درس من مصر : يحيا العدل!
حسين الرواشدة
جو 24 : بدافع امتصاص الغضب الذي اجتاح الشارع المصري بعد اعلان احكام “البراءة” على المتهمين بقتل المتظاهرين في موقعة “الجمل” اصدر الرئيس المصري قراراً باقالة النائب العام عبدالمجيد محمود، وعينه سفيراً لمصر في الفاتيكان.
القرار الرئاسي فجر أزمة سياسية وقضائية في مصر، فقد رفض النائب العام ان يتخلى عن منصبه ، وانضم اليه العديد من القضاة وفقهاء القانون الذين “رأوا” ان منصب النائب العام محصن – بموجب القانون – وغير قابل للعزل وبالتالي فانه لا يحق – حتى لرئيس الدولة – ان يتجاوز صلاحياته الدستورية حيث يسمح له القانون الحالي ان يعين النائب العام لكنه لا يسمح له بعزله من منصبه.
سارع الرئيس مرسي إلى دعوة النائب العام (المقال)، وانتهى اللقاء بينهما إلى التراجع عن القرار، وعاد الدكتور عبدالمجيد الى موقعه الذي شغله منذ سنوات.
ربما اخطأ النائب العام حين احال ملف “موقعة الجمل” الى المحكمة دون اكتمال الاوراق والبيّنات الضرورية، وربما اتسم اداؤه بأهواء سياسية افقدته النزاهة والاستقامة، وربما كان “الغضب” الذي عبر عنه المصريون تجاه الاحكام التي صدرت بسبب “تقصير” او “تدخل” النائب العام في احد اهم ملفات “الثورة” مشروعاً، لكن كل ذلك لا يبرر ان نتجاوز على القانون او ان نخضع الاحكام القضائية “للأوامر” السياسية، وبالتالي فقد اخطأ الرئيس مرسي حين استمع لمستشاريه القانونيين وصدّق قصة “استقالة” النائب العام وسارع الى اصدار مرسوم باقالته.
القانون – حين تحترم الدولة قيمها – هو الفيصل، والجميع امامه سواءً، لا فضل لحاكم او محكوم الا بمقدار التزامه بالقانون، والا فان البديل هو الاحتكام للهوى والمزاجية، وهذا درس يفترض ان نحتفي به كانجاز “للربيع العربي” الذي فتح أعيننا على “روح” الديمقراطية ومعنى العدالة، ذلك ان الذين خرجوا في مصر للدفاع عن حق النائب العام في البقاء بمنصبه لم يفعلوا ذلك “حبّاً” في الرجل او انتصاراً لشخصه، وانما حباً في العدالة وانتصارا لمنطق احترام القانون الذي يفترض ان يمارسه الرئيس قبل غيره.
ثمة ملاحظات لافتة في القصة، اولاها ان معظم قضاة مصر رفضوا قرار الرئيس، وانحازوا للدفاع عن النائب العام، وكان موقفهم يستند في الاساس للدفاع عن “القضاء” كسلطة مستقلة، وعن “القانون” الذي يجب ان يحتكم اليه الجميع، وثانيها ان الرئيس المصري عاد وتراجع عن قراره، وهي سابقة في بلداننا العربية، وثالثها ان القضاة اعتبروا ان هذا “التراجع” سيشكل تاريخاً فاصلاً في تجربة “القضاء المصري”، ويوم 13 اكتوبر سيعلن عيداً للقضاء واجازة رسمية.
لا يوجد لدي أي تعليق، لكن كل ما أتمناه أن يتكرر هذا النموذج في بلداننا العربية لكي نطمئن جميعاً الى ان موازين العدالة قائمة ومستقرة ومستقلة ولا تخضع إلاّ لسلطة القانون.
الدستور
القرار الرئاسي فجر أزمة سياسية وقضائية في مصر، فقد رفض النائب العام ان يتخلى عن منصبه ، وانضم اليه العديد من القضاة وفقهاء القانون الذين “رأوا” ان منصب النائب العام محصن – بموجب القانون – وغير قابل للعزل وبالتالي فانه لا يحق – حتى لرئيس الدولة – ان يتجاوز صلاحياته الدستورية حيث يسمح له القانون الحالي ان يعين النائب العام لكنه لا يسمح له بعزله من منصبه.
سارع الرئيس مرسي إلى دعوة النائب العام (المقال)، وانتهى اللقاء بينهما إلى التراجع عن القرار، وعاد الدكتور عبدالمجيد الى موقعه الذي شغله منذ سنوات.
ربما اخطأ النائب العام حين احال ملف “موقعة الجمل” الى المحكمة دون اكتمال الاوراق والبيّنات الضرورية، وربما اتسم اداؤه بأهواء سياسية افقدته النزاهة والاستقامة، وربما كان “الغضب” الذي عبر عنه المصريون تجاه الاحكام التي صدرت بسبب “تقصير” او “تدخل” النائب العام في احد اهم ملفات “الثورة” مشروعاً، لكن كل ذلك لا يبرر ان نتجاوز على القانون او ان نخضع الاحكام القضائية “للأوامر” السياسية، وبالتالي فقد اخطأ الرئيس مرسي حين استمع لمستشاريه القانونيين وصدّق قصة “استقالة” النائب العام وسارع الى اصدار مرسوم باقالته.
القانون – حين تحترم الدولة قيمها – هو الفيصل، والجميع امامه سواءً، لا فضل لحاكم او محكوم الا بمقدار التزامه بالقانون، والا فان البديل هو الاحتكام للهوى والمزاجية، وهذا درس يفترض ان نحتفي به كانجاز “للربيع العربي” الذي فتح أعيننا على “روح” الديمقراطية ومعنى العدالة، ذلك ان الذين خرجوا في مصر للدفاع عن حق النائب العام في البقاء بمنصبه لم يفعلوا ذلك “حبّاً” في الرجل او انتصاراً لشخصه، وانما حباً في العدالة وانتصارا لمنطق احترام القانون الذي يفترض ان يمارسه الرئيس قبل غيره.
ثمة ملاحظات لافتة في القصة، اولاها ان معظم قضاة مصر رفضوا قرار الرئيس، وانحازوا للدفاع عن النائب العام، وكان موقفهم يستند في الاساس للدفاع عن “القضاء” كسلطة مستقلة، وعن “القانون” الذي يجب ان يحتكم اليه الجميع، وثانيها ان الرئيس المصري عاد وتراجع عن قراره، وهي سابقة في بلداننا العربية، وثالثها ان القضاة اعتبروا ان هذا “التراجع” سيشكل تاريخاً فاصلاً في تجربة “القضاء المصري”، ويوم 13 اكتوبر سيعلن عيداً للقضاء واجازة رسمية.
لا يوجد لدي أي تعليق، لكن كل ما أتمناه أن يتكرر هذا النموذج في بلداننا العربية لكي نطمئن جميعاً الى ان موازين العدالة قائمة ومستقرة ومستقلة ولا تخضع إلاّ لسلطة القانون.
الدستور