نفطنا الأحمر
أحمد حسن الزعبي
جو 24 : تصل الخضار الطازجة يومياً من الأغوار الى عمان لكنه لا يصل «الوجع» معها،ولا يصل «الألم» المقطوف صباحاً والمغطى بأوراق الهموم المرّ، فالصوت العميق يبقى في الأرض العميقة لا يسمعه - ولا يرغب ان يسمعه - سكان الجبال العالية...
أقسى دمعة ،دمعة القهر في عيون الرجال...كانوا يتحدّثون بأصوات مخنوقة لكاميرا التلفزيون عن الديون المتراكمة ،وعن الخسائر اليومية ، عن البنوك التي تلاحقهم بالسداد، عن مراهنات الموسم ، عن «مافيات» السمسرة، كانوا يتحدّثون بشفاه مشققة وعيون غائرة وذقون مهملة بسبب الكد والشقاء ،في أصواتهم أسى ورجاء ومناشدة مكبوتة يخفيها وقار سنهم وعزّة نفس الفلاح ...حبات البندروة المسكوبة على الشوارع هي دماء المزارع الذي اقترض وتعب وسمّد وزرع وشقي...يسكبها مرغماً والدموع في عينيه أسفاً على حاله وعلى خسارته المضطردة يوماً بعد يوم..يسكبها مرغماً عندما ينساه الجميع في محنته ويتذكّرونه في ربحه مرة كل عقد من الزمان...
كيلو «البندورة» في الحقل بين «قرشين وثلاثة قروش»..كم ستغطي القروش الثلاثة..البذور ،والسماد،والري،والقطف،والتعبئة ،والنقل؟؟..ماذا سيتبقى للمزارع بعد ان تحسم كل هذه المصاريف ؟؟كم سيتبقى له ليقوم بسداد ديونه ،ودفع أقساط إقراضه الزراعي، ويغطي معيشته كمواطن عادي ...طبعاً هي الكيلو نفسها تباع بــ»60»قرشاً في عمان...فمن الذي ربح 20ضعفاً على ظهر المزارع؟؟؟...بالمناسبة باقي الخضار ليس بأحسن الحال من الشقيقة الكبرى «البندورة» ولكل منتج له حكاية في الخسارة وارتفاع كلف الإنتاج، وغصة في حلق المزارع البسيط..
**
نعرف أن خيارات التصدير شبه مغلقة..لكن في نفس الوقت لا نستطيع أن نترك «وادي الأردن» يصارع الموت والخسارة ونحن نتفرّج ،هناك خطوات تستطيع الحكومة القيام بها بشكل عاجل..زيادة مخصصات صندوق الاقراض الزراعي وتوقيف مطالبات المزارعين الى اشعار آخر،وتطمين البنوك المحلية بضمانات حكومية للقروض، وتوجيه «دينار التلفزيون» الذي ندفعه من فاتورة الكهرباء زوراً وبهتاناً دعماً للمزارعين المتضررين..وفتح أسواق جديدة غير تقليدية للمنتجات الأردنية..وعلى المدى المتوسط التفكير بحل مشكلة خسائر المزارعين جذرياً والحفاظ على سلة الغذاء الأردنية من خلال إيجاد خط دفاع أول من الصناعات المساندة للمنتجات الزراعية...وتوجيه جزء من الاستثمار الحالي للاستثمار الصناعي بالقطاع الزراعي ،فلا يعقل «دولة البندورة» لا يوجد فيها «مصنع رب بندورة»، كما لا يعقل أن تمتلئ رفوف «المولات» بمعلبات وأكياس مثلجة بالفاصوليا والباميا والفول وفطر المشروم والبازيلاء من حدائق كاليفورنيا بينما «حدائق وادي الأردن» تسكب منتجاتها على الأرض...يجب أن يوجه جزء من الاستثمار الى الصناعة الغذائية و التعليب بمواصفات عالية لغايات التصدير وايقاف كل ما هو منافس لمنتج زراعي أردني ، كيف لنا ان نحمي اقتصادنا ونحن «بارطينها» من كل الجهات!!...
