jo24_banner
jo24_banner

وطن العرق .. مقال ممنوع من النشر ل احمد حسن الزعبي

أحمد حسن الزعبي
جو 24 :

منع الأحد في جريدة الرأي.

"وطن العرق" احمد حسن الزعبي

تتكاثر في 1/5 من كل عام صور "الخوذة” الصفراء والمطرقة المعدنية و”الأفرهول” الأزرق، وتصمم "بوسترات” – غير مبتكرة على الإطلاق- لا تخرج عن مفردات العامل التقليدي "الطاقية” "الخوذة” "الباطون المسلّح” و”الأفرهول” العُمّالي..

بالمناسبة صورة هذا العامل تشي بأنه أوفر حظاً من غيره ،فكثير من عمّالنا اليوم لا يرتدون فوق رؤوسهم سوى "شماغهم” العادي ، آخر النهار يغسلونه في برميل الماء ، يعصرونه ، ينفضونه، يمسحون به عرقهم ،ثم يعتمرونه من جديد ليشاركوا بعد المغرب بعرس عند الأقارب أو عزاء عند الجيران..حتى ملابس "التشخيص” التي يضعونها في بيت درج تحت الإنشاء ،لا تتميّز كثيراً عن "وعية الشغل” التي يخلعونها في الموقع !..

في الأول من أيار ،تعلق لافتات "الفليكس” على القاعات ، تتدلّى الزينة ، وتُخطّ العبارات الرنانة التي تتحدث عن العمل والعمال على "ستاندات” مثبتة بزوايا المسرح..يتكرّم مسؤول رسمي متأنق برعاية الحفل ،يمتدح السواعد السمراء ويحثّها على الاستمرار في البناء وخدمة الوطن ربما: (ليبيعه مشطّب خالص) ..ويستذكر المقولات التي أطلقها من قبله، ويعرّج على القوانين التي وضعتها الحكومات لحماية العامل…يبارك للعامل عيده ويمتدح إخلاصه في حب الوطن ، يصفق له الجميع وينزل بغرور مضاعف… في هذا الوقت يكون سائقه الخاص – المحروم حتى من الماء البارد- ما زال واقفاً في الشمس بانتظار انتهاء الاحتفال ليقلّه إلى فعالية أخرى على جدول أعماله…يتناول الحضور الحلوى – على شرف المسؤول بهذه المناسبة الوطنية – ثم يغادر الجميع مكان الاحتفال ويتركون نفاياتهم اللفظية والمادية والفكرية وراءهم ليقوم عامل النظافة المحُتفي به بجميع أكواب القهوة ،وصحون الكنافة الفارغة والملاعق المكسرة والمحارم المستهلكة وجداول الحفل الملقاة تحت الكراسي…

**

العمال – هم الوحيدون- الذين ينتظرون يوم العطلة ليعملوا، فتراهم يتكاثرون في هذا اليوم على الأرصفة، يلحقون السيارات التي تتوقف قربهم ،يصعدون بخفة إلى "البكبات”، "يتعربشون” على الشاحنات المحمّلة طلباً للعيش …العمال في أول الشهر لا يريدون كلاماً ناعماً "كبودرة الأسمنت” ..فكلامكم لا يشبعهم ، كما لا يعني لهم خطاب المسؤول شيئاً – مهما كان ساخناً – مقابل سخونة الرغيف..هم لا يريدون "تفتفاتٍ” على الميكرفونات ، "التفتفات” لا تدفع رسوم أولادهم الجامعية ، لا يريدون "بوسترات”..”البوسترات” ، لا تكتم الجرح ، ولا تعوّض الطرف المبتور ، ولا تصرف دواء الزوجة المتكرر، هم لا يريدون شعارات، "فالشعارات” لا تعيد التيار الكهربائي المقطوع عنهم او تصرف للمؤجّر دفعة عن الشهور "المكسورة”…

إذا أردتم ان تكرموا العمال حقاً ..حسّنوا معيشتهم، خفضوا الضرائب التي أثقلت كواهلهم، اسحبوا أيديكم من جيوبهم ..اذا أردتم أن تكرموا العمال حقاً ..لا تفصلوهم من عملهم وتقطعوا أرزاقهم كما فعلتم مع موظفي الملكية الأردنية ، لا تحرموهم حق انشاء نقابةٍ تحميهم وتظلّهم من قيظ الظلم الذي صار بارتفاع رمح عن رؤوسهم ، لا تورثوا أولادكم المناصب، لا تتجبروا بأصحاب الحقوق ، لا تمارسوا مع بلدكم الرؤوم كل هذا العقوق…

إذا أردتم أن تكرموا العمال حقاً…لا تسرقوا وطنهم الذي أحبوه وأحبّهم…وتستبدلوه بوطنٍ من خطابات…هم لا يريدون وطناً من ورق…هم يريدون وطنهم الحقيقي ..”وطن العرق”!!.

احمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com

 
تابعو الأردن 24 على google news