jo24_banner
jo24_banner

بيروت «بلكونة الورد»

أحمد حسن الزعبي
جو 24 : كنا عندما نسمع اسم بيروت، نتذكّر على الفور أنفة فيروز ،وتعرّجات طريق «شتورة» ،والشوارب المفتولة الى أعلى ،نتذكّر «الشراويل» السوداء العريضة، والطرابيش الحمراء التي تعتمر رؤوس أهل الجبل مثل دحنون نيسان ..كنا عندما نسمع اسم بيروت نشتّم رائحة البنزين من سيارات المرسيدس القديمة ذات النُّمر العمومية والشتائم المهضومة لــ»شوفيرية الكابريس» الطويلة التي كانوا يتبادلونها أثناء التسابق بين بيروت وطرابلس..نتذكّر الهوّارة ،والدبكة،ولهجة أهل «شحيم» الشهية وأرجيلة «العجمي» على الشارع الرئيس المقابل لقلعة صيدا..نتذكّر عبقرية جبران، وكتب سلاّم الراسي، ونكات آل خازن ، والروشة المزروعة في كف البحر مثل خاتم عقيق ، كنا عندما نسمع اسم بيروت نتذكّر صوت الصبّوحة، ومسرح الرحابنة..وأدراج أغنية يا «هوا الحلوين» لوديع الصافي ، ومراكب الصيادين التي تكسر عين الشمس بشباكها الممتلئة...
بيروت بلكونة الورد ،ومحراب الود، تدخل الآن كتاب غينيس بأطول طابور «قمامة» في العالم...فقد تنازلت عن شالاتها الملوّنة ، وسهراتها الصيفية الضاحكة وسوار جونية المرصّع بالموج والرمل ،تنازلت عن جدائل «قطر الندى» النازلة من الشبابيك وانحازت «للزبالة» لتدخل في «فيلم طائفي طويل»..أحزن على بيروت التي كانت أرصفتها نوتة موسيقية ، وصباحاتها وتر العود الخامس تعاني من ورم « مذهبي» يخنق كل تقاسيمها التاريخية..احزن على بيروت الطالعة مثل زهرة «مارجريت» من فوهة مدفع كيف تعجز عن رفع فستانها الجميل من دنس «الفُرقة» ..بيروت التي لم يغرقها البحر ولم تغرقها الحرب تغرقها القمامة...وتدخلها في كتاب «غينيس» منفردة من بين العواصم ،لتدلق محبرة الحقد الأسود على صفحات الحب الأبيض..
المسألة تعدّت العض على الأصابع الى التفكير جدياً في بترها فسياسة «الزبالة» الوجه الآخر لــ «زبالة السياسة»..ولن يكون الحل أبداً بـ»مطامر طائفية» كما يدّعون ما لم يكن هناك إرادة وطنية بــ»طمر الطائفية» نفسها..بيروت لا تخصّكم وحدكم ،هي بيروتنا وشجرة توتنا ، هي ياسمينة ذاكرتنا ، أصابعنا مشطها وعيوننا مرآتها..بيروت قصيدة العشق،وقوام الرشق..أرجوكم لا تقسوا على سيدة الرفق..

الرأي
تابعو الأردن 24 على google news