلة وحدها، ولا تبعاً لمنطق المحاصصة وتوزيع الغنائم، وانما من أجل الوطن.. كل الوطن.
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news