«البندورة» نفطنا الأحمر لو أحسنا استغلالها واستثمارها وضبط انتاجها وكيفية تصديرها، وهي ايضاَ الدماء التي تجري في شريان وادي الأردن، ان لم نتحرك جميعاً سيتضاعف النزف..عندها لن تنفع الــ «لو» مهما كانت كبيرة وصادقة!.
أقسى دمعة ،دمعة القهر في عيون الرجال...كانوا يتحدّثون بأصوات مخنوقة لكاميرا التلفزيون عن الديون المتراكمة ،وعن الخسائر اليومية ، عن البنوك التي تلاحقهم بالسداد، عن مراهنات الموسم ، عن «مافيات» السمسرة، كانوا يتحدّثون بشفاه مشققة وعيون غائرة وذقون مهملة بسبب الكد والشقاء ،في أصواتهم أسى ورجاء ومناشدة مكبوتة يخفيها وقار سنهم وعزّة نفس الفلاح ...حبات البندروة المسكوبة على الشوارع هي دماء المزارع الذي اقترض وتعب وسمّد وزرع وشقي...يسكبها مرغماً والدموع في عينيه أسفاً على حاله وعلى خسارته المضطردة يوماً بعد يوم..يسكبها مرغماً عندما ينساه الجميع في محنته ويتذكّرونه في ربحه مرة كل عقد من الزمان...
كيلو «البندورة» في الحقل بين «قرشين وثلاثة قروش»..كم ستغطي القروش الثلاثة..البذور ،والسماد،والري،والقطف،والتعبئة ،والنقل؟؟..ماذا سيتبقى للمزارع بعد ان تحسم كل هذه المصاريف ؟؟كم سيتبقى له ليقوم بسداد ديونه ،ودفع أقساط إقراضه الزراعي، ويغطي معيشته كمواطن عادي ...طبعاً هي الكيلو نفسها تباع بــ»60»قرشاً في عمان...فمن الذي ربح 20ضعفاً على ظهر المزارع؟؟؟...بالمناسبة باقي الخضار ليس بأحسن الحال من الشقيقة الكبرى «البندورة» ولكل منتج له حكاية في الخسارة وارتفاع كلف الإنتاج، وغصة في حلق المزارع البسيط..
**
نعرف أن خيارات التصدير شبه مغلقة..لكن في نفس الوقت لا نستطيع أن نترك «وادي الأردن» يصارع الموت والخسارة ونحن نتفرّج ،هناك خطوات تستطيع الحكومة القيام بها بشكل عاجل..زيادة مخصصات صندوق الاقراض الزراعي وتوقيف مطالبات المزارعين الى اشعار آخر،وتطمين البنوك المحلية بضمانات حكومية للقروض، وتوجيه «دينار التلفزيون» الذي ندفعه من فاتورة الكهرباء زوراً وبهتاناً دعماً للمزارعين المتضررين..وفتح أسواق جديدة غير تقليدية للمنتجات الأردنية..وعلى المدى المتوسط التفكير بحل مشكلة خسائر المزارعين جذرياً والحفاظ على سلة الغذاء الأردنية من خلال إيجاد خط دفاع أول من الصناعات المساندة للمنتجات الزراعية...وتوجيه جزء من الاستثمار الحالي للاستثمار الصناعي بالقطاع الزراعي ،فلا يعقل «دولة البندورة» لا يوجد فيها «مصنع رب بندورة»، كما لا يعقل أن تمتلئ رفوف «المولات» بمعلبات وأكياس مثلجة بالفاصوليا والباميا والفول وفطر المشروم والبازيلاء من حدائق كاليفورنيا بينما «حدائق وادي الأردن» تسكب منتجاتها على الأرض...يجب أن يوجه جزء من الاستثمار الى الصناعة الغذائية و التعليب بمواصفات عالية لغايات التصدير وايقاف كل ما هو منافس لمنتج زراعي أردني ، كيف لنا ان نحمي اقتصادنا ونحن «بارطينها» من كل الجهات!!...
«البندورة» نفطنا الأحمر لو أحسنا استغلالها واستثمارها وضبط انتاجها وكيفية تصديرها، وهي ايضاَ الدماء التي تجري في شريان وادي الأردن، ان لم نتحرك جميعاً سيتضاعف النزف..عندها لن تنفع الــ «لو» مهما كانت كبيرة وصادقة!.
الرأي