درس في التشريح
في التمرين الوهمي على عمليات إطفاء الحريق ، عادة ما تقوم فرق الدفاع المدني بمحاولة إخلاء بناية مأهولة ، ثم التمثيل بنقل أحد المتواجدين هناك وإخراجه بعيداً عن مكان الحريق وإجراء بعض الإسعافات الأولية له من باب التدريب العملي ..
طلاب كلية الطب أيضاَ في السنوات المتقدّمة من دراستهم ، يأخذون درساً في التشريح، إما بإحضار جثة حقيقية خصصت لغايات التعليم والتشريح - يكون قد تدرّب عليها جميع طلاب الطب لسنوات طويلة - أو من خلال إحضار إنسان بلاستيكي ووضعه في غرفة العمليات وبالتالي شرح أجزائه للطلاب التي تبدو طبيعية ،وتفصيل وظيفة كل جزء وكيف تتم جراحته أو استئصاله...
** *
صرّح بوتين بعيد انسحابه المزعوم من سوريا قبل أيام قائلاً أن «حربنا في سوريا أفضل تدريب عملي لقواتنا» معتبراً أن الأسلحة الروسية الجديد المتطورة «اختبرت بنجاح»..
هكذا قالها بصراحة دون أن يغطيها بطبقة رقيقة من الدبلوماسية أو يحاول تغليفها بورق الانسانية اللامع .. فالشهور الستة التي أمضاها الجيش الروسي في سوريا..كان مجرد تدريب عملي على «إشعال الحريق» في وطن مأهول، مستعرضاَ قدراته على تدمير دولاً كاملة بفرق الدفاع العسكري خاصته دون أن تجرؤ أي من «الإسعافات» الدولية لتقديم أي نقّالة مفاوضات أو «امبلانص» يحوي مبعوثين أمميين.
هكذا قالها بصراحة ..هو يريد ان يعطي خصومه درساً في التشريح ، لكنه لا يريد أوطانا مستعملة من قبل ، هو يريد وطناً حيّاً ،يضعه في غرفة العمليات العسكرية ، يحضر مشرطه يقص الجلد أمام الخصوم ويريهم النزف الحقيقي ويسمعهم الصراخ وتوسلات الوجع ، يشير بمشرطه على الأجزاء النازفة ويهوي به ليريهم كيف تتم عملية الاستئصال ، ثم يخلع قفازتيه ويتركه نازفاً في غرفة العمليات ويغادر دون ان يخيط الجرح أو يوصل الشريان المقطوع..
ما قام به بوتين في سوريا هو درس في التشريح العسكري على جثث مجانية كثيرة فقط ليتأكد من دقة وفاعلية أسلحته...فسقطت وتناثرت في غرفة العمليات..لتبقى رائحة الموت تفوح في المختبر «الوطن» دون «تعقيم» ولا «تعقيب»..