jo24_banner
jo24_banner

صامتون : لماذا .. وعلى ماذا؟

حسين الرواشدة
جو 24 : حين كتبت امس عن “الأغلبية الصامتة” سألني أحد القراء الاعزاء: هل هي صامتة حقاً؟ ولماذا تصمت وعلى ماذا ايضاً؟ هذه – بالطبع – اسئلة مشروعة لكنني بصدق لا املك اجابات وافية عليها، واعتقد ان تلك المهمة معلقة بذمة فقهائنا الاجتماعيين اولاً، ومراكز ابحاثنا – ان كانت موجودة اصلاً – ثم بذمة “الفاعلين” السياسيين الذين يفترض ان تتوفر لديهم “مراصد” موثوق بها تقدم لهم المعلومة الصحيحة والفكرة الصادقة.

ومع ذلك دعوني اجتهد واقول بأن لدينا اغلبية صامتة حقاً، لكن صمتها ليس استسلاماً ولا خوفاً، كما انه ليس اعتزالاً عن الواقع، وانما هو صمت من يعرف ويدرك، صمت له اتجاهان: اتجاه “انتظار” الامل والفرج، واتجاه الاحباط واليأس “ونفض” اليد من أي جديد، نعم لدينا اغلبية صامتة بعضها “يتفرج” على المشهد وكأنه لا يعنيه، وبعضها “يزدرد” آلامه وخيباته وبعضها يبحث عن “الستر” والاستقرار وقد رضي بأقل القليل. لكن وسط هذه “الكتلة” البشرية الثقيلة ثمة تحولات تجري بصمت ايضا، ففي العامين المنصرمين “صحا” الكثيرون على واقع جديد انكشفت فيه الاوراق، وانحسرت فيه الستائر، واتضحت كثير من “خيوط” اللعبة التي حُجبت “الغازها” عنهم، ولذلك من واجبنا أن ننتبه الى مثل هذه التحولات التي بدأها “الجيل الجديد”، لا من اجل ان نواجهها بالحصار والاستئصال او ان نتحايل عليها بالاسترضاء وانما من اجل ان نتعامل معها بمنطق “التغيير” الذي بدأت عجلته تدور بسرعة داخلنا ومن حولنا ايضاً.

لماذا يصمتون؟ بعضهم – بالطبع – يصمت بدافع “الرضا” والقبول، وبعضهم خوفاً من المجهول، وبعضهم قد يرى ان “الحركة” فريضة كفاية ويكتفون لذلك بأن ينهض بها آخرون يعبرون عنهم، وبعضهم لا يرى جدوى في “صراخ” الشارع ولا في “شعارات” النخب، وبعضهم ادركه الاحباط واستسلم “لاقدار” الغيب.. لكن – مع ذلك كله – من واجبنا ان ننتبه الى ان كل هذه الأسباب والمبررات، حتى وان كان بعضها جزءاً من سمات الشخصية العامة، لا يمكن الرهان على استمرارها، فهي تخضع للظروف وتقلبات المواسم، واخطر ما فيها أنها لا تخضع للتنبؤات والتوقعات.

على ماذا يصمتون؟ اعتقد أن هذا السؤال هو الأهم، فهل معنى هذا الصمت الرضا والقبول والقناعة، والرضا على ماذا؟ على الواقع بكل ما فيه من صور وضغوط وسلبيات وايجابيات؟ او القناعة بماذا؟ بالانجازات التي تحققت أم بالمقررات التي صدرت أم بالاخطاء التي ارتكبت؟ ثم القبول بماذا ايضاً.

حقاً لا ادري، هل يمكن للناس ان يصمتوا على “امور لا نعرفها” أو على واقع ينكرونه في الخفاء ويعجزون عن تحسينه في العلن..

هل ينمّ هذا الصمت عن رغبة في الانتقام من انفسهم ومجتمعهم، أو عن حالة من “الكسل”، هل هو نتيجة لثقافة الاستهلاك التي ابتليت بها مجتمعاتنا، أو هو دليل على تلك “الغيبوبة” التي ما تزال تعاني منها.

بصدق، ادرك تماماً انني لم استطع أن اقدم الاجابات التي اطمئن اليها، لكنها مجرد محاولة ارجو أن ترضي القارئ العزيز وتحفز الآخرين على مزيد من النقاش.



(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